ما زالت المشنقة تتدلّى…
مريانا أمين*
… وأعتكف داخل قمقم الفكر ثم أتربّص لذاتي فأتحرّر بتجرّد الباحث، لأسكن مع قلمي المراقب لحقبة استعلت على المفهوم للقيمة البشرية وسلبت قمح الفقراء، وأنعام وبغال ومحاصيل الكادحين، وألزمتهم الصمت إما بقوة التهديد والتعذيب، أو الحبس والخدمة الإجبارية كرمى لعيون المتصرفية المتعصّبة والذميمة.
وما زالت المشنقة تتدلى…
ما زالت تتدلىّ وهي المصلوبة والشهداء أحرار وأحياء… والحكم العرفي مهزلة لم يفرض يوماً علينا الذلّ والانحناء… وتواريخ القمع المشغولة من ظلم العثمانية ما زالت وصمة عار لن تمحى من ذاكرة العقلاء…
ودماء الثورة باقية غناها أيار فصارت لحناً يعزف في العلياء…
فهل تذكرون أيها العرب!؟
هل تذكرون، حكم الجاهلية الثاني للشرق؛ كي يُعيدوكم إلى زمن التخلّف حيث هناك تتظللون فيء الاستعباد والرقّ المنسوب إليهم!؟
هل تذكرون قصة التتريك من أجل إلغاء اللغة العربية من الوجود!؟
هل تذكرون تقسيم المجتمع العربي لفئات طبقيّة ومنها (البَكَوات) الذين ما زلنا ندفع ثمن وجودهم وغطرستهم حتى اليوم!؟
هل تذكرون مجازر مليون ونصف مليون من الأرمن والكلدانيين والآشوريين؛ من أجل طمس كلّ الحضارات وسحق كلّ الأقليات!؟
هل تذكرون حصارهم لجبل لبنان وحرمانه من الطحين والقمح فمات ثلث أهله بسبب المجاعة!؟
فلا يهمّنا اليوم!
لا التعاريف ولا الأبحاث التاريخية المقيتة التي ةحتار بعض العرب في تحليلها (هل كان العثمانيون غزاة أو فاتحين)!؟
لا يهمّنا إذا كان ما يسمّى الفتح العثماني الأوّل لمصر والشام بطلب من العلماء والوجهاء والأعيان؛ كي يجعلوا الناس يرحبون بهم، ليصبحوا سبباً أساسياً لتخلّف العرب وشلّهم…
لا يهمّنا سوى معرفتنا أنهم أتوا إلينا أوّل مرة بلغة الدم والقتل والذبح والقمع وكلّ العناوين ذات الرائحة الاستبدادية الإحتلالية…
وهيهات المرة الثانية! فالامبراطورية العثمانية سقطت وعودتها من المُحال، فالماضي لا ولن يعود وتوأمة العقلية المستبدة مرفوض… مرفوض.
نحن شعوب بتنا نرفض جميع الغطرسات عثمانية أم سواها!