بدائل الطاقة في الأردن… بين التجاذبات والفساد في السلطة! 2
أيمن الرمحي
بعد المقدمة التي تناولت مفاهيم عدة، نجد ضرورة إلقاء الضوء على موضوع يتناوله الأردنيون والمختصون بجدلية وهو حقيقة وجود قرار سياسي بمنع الأردن من استخراج النفط والغاز وثرواته الأخرى، لذا نعرّج للحديث عن اجتماع عقدته لجنة الطاقة البرلمانية في مقرّ مجلس النواب برئاسة رئيس لجنة الطاقة النيابية عبد الله عبيدات في 23-06-2013 في حضور وزيرالطاقة والثروة المعدنية مالك الكباريتي، ومدير عام سلطة المصادر الطبيعية الحالي موسى الزيود ومدير عام سلطة المصادر الطبيعية السابق ماهر حجازين ومدير عام شركة البترول الوطنية ونقيب الجيولوجيين الحالي بهجت العدوان، ونقيب الجيولوجيين السابق خالد الشوابكة، وعدد آخر من خبراء النفط والجيولوجيا والحفر وأعضاء في لجنة الطاقة البرلمