أوباما مختلف!
روزانا رمّال
سيؤرّخ تاريخ الولايات المتحدة الاميركية انّ رئيساً يُدعى باراك أوباما قد مرّ عليها مروراً لا يشبه مرور أسلافه من الرؤساء في تاريخ أميركا الحديث، وسيسجل له انه استطاع التفرّد واتخاذ أجرأ القرارات او الخطوات، وأنه رئيس اميركي فريد بدءاً من كونه اول رئيس أسود للولايات المتحدة، وصولاً الى ما يمكن ان تنتهي إليه ولايته الثانية من فتح لأبواب مغلقة وربما مسدودة ومدّ يده إلى خصومه، وربما أعدائه.
حجز باراك اوباما وإدارته معا مقعداً هاماً للحزب الديمقراطي الأميركي أيضاً في أذهان الأميركيين، فقراراته الجريئة تخطت ما كان من الممكن اعتباره عادياً بالنسبة إلى علاقات طبيعية بين الدول.
بعد 50 عاماً من المقاطعة الرسمية بين الولايات المتحدة وكوبا، ومن دون أيّ إيحاء أو تمهيد أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما عن بدء مرحلة جديدة من العلاقات الطبيعية مع كوبا، مؤكداً انّ السياسة «الجامدة» عفا عليها الزمن، وقد فشلت في ما مضى في ان يكون لها تأثير على كوبا.
يعترف أوباما اذاً بفشل أسلافه، وبجمود سياساتهم تجاه كوبا، والتي لم تفلح طيلة أكثر من 50 عاماً في تغيير ايّ شيء.
لم يبال اوباما بكلام رئيس مجلس النواب الاميركي الذي وصف الخطوة بأنها «تشجيع الدول المؤيدة للإرهاب…»
والزعيم الكوبي فيديل كاسترو أكد بدوره، بعد حديث هاتفي مع أوباما، أنّ الولايات المتحدة تنوي تطبيع العلاقات مع الدولة التي ناصبتها العداء لأكثر من نصف قرن، حسب قوله.
المشهد الفريد لا يقتصر على موقف أوباما من كوبا، بل موقفه الجديد تجاه «إيران خامنئي»، او «إيران ولاية الفقيه» حسب تعبير خصومها، وهي «الداعم الاكبر للإرهاب» بالنسبة إلى الغرب وبالأخص الاميركيين منذ قيام الثورة الإسلامية وإطاحة الشاه.
بادر اوباما الى بعث رسائل الى المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، فأحدث ضجيجاً في الوسط السياسي الأميركي بعدما أثبت البيت الابيض صحتها، لتتبعها تصريحات إيجابية نحو إيران ترجمت انفتاحاً نحو حلّ الملف الإيراني سلمياً وايجابياً مع الاتحاد الأوروبي والدول الكبرى.
استطاع أوباما إقناع الشعب الأميركي بأنّ الحوار مع ايران ليس خطيئة كبرى، وانّ الاميركيين والإيرانيين لن يتقدّموا في ايّ بحث في الشرق الاوسط من دون اللقاءات المشتركة، فكان الملف النووي مقدمة.
الخطوة تجاه كوبا والخطوة تجاه إيران الانفتاحيتين، وإنْ صورتا انتصاراً لكلّ من إيران وكوبا، إلا انهما أيضاً لم تكونا لتحصلا لولا وجود أوباما في سدة الرئاسة الأميركية متسلّحاً بصلاحيات واسعة يمنحها الدستور الاميركي للرئيس الاميركي وتتعلق باتخاذ القرارات المصيرية في سياسات البلاد.
بالرغم من انّ الظروف تغيّرت ولم تعد جميعها تصبّ في مصلحة الأميركي، وبالرغم من انّ إيران وعلى سبيل المثال استطاعت ان تثبت بصمودها ومواجهتها العقوبات الاقتصادية، انها دولة مستقلة قادرة على فرض معادلتها في المنطقة إلا انّ هذا لا يمكن ان يكون عاملاً وحيداً في تغيير الوجهة الأميركية نحو إيران، بدليل أنّ التقارير الاميركية تشير الى انه لو لم يكن اوباما رئيساً للبلاد وممثلاً عن الحزب الديمقراطي لما كان قد تصرّف رئيس الحزب الجمهوري بنفس الطريقة او سلك هذه الطرق المجهولة التداعيات على الولايات المتحدة ولو كانت في ظاهرها انفتاحية وايجابية.
اختلفوا معه في السياسة جذرياً او اتفقوا، أثبت باراك اوباما أنه مختلف.
«توب نيوز»
اليمن حسم لا فتنة