ذكريات مع الأمين أسد الأشقر
إعداد: لبيب ناصيف
الرفيق يوسف المسمار
حرر الرفيق يوسف المسمار، الشاعر والباحث المقيم في البرازيل، هذه المرويات بتاريخ 30/12/2018، وفيها يتحدث عن اتصاله بالامين اسد الاشقر اثناء اسره بعد الثورة الانقلابية .
ننشرها كمعلومات لتاريخنا الحزبي.
ل. ن.
* * *
« أذكر أنني أثناء زيارتي للأمين أسد الأشقر في مستشفى الكرنتينا في بيروت حدثته عن الحلقة الاذاعية التي تمت عن موضوع النظام السوري الاقتصادي القومي الاجتماعي في بيت الرفيق محمد السعدي(1) في فرن الشباك – بيروت قال لي: « انتبه يا رفيق يوسف لا تُخربطوا وتُخبّصوا في موضوع النظام الاقتصادي القومي الاجتماعي لأنه يتطلب دراسة معمقة للفكر الفلسفي القومي الاجتماعي والاطلاع والتعمق في كل ما كتب الزعيم. انتبهوا لهذا الموضوع. انتبهوا فنظامنا الاقتصادي يقوم على وحدة المجتمع وأساسه العقيدة القومية الاجتماعية « . قلت له لقد اعددت دراسة عن نظرية النظام الاقتصادي السوري القومي الاجتماعي والقيتها ارتجالاً على الطلبة ثم أعدت صياغتها من جديد وهذه هي، جئتُ بها لاعرضها عليك لتعطي رأيك فيها. تناول الأمين أسد الدراسة وقلّب أوراقها وقرأ عناوينها وبعض المقاطع منها ثم التفت اليّ وقال: « انها طويلة، لكن انتظر لأعيد نظرتي عليها، وبعد اطلاعه عليها ورقة ورقة وقراءة بعض الفقرات منها ابتسم وقال: « جيّدة. أحسنت. ان فهمك للعقيدة ساعدك على تلمّس المعنى الحقيقي لنظامنا الاقتصادي القومي الاجتماعي» سأكتب لكم دراسة في هذا الموضوع تستعينون بها عن «المركنتيلية» السائدة هذه الأيام وكانت المرة الأولى التي اسمع فيها كلمة «المركنتيلية» وقد كتب دراسة تحت عنوان «المركنتيلية اللبنانية» استفدنا منها كثيراً.
وقال لي أيضاً: « لقد كتب جورج عبد المسيح عدة محاضرات عن النظام الاقتصادي القومي الاجتماعي ويمكن ان تستفيدوا مما كتب، وهذا مما شجعني على سؤاله: « لماذا لم تفعلوا شيئاً لاعادة الأمور الى نصابها وتنتهي قصة الانتفاضة ؟» قال لي: «جورج عبد المسيح عنيد والموضوع يحتاج الى فروسية أي ما يسمى «روح الفروسية». وجورج عبد المسيح سيعود عن عناده الى هذه الروح الفروسية فحزبنا حزب مؤسسات، وعلى من له رأي أو اجتهاد أن يكون مستعداً لمناقشته وقبول آراء رفقائه في المجلس الأعلى، فان تمت الموافقة على رأيه يؤخذ به وان لم تتم الموافقة يجب ان يكون لديه الصبر واعادة طرح الموضوع في مناسبة أخرى وليس أن يعتبر رأيه هو الرأي الذي لا رأي غيره. جورج عبد المسيح لم يستطع اقناع الأمناء بصحة رأيه . وبدلاً من أن يستمر في الحزب الذي كان هو من أوائل أعضائه المؤسسين المخلصين انتفض على الحزب وأسس تنظيماً جديداً فكان في فعله مخالفة نظامية كبرى فخالف نهج الحزب بدل ان يكون خلافه مع اعضاء في الحزب(2).
ومما أذكره عن ألأمين أسد الأشقر بعد المحاضرة التي ألقاها الدكتور شارل مالك والتي كانت زبدتها هو تمحورها حول التعايش المسيحي الاسلامي في لبنان والشرق والتي قال فيها ان المسيحيين يريدون التوجه الى الغرب المتحضر المتجه الى المستقبل. والمسلمون محافظون يريدون ان يحافظوا على توجههم العربي الى الماضي. وافضل طريقة هي أن يحترم كل طرف ارادة الطرف الآخر. وبعد قراءة الأمين أسد لمحاضرة الدكتور شارل مالك طلب مني الأمين أسد أن أرد على الدكتور شارل مالك بشكل ساخر. قلت باستهجان «أنا يا أمين أسد»؟!
قال: «نعم: أنت»، وأضاف قائلاً: « تخيّل يا رفيق يوسف أننا قد نموت في السجن أو سيحكم علينا بالاعدام (قبل أن يصدر بحقه وحق قادة الحركة الانقلابية قرار حكم الاعدام)، ماذا يحصل لحركة النهضة اذا لم تنتج قادة جدد . ويبرز قادة جدد يحملون مشعلها. انها ستكون حركة جهيضة لا تستحق الحياة. بأمكانك أنت أو غيرك من الطلبة أن ترد على شارل مالك والذين هم أكبر من شارل مالك»
قلت: كيف يا أمين أسد؟ أنا لست معروفاً وليس لي مكانة الدكتور شارل مالك، وليس لي علمه وشهرته. وأي صحيفة تقبل ردي؟
قال أرسلها الى ملحق جريدة النهار. قلت: لا أعتقد أنهم ينشرون لي رداً على الدكتور شارل مالك ولا يستقبلون مني حتى الرد. وأعتقد أن لا أحد من القراء سيلتفت الى ردي. ان من يجب أن يرد على الدكتور شارل مالك يجب أن يكون بمستواه أو أعلى منه، ورأيي أنه لا يوجد أفضل منك للرد عليه ويمكن أن يكون الرد باسم الأمين أسد الأشقر نطبعه ونعممه على الطلبة، ويكون الرد سلاحاً بأيدينا. وكل ما هو متوفر لنا الآن بعض الكتب للزعيم .ومن وقت لآخر نرسل بعض الطلبة لزيارة جورج عبد المسيح في بيت مري للحصول على بعض الكتب وقد زوّدنا بكتبه أكثر مما زودنا بكتب الزعيم. وقد زرته عدة مرات، وفي كل مرة كنت أحصل على بعض الكتب وخاصة كتاب عن «الانتفاضة».
