مقالات وآراء

إيقاعات المنطقة من سراقب إلى الجوف والخيبة «الإسرائيلية»…

} د. ميادة ابراهيم رزوق

تتشابك وتنفصل لتعود وتتقاطع ملفات المنطقة ضمن اوركسترا واحدة تديرها وتضبط ايقاعاتها سيناريوهات محور المقاومة وحلفائه، فبعد اغتيال القادة الشهداء قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وعملية عين الأسد التي قامت بها ايران ضد القاعدة العسكرية الأميركية في العراق التي بينت وكشفت بالدليل القاطع عجز الولايات المتحدة الأميركية عن الرد أو الدخول في أي مواجهة مباشرة في المنطقة.

ليبدأ زمناً آخر أُعيدَ ضبط ايقاعه من خلال معركة استعادة تحرير سراقب شمال سورية عقدة المواصلات الاستراتيجية التي تربط حلب بكل من دمشق واللاذقية عبر الطريقين M5 و M4 بالإضافة إلى تحكمها بطرق مهمة عدة، ولتنهي المشروع العثماني الإخواني، وتسقط أوراق اردوغان عن طاولة التفاوض مع الرئيس بوتين لتبدأ الأقلام وألسنة المحللين بتناول وتوصيف اتفاق موسكو المؤقت والحالة النفسية والجسدية الارتباكية التي سيطرت على أردوغان.

ولايمكن فصل الإيقاع بين تفاصيل مقابلة الرئيس بشار الأسد مع قناة روسيا 24 وما آلَ إليه اتفاق موسكو بعنوان عريض نصّه «سيادة واستقلال سورية ووحدة أراضيها»، والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية التي تربط بين الشعبين السوري والتركي، وإمكانية عودتها إلى الحالة الطبيعية في حال انكفاء أردوغان عن مشروعه العثماني الإخواني الانتهازي والالتزام باتفاق موسكو.

وعلى ذات الإيقاع ترتفع الأصوات المعارضة التركية بإدانة أردوغان بتوريط الجيش التركي في معارك سورية، إضافة إلى الأزمات الداخلية من تدهور الاقتصاد التركي إلى الانشقاقات ضمن حزب العدالة والتنمية وفقدان سيطرته على استانبول.

وفي مسار منفصل متصل لايمكن إهمال الخيبة الإسرائيلية وأهمية التحليلات السياسية والعسكرية عن معركة سراقب على وسائل الإعلام الصهيوني، وأية مقاربة تم تناولها عن تحرير الجليل بعد الحديث عن التكتيكات الهجينة التي استخدمها الجيش العربي السوري وحلفائه وخاصة حزب الله في معركة استعادة تحرير سراقب التي جرت بعنصر المفاجأة خلال ساعات الليل، وأنهت فاعلية طائرات الاستطلاع التركية، وتكتيكات نارية حيّدت أسلحة الفصائل والمجموعات الإرهابية وتركيا، وعطلت التفوق التركي الذي يعتمد على نظام ناري الكتروني يستهدف أي نقطة تُستهدف منها القوات التركية.

إضافة إلى فشل سياسي ناتج عن الصراع السياسي الداخلي على السلطة وتشكيل الحكومة الإسرائيلية، وتقاذف وتبادل الاتهامات بين الأحزاب اليمينية واليسارية ومحاولة اقصاء بنيامين نتيناهو منذرة بالعجز عن تأليف الحكومة الجديدة باتجاه انتخابات رابعة تعكس الفشل الواضح لاستراتيجية (إسرائيل) في المنطقة.

وبايقاع موازٍ غير منفصل يُعدّ تحرير محافظة الجوف بعد نهم وضربة أرامكو من قبل الجيش اليمني واللجان الشعبية ضربة قاصمة لدول تحالف العدوان ومخططاتها التقسيمية لليمن من خلال إحباط «مشروع إقليم سبأ» المخطط  الساعي لتقسيم البلاد إلى أقاليم، وبالنظر لأهمية الجوف الاستراتيجية الجيوسياسية والاقتصادية بموقعها بالقرب من الحدود السعودية ومنطقة نجران، وماتحويه من ثروات ومخزون نفطي، وبما يتناغم مع الصراع الداخلي الذي انفجر داخل العائلة المالكة السعودية وحملة الاعتقالات المستمرة للامراء وانهيار البورصة في الخليج وارهاصاته القادمة على السعودية واستمرار التعثر والارتباك وكيفية الخروج من مستنقع حرب اليمن.

والتفاتة إلى تونس بإيقاع آخر غير منفصل هو منعكس لاستمرار فشل مشروع الإخوان المسلمين في السيطرة على المنطقة كأحد أدوات الفوضى بالأجندة الصهيوأميركية، وضمن تفاصيل المشروع العثماني، بتسريبات عن انشقاقات وحدّة الخلافات والصراعات الداخلية ضمن حركة النهضة مع نزيف الاستقالات ضمن رجالات الصف الأول، و مغادرة العديد من القيادات الشبابية للحركة، وقد لاينفصل ذلك عن حال حزب العدالة والتنمية في تركيا

ايقاعات منفصلة متناغمة وغيرها أخرى في المنطقة تخضع تفاصيلها لمعادلة تنامي قدرات محور المقاومة البشرية والتقنية والتكنولوجية ووحدة قراره وقوة تشبيكه وتحالفاته على حساب عجز إسرائيلي سياسي وعسكري وأمني يتفاقم يوما بعد يوم، وفشل حقيقي للمشروع والاستراتيجية الأميركية في المنطقة، وضمان أمن (إسرائيل)، للوصول ربما إلى منظومة أمنية اقتصادية إقليمية تشمل روسيا والصين وبعضا من دول شرق آسيا ودول قوى محور المقاومة من ايران إلى العراق وسورية ولبنان في نظام عالمي جديد متعدد القوى الإقليمية المتوازنة.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى