أسباب ضعف وتقهقر الرياضة اللبنانيّة موازنات ومنشآت متواضعة وخيبات متتالية
} ابراهيم وزنه
تعيش الرياضة اللبنانية حالة من المد والجز منذ ما يزيد عن ربع قرن، تارة تحقق الانجازات وأخرى تغرق في الخيبات ، فعندما تكون الظروف مؤاتية لجهة ارتفاع منسوب الاهتمام مع وجود عناصر ممتازة ودعم الرياضيين، تتحقق الانجازات، وعندما يضعف الاهتمام وتتحول وجهة اهتمام الرياضيين إلى مكان آخر مع غياب الدعم تبتعد الانجازات تلقائياً،حتى صرنا نفاخر باستضافة الأحداث والبطولات القارية والعربية، ومع الوقت صار لبنان مطلباً للتنظيم على حساب التألق الفني وحسن النتائج.
ومن الأسباب المؤثرة في حركة الرياضة، سلباً ام ايجاباً، تتصدّر المشهد الأجواء الاقتصادية الضاغطة وشح الموازانات الرسمية وخصوصاً من وزارة الشباب والرياضة، وهروب أصحاب المبادرات الفردية ونقص فاضح في الرعايات، وصولاً إلى تأثيرات الواقع الأمني ـ السياسي على حركة الرياضة بشكل عام.
وهنا لا بدّ من التوضيح بان التعاطي مع وزارة الشباب والرياضة من قبل الحكومة غالباً ما يكون دون المستوى المطلوب.
باعتبار أن الرياضة ليست أولوية وطنية، ومع وصول وزير جديد تنطلق عمليات التلهي بالدراسات والمشاريع من دون تنفيذ، اذ كلما تغيرت الوزارة طارت المشاريع والخطط الموضوعة من السلف! وهنا نشير إلى أن نصف موزانة الشباب والرياضة بالرغم من تواضعها تصرف على انشاء منشآت رياضية ودعم البلديات لتنفيذ مشاريعها الرياضية، فيما المنطق يفرض على البلديات أن تبني منشآتها وخصوصاً في القرى حيث من الأفضل أن تتفعل المبادارات الفردية.
وهناك أيضاً سيمفونية ضرورة مراعاة الانماء المتوازن، وهذا في كيزان الرياضة غير منطقي، على غرار ما يحصل في مسألة الناجحين في مجلس الخدمة المدنية (موضوع حرّاس الاحراش) فنظراً لعدم وجود عدد كافٍ من طائفة معيّنة تلغى الدورة ونتائجها؟! فهناك قرى مكتظة وهناك قرى غنية بالمواهب، لذا من غير المنطقي أن نساويها ببلدة نائية لا يزيد عدد سكانها عن 500 شخص! وبالمحصلة لا بدّ أن نعترف بأن موازنة نادٍ في دولة قطر تصل إلى 10 مليون دولار، أي أكثر من موازنة وزراتنا الرياضية.
المنشآت بلا صيانة!
بالانتقال إلى المنشآت، فهي وجدت أصلاً لتكون دعامة اساسية لتكريس حق ممارسة الرياضة، ولخدمة تطوير الواقع الرياضي.
نجد أن معظمها لا يتمّ استخدامه بشكل يعكس الصورة الحقيقية لسبب وجودها، وعلى قلتها، نراها تعاني من اهمال مخيف، وأكثر من مرة سمعنا رئيس مجلس ادارة المدينة الرياضية السيد رياض الشيخة يستنجد ويوضّح في هذا السياق، حتى غدت كلفة صيانة المدينة الرياضية اليوم أكثر من كلفة انشائها في العام 1997 .
ولن تحل المعضلة إلا مع قلب الصورة السلبية السائدة، عبر انجاز منشآت كبيرة في عدد من المدن، مع تأمين عقود صيانة محترمة وفرق تشغيل خبيرة.
علماً بأن تأمينها للمواطنين بشكل مجاني سيؤدي حتما الى ارتقاء المستويات الفنية. وهنا يأتي دور البلديات والأندية، من خلال سعيهم لتأمين رعاة للملاعب بغية تخفيض فاتورة الممارسة الرياضية على الفئة غير المنتمية للأندية.
الفساد وضعف الاستثمار
الفساد الاداري، عنوان كبير يضرب أكثر من مؤسسة رسمية وجمعية خاصة، ومرده في المقام الأول يعود إلى تغليب مبدأ المحسوبيات والمقربين على حساب أهل الخبرة والعلم والاختصاص وأصحاب الكف النظيف.
كما أن التخوّف السائد لجهة انعدام المردود، وتفاقم الأجواء الضبابية على الساحات السياسية والأمنية، انعكس سلباً على الراغبين في الاستثمار في الرياضة والبطولات، مع الاشارة إلى أن المال هو العصب الرئيسي في بثّ الروح والفعالية في الحياة الرياضية في معظم دول العالم.
على من تقع السؤولية
في ضوء هذه الضبابية السائدة، على وزارة الشباب والرياضة أن تعمل على إعداد كادر اداري ولابأس من تنظيم دورات ومؤتمرات وندوات بهدف تخريج اداريين على علم ودراية وقد بدأت بعض الاتحادات بتنظيم دورات، ولكن بشكل خجول.
وفي نظرة على الاتحادات الرياضية، فعندما يكون التقصير حاصل مع انديتها عند ذلك لن يكون لديها القدرة لمساعدة الرياضة المدرسية، والتي هي المدماك الأول في إطلاق رياضة سليمة. ناهيكم عن تراجع اهتمامات الأندية بالفئات العمرية.
حيال ما ذكرنا ، وفي ظل الرعب الحاصل من كورونا، هل أدرك المعنيون بان الرياضة ترفع مستوى المناعية، وهي خط الدفاع الأول في مواجهة ذلك الوباء العالمي، نأمل أن تصل الرسالة لمن يهمّه الأمر ويخاف على وطنه وأجياله الواعدة.