زعيتر: المشهد مقزز وخطير على صحة الإنسان و«غرف إعدام»
تحول ملف سلامة الغذاء إلى مغارة لا نهاية لها. كلما أوغل مفتشو وزارة الصحة فيها كلما زاد طولها. تظن أنك على «تلة» من المخالفات لكن فجأة تكتشف أنك مقيم على جبل من الفساد. لا فرق هنا بين قطاع خاص وآخر عام، فكلاهما سواسية في الجريمة.
المطار واجهة البلد وبوابة السياحة والسائحين الذين يتباكى المسؤولون عليهم، تحول إلى «زريبة» لا تصلح حتى لاقامة الحيوانات. روائح كريهة منبعثة من الفضلات البشرية، تفوح في أجواء مكان البرادات المخصصة لحفظ الأطعمة. أما التبريد فيها أقل بدرجات من المطلوب لسلامة الأغذية الموضبة في داخلها. كأنك تسمع عن دكاكين في قرى نائية أو اماكن لا تطأها أجهزة الدولة، عندما تعلم أن في المطار معلبات منتهية الصلاحية منذ عشر سنوات لا تزال موجودة في أقبية التخزين غير مفروزة عن المعلبات الصالحة.
جدران مشققة. أسطح آيلة إلى السقوط. قوافل الحشرات الطائرة والزاحفة تسوح في كل مكان بلا حسيب أو رقيب أو سمات دخول. الأوساخ تنتشر في العنابر. إنها فعلاً «زريبة» بحسب توصيف وزير الصحة وائل أبو فاعور استناداً إلى ما خلص إليه تقرير مراقبي وزارته.
أبو فاعور حمل التقرير وتوجه إلى المطار حيث وافاه إلى هناك وزير الاشغال العامة غازي زعيتر.
وصف وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر المشهد في عنابر الشحن وبرادات التخزين في مطار بيروت الدولي، بـ«المقزز»، لافتاً إلى أنّ «بعض المواد منتهية الصلاحية منذ أكثر من 3 أو 4 سنوات وعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم».
وأشار الوزير زعيتر إلى أنّ «الوضع في برادات التخزين مرعب، ورهيب، وغير مقبول، وهو خطر على صحة الإنسان»، واصفاً إياها بـ«غرف الإعدام»، ومؤكداً «أنّ هذا المبنى يحتاج إلى صيانة وتأهيل».
كلام زعيتر جاء إثر جولة له ووزير الصحة العامة وائل ابو فاعور أمس، على عنابر الشحن وبرادات التخزين في مطار بيروت الدولي، للاطلاع على أوضاعها بعد رفع فريق من المفتشين والمراقبين الصحيين في وزارة الصحة تقريراً مفصلاً عن أوضاع سيئة جداً تستوجب المعالجة الفورية.
وقال: «لفتتني على الدرج ورقة كتب عليها يجب المحافظة على النظافة، وتماشياً مع الوضع الذي شاهدناه في هذه الجولة رأيت مناسباً أن ننزع الورقة حالياً، فيجب أن ينظف المكان من كل الشوائب حتى يصبح صالحاً لاستيعاب الأدوية والمواد الغذائية، وكلّ المستوردات وحتى المواد التي تصدّر، لأنّه بالنهاية علينا تصدير مواد صالحة إلى الخارج على كل الأصعدة، كما يجب أن نستورد مواد صالحة وتبقى صالحة للاستهلاك ونوزعها على المستهلكين».
وأعلن أنّه «من خلال هذه الزيارة سنتخذ قرارات على صعيد الإدارة والمبنى بحد ذاته، والبرادات، والمستوردين، والموردين»، وما رأيناه أنّ البرادات هي غرف إعدام».
وأشار الوزير أبو فاعور من جهته، إلى أنّ «كلما توغلنا في ملف سلامة الغذاء، نتأكد أننا نقيم على جبل من الفساد»، مشيراً إلى أنّ «منطقة الشحن وهيكلية المبنى غير مستوفية الشروط، وأنّ قسماً من المواد الغذائية محفوظة منذ عام 1995».
وقال: «هناك بضائع معدة للتلف ومبعثرة وهناك خلط للأدوية مع المواد الغذائية»، مضيفاً «إنّ الأرضيات غير نظيفة والمواد الغذائية خارج البرادات، والزبدة في مرمى النفايات».
وتابع: «الرائحة كريهة، وكأنك داخل مكب نفايات وليس في مستودع للطعام. السمك واللحوم والأدوية والنفايات كلها موجودة في المكان نفسه».
وأعلن الوزير أبو فاعور أنّ «الوضع تحسن بنسبة 70 في المئة من يوم الجمعة ولغاية اليوم»، وقال: «أعاني من صداع رهيب، وذلك كله بسبب الرائحة الكريهة داخل المستودع وهذا الأمر غير مقبول، وحتى كيف يستطيع العمال ان يعملوا في هكذا مستودع».
وأضاف: «سأصدر قرار حجز لكل الادوية في المطار، ولن أسمح بدخولها إلى لبنان لأنّه لا يجوز أن تخزن بالقرب من الأسماك واللحوم وفي برادات دراجات حرارتها مرتفعة جداً وغير مستوفية للشروط».
وأعلن أبو فاعور أنّ هذه «زريبة» وليست مستودعات، هذه غرف إعدام لصحة المواطن اللبناني»، موضحاً أنّ «درجة الحرارة 11 التي يجب أن تكون بين صفر و4 درجات».