شعلة «نوروز» التموزيّة!؟
نظام ماردينيّ
ستتراقص انعكاسات شعلة النار، اليوم، بأيدي جميلات بلادنا، ومع ألوان الربيع التي ستشع منها ثيابهن الفلكلورية اللامعة، وزهور النرجس البرية المتفتحة إعلاناً للانقلاب الربيعي، واحتفالاً بعيد «نوروز»، وهي كلمة مركبة تتألّف من «نو» بمعنى جديد بالعربيّة و»روز» ومعناها يومُ لتصبح الكلمة يوم جديد.
وفي هذه المناسبة، أتقدّم بأحرّ التهاني إلى شعبنا في «سوراقيا» بكافة أطيافه، متمنياً بأن تكون المناسبة حافزاً لنا جميعاً لنؤكد أننا ننتمي إلى أمة عظيمة، قال عنها المؤرخ أرنولد توينبي: كل إنسان متمدّن في العالم له وطنان، سورية ومسقط رأسه.
و»نوروز» هو يوم يتساوى فيه الليل مع النهار، وهو مهرجان شعبيّ تموزيّ بامتياز تحتفل فيه شرائح كثيرة من شعبنا في المنطقة، وفي حين ترجع قصة هذه الاحتفالية إلى ما هو خياليّ وأسطوريّ عند البعض، إلا أن البعض الآخر يرى فيها ما يجسّد ذكرى الثورة على الظلم، يوم قاد «كاوه الحداد» ثـورة على الملك «ضحاك» مع مجموعة من الشبان الثائرين.
وتكشف المدوّنات عن علاقة بين «نوروز» وأسطورة «تموز وعشتار». فالمعروف عن أسطورة «تموز» أنه في آخر مرة يذهب الى أسفل الأرض ثم يأتي الى وجه الأرض كإله، وأنه كان يحتفل بموت وحياة «تموز» في وطن سومر، وأنه في 21 آذار من كل عام كان السومريون يعقدون احتفالات كبرى في حياة «تموز» ويعرفون هذا اليوم بعيد «زكمك». والحادثة ذاتها ترد في ملحمة الشاعر الكردي الكبير أحمدي خان، «مم وزين» حيث يبدأ الملحمة بيوم نوروز 21/ آذار– مارس، فهنالك شبه كبير بين قصة (تموز وعشتار) وقصة العاشقين (مم وزين).. إذ تمتلئ حياة «مم» بالعذاب والفراق بعد معرفته حبيبته «زين».. وتصبح حياتهما مشابهة للحياة الكارثية لـ(تموز) الذي يذهب الى الأسفل فيما يودّع «زين» في السجن الى الموت.
بل هنالك كتّاب (كرد وعرب) يتفقون على أن 21 آذار الذي يصادف اليوم الأول من «العام الكردي» ويمتد تاريخه الى 700 سنة قبل الميلاد، كان يوم عيد عند السومريين، وأنهم كانوا يحتفلون به تحت مسمّى عيد «زكمك»، وأن «كاوا» الكرديّ هو (تموز) السومريّ.. ويوضح أستاذ التاريخ في جامعة صلاح الدين في مدينة أربيل، مولود إبراهيم ذلك بالقول: «الحضارة السومرية التي حكمت المنطقة من الأقوام الأوائل الذين اختاروا هذا التاريخ واحتفلوا به، وجعلوه بداية التقويم لديهم».
ما يعني أن لنا تاريخاً مشتركاً في الطقوس والأساطير والأعياد، وأن نوروز (كاوه) أو نوروز (سومر) الذي وحّد شعبنا آلاف السنين، سيبقى ينعش مشاعر المحبة والتآخي فيه.. لأن سحر رموزه في اللاوعي الجمعيّ لشعبنا يبقى أبدياً!
أقول:
لم يعطنا كاوه الحداد جناحين خرافيين
بل كلمة السر
وفي كل ربيع
تنثر الريحُ
صدى صوت مطرقته
عالياً
انتصاراً على قوى الشر
ودخولاً إلى عالم الفرح.