قال لي ساكتب في ملحق جريدة النهار. نشر رد الأمين أسد الأشقر بعد ذلك في عددين على الدكتور شارل مالك باسم: «سبع بولس حميدان» من البرازيل. فرد عليه الدكتور شارل مالك رداً قصيراً في جريدة النهار دون أن يعرف من هو كاتب المقال يقول فيه: « ان سبع بولس حميدان هو شيوعي مخرّب وهمّه فقط التخريب ولا يستحق الرد عليه».
وفي اليوم الثاني صدرت مجلة الحوادث على ما أذكر بتعليق عنوانه: « الدكتور شارل مالك بين مخلب السبع» تقول فيه انه لم يسبق لكاتب او مفكر ان عرّى الدكتور شارل مالك بالشكل الذي عراه فيه أخونا في العروبة سبع بولس حميدان.
من هو هذا الأسد الغضنفر؟ من هو هذا المفكر الكبير ؟
وبما اننا كنا قد عممنا في أوساطنا الطلابية ان سبع بولس حميدان هو الأمين أسد الأشقر، فقد عرف رفيقنا الطالب بسام شلهوب(3) الاسم الحقيقي وهو قريب الدكتور شارل مالك. وفي اليوم الذي نشر رد الدكتور مالك القصير في جريدة النهار على سبع بولس حميدان طلب الدكتور شارل مالك من الطالب القومي الاجتماعي بسام شلهوب أن يوصله بسيارته الى منزله وأثناء ذهابهما الى منزل الدكتور مالك قال لرفيقنا بسام شلهوب كما ذكر لي الرفيق بسام شخصيا ان الدكتور شارل مالك قال له: ان سبع بولس حميدان هو شيوعي والشيوعيون يحبون التهويش والتخريب ففاجأه الرفيق بسام بأن سبع بولس حميدان ليس شيوعياً وانما هو قومي اجتماعي، فاستهجن الدكتور مالك ذلك وسأله: هل تعرف من هو؟ وما اسمه؟ فأجابه بسام: انه أسد الأشقر يا خال. فصمت الدكتور مالك ولم يبد اي كلمة حتى وصل الى منزله. بعد نشر رد الدكتور شارل مالك ذهبت لتأمين حلقة اذاعية تثقيفية لمجموعة من الطلبة فسألوني عن الدكتور شارل مالك والرد عليه لأن رد سبع بولس حميدان انتشر في كل الآوساط فبدأت الحقلة الاذاعية بقول لا ازال أذكره هو: « ما أكثر الشهادات المدرسية في بلادنا وما أقل الذين يستحقونها» ركّزت فيها على ضرورة التربية السورية القومية الاجتماعية وضرورة علم جديد يُعلّمنا فهم انفسنا وكيف ننهض بحياتنا لكي يكون لنا شأن في العالم. وقلت يومها يجب أن نفهم قول الزعيم على حقيقته حين قال: «العلم الذي لا يفيد كالجهالة التي لا تضر» فهو لم يقصد أن نركن الى الجهل لأنه لا يضر ولا الى علم لا ينفع بل أن نتطلع الى كل ما يفيد وما ينفع. ولكي لا يتحول العلم الى جهالة لا تضر أو علم لا ينفع، علينا ان نخرج من الجهالة التي لا تضر الى علم يفيدنا وينفعنا ويساعدنا على النهوض السوري القومي الاجتماعي.
لقد ارادنا سعاده أن لا نستسلم للأمر المفعول حتى ولو كان لا ضرر منه، لأن استسلامنا يُرسّخ فينا نفسية الخمول والتخاذل. والخاملون المتخاذلون لا يحققون نهضة. بل تتحقق النهضة بالعلم الذي يوقظ النفوس ويُفجّر فيها طاقات الانتصار فنكون ما يجب أن نكون وعندها نحقق تغيير مجرى التاريخ. ألم نتعلم من سعاده ان مهمتنا تغيير وجه التاريخ ؟ «
هوامش:
1 – محمد السعدي: اشرت إليه في عدد من النبذات التي اتحدث فيها عن العمل في الوسط الطلابي في ستينات القرن الماضي، وفي النبذة بعنوان «4 اشهر ونصف في سجن الرمل»، حيث كان الرفيق محمد السعدي محكوماً بالسجن الى جانب الامناء عبدالله محسن، لبيب ناصيف، كمال نادر، انطون حتي، جميل عساف، بهيج ابو غانم، والرفقاء جان نادر، نقولا نصر، سهيل عبد الملك، غانم خنيصر.
2 – ننقل ذلك كما ورد من الرفيق يوسف المسمار على لسان الامين اسد الاشقر، للتاريخ. وننشر ايضاً، ما يرد من معلومات واراء اخرى.
3 – بسام شلهوب: من «دوما» استقر في الربع الاخير من حياته في منطقة «ادما»، متولياً مسؤولية منفذ عام كسروان. للاطلاع على النبذة المعممة عنه الدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info