نحو إعادة بناء مشروعنا الوطني بالوحدة والنضال الشعبي
بيان للناس…
لم نتفاجأ في حركة “أبناء البلد”، بما أسفرت عنه ترتيبات البيت الصهيوني الداخلي، والتي أدّت الى ائتلاف غانتس ـ نتنياهو. الأمر الذي لم يكن ممكناً لولا الإنزلاقة التي قامت بها القائمة المشتركة بالتوصية على غانتس، وقبولها بأن تكون جسر عبور له من أجل المساومة على موقعه في حكومة طوارئ صهيونية (رغم تنكّره لتوصيتها مراراً) أجمع طرفاها على ضرورة تمرير صفقة القرن، والاستمرار في محاولات تصفية حق شعبنا في وطنه.
من يقرأ ويعرف خبايا السياسة في دولة الاحتلال، يدرك منذ اللحظة الأولى الى ايّ هاوية تقود أحزاب المشتركة جماهير شعبنا، الذين وقعوا ضحية سوء قراءتها السياسية، وأوهمتهم بقدرتها على التأثير والتغيير وغيرها من البلاهات السياسية، من خلال السعي للاندماج في “حكومة إسرائيل” بدعمها وإعطائها غطاء شرعياً من الخارج.
قراءتنا في “أبناء البلد” لم تستند الى موقفنا الجذري الداعي لمقاطعة الانتخابات من منطلق الطعن بشرعية “إسرائيل” وديمقراطيتها فقط، بل جاء بعد قراءة مستفيضة للأحداث، والمشهد السياسي، الذي حذرنا من ان يُستغلّ فيه شعبنا لتحويله الى احتياطي أصوات، تمتطيه الأحزاب الصهيونية للمقايضة في ما بينها، وأوراق لعب يلقى بها في سلة المهملات بعد انتهاء استخدامها بصورة قذرة من خلال حضيض التذلل والمحاباة التي أوصلتنا إليه المشتركة، وكسرت بضمنه محرمات، وشرعنت ما كنا نحاربه في أحزاب السلطة، وأعادت خطاب صهاينة العرب بين جماهيرنا، بعد ان اعتقدنا أننا انتقلنا إلى مرحلة متقدّمة في فهم وجهة صراعنا مع هذا الكيان، فأتت المشتركة لتضرب العمل الوطني، ولتتحوّل بالمعنى الحرفي، الى عكاز للسلطة بحلة جديدة.
الخطير بما جلبته المشتركة، هو نسفها لتراكمات نضالية قادتها جماهير شعبنا وحصلت فيها حقوقها بتضحيات جسام، كلفتنا الشهداء والأسرى والملاحقات والتضييق.
وفي الوقت الذي يجتاح به وباء كورونا البلاد والعالم، تتمّ في هذه الفترة تحديداً تشكيل “حكومة وحدة”، همّها ليس فقط محاربة هذا الوباء، وإنما تمرير حزمة من القوانين العنصرية، المعدة مسبقاً للإجهاز على ما تبقى للفلسطينيين من حقوق.
لقد حذّرت “أبناء البلد” من هذه الكارثة السياسية، ومن الهرولة نحو مشاريع الأسرلة تحت غلاف المواطنة. كما قلنا بأنّ مشكلتنا مع هذا الكيان ليست بعدد أعضاء البرلمان وإنما بالمنظومة الاستعمارية التي لن تتيح لنا ان نرسم ملامح هذا الكيان ولا سياسته، لكن المراهنة أو المراهقة السياسية لا حدود لها، ومنها اتهامنا بالعدمية أحياناً وبالعبثية أحياناً أخرى، من خلال ضخ إعلامي مدعوم بتمويل عابر للبحار، لم يستهدف الأحزاب الصهيونية كما استهدفنا. إضافة الى اتهامنا بأننا لا نطرح البديل “الواقعي” على الرغم من ثبوت صحة الموقف الاستراتيجي الذي طرحناه ونطرحه في كلّ مكان وزمان.
اما بعد التوصية على غانتس وإدارة ظهره لكم، عليكم الوقوف عند مسؤوليتكم والاعتذار لجماهيركم وناخبيكم على هذه التوصية، التي دمّرت كلّ ما تبقى من الخطاب والثقافة الوطنية، وخيّبت ظنّ شرائح واسعة من مجتمعنا أعطتكم الثقة، بسلوكياتكم السياسية.
بعد هذا كله، أنتم مطالبون بالاستدارة والعودة الى بناء المشروع الوطني وتعزيزه، بعد استنفاذ هذه التجربة التي تثبت المرة تلو الأخرى عقم هذه الأداة “النضالية” ألا وهي “النضال البرلماني”، والتمسك بطرح النضال الشعبي كخيار واحد ووحيد لتحقيق مطالبنا الوطنية.
أبناء شعبنا البطل
أما أسرانا في السجون وملفهم الحارق، الذي يقضّ مضاجعنا ومعنا أحرار العالم في هذا الظرف، حيث يواجهون خطر الوباء في أقبية لا تصلح للحياة الآدمية وفي ظلّ انقطاعهم عن العالم الخارجي، نهيب بكلّ من يستطيع التدخل لوقف الكارثة التي تقف على أبواب السجون، والتي تفتقر لكلّ مقومات الحياة، ضمنها العلاج والاحتياجات الطبية الضرورية عدا عن أدوات التعقيم والتنظيف.
قلوبنا مع عوائل الأسرى وندرك خطورة الوضع، ونوجه النداء لأبناء شعبنا للعمل على طرح هذا الملف وتدويله.
وفي هذه الأزمة، تحيي “أبناء البلد” كافة أبنائها وبناتها في الأجهزة الصحية الرسمية والأهلية، الذين يقفون في الواجهة الأمامية لمحاربة هذا الوباء، ونحيّي جميع اللجان الشعبية المنبثقة والفاعلة في جميع القرى والمدن والتي أخذت على عاتقها دور الإغاثة المادية والمعنوية لأهلنا، ونهيب بأبناء وبنات شعبنا الالتزام في بيوتهم خصوصا في ظلّ عدم توفر فحوصات تشخيص المرض في قرانا ومدننا. وعليه، نحمّل حكومة الأبرتهايد الحالية والقادمة مسؤولية ذلك.
ختاما، ندعو جماهير شعبنا الى التمسك بالثوابت الوطنية وتوحيد القوى في مواجهة انزلاق “المشتركة” وارتكاب الموبقات بحق تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا وقضية شعبنا الفلسطيني.
معا على الدرب… حركة “أبناء البلد”