أولى

فلسطين في يوم الأرض تتغيّر سياسياً

التعليق السياسي

 

 للمرة الأولى يتزامن إحياء يوم الأرض في فلسطين المحتلة، مع تغيير يشابه حجماً ونوعاً في الوعي الفلسطيني ورمزية الموقف ما مثله يوم الأرض في يوم الانطلاق. فمنذ العام 1976 يوم انطلق الفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 48 لتأكيد هويتهم الوطنية عبر إحياء سنوي لهذا اليوم، تموضع النضال الفلسطيني تحت عنوان إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 67 وإسقاط فلسطينيي العام 48 من روزنامة النضال الوطني الفلسطيني إلا كمجموعة عربية في كيان الاحتلال تسمى «عرب إسرائيل»، يدعمون نضال أشقائهم لنيل دولتهم المستقلة، ويناضلون لتحسين شروط حياتهم في ظل كيان الاحتلال وتوسيع نطاق تمثيلهم في مؤسساته.

خلال أربعة عقود ونيّف عانى النضال الوطني الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 48 من شيزوفرانيا الجمع بين الحق الوطني المقدّس بالأرض والهوية وبين ارتضاء التحول إلى حركة مطلبية سياسية تعترف بشرعية كيان الاحتلال وتسعى لتحسين شروط العيش في ظله ورفع مستوى الحضور في مؤسساته، حتى حدثت جملة تحولات هذا العام، أولها إطلاق صفقة القرن التي أصابت في الصميم مفهوم التسوية السياسية للقضية الفلسطينية وبالتالي مشروع الدولة على أراضي العام 67، واعادت توحيد الفلسطينيين في قضية لها عنوان واحد بوجه كيان الاحتلال، هي قضية وجود لا قضية حدود، وثانيها إعلان كيان الاحتلال لهويته كدولة يهودية ما يعني إسقاط فرص النضال الديمقراطي في كيان يعلن عنصريته هوية رسمية، وثالثها تجربة الانتخابات المتكررة للكنيست التي شهدت مشاركة عربية واسعة تحت عنوان التحول إلى بيضة قبان في تقرير هوية ومستقبل حكومة الكيان، وكانت النتيجة صفعة قاسية تلقاها دعاة خيار المشاركة في الانتخابات، بمشروع التفاهم بين جناحي الحركة الصهيونية المتنافسين على إقصاء الشريك العربي ممثلاً بالقائمة المشتركة.

شكّل الثمن الذي دفعته حركة أبناء البلد لموقفها المبدئي المتمسك بالقضية والهوية، سواء بالتراجع الذي أصابها، أو بالانشقاقات التي استهدفتها، تعبيراً عن انتعاش خيار التسوية خلال أربعة عقود، وها هم دعاة التسوية والانتخابات يدفعون الثمن اليوم ضياعاً وفشلاً وتراجعاً. وها هي اليوم حركة أبناء البلد تتنفس مجدداً مع سقوط خيار التسوية وبدء تداعي مرتكزاته ومخرجاته الفكرية والسياسية، ليشكل إحياء يوم الأرض هذا العام بداية لتغيير سياسي تنتظره فلسطين ينهي حال الشيزوفرانيا ويعيد النضال الوطني إلى أصل القضية وجوهر الصراع.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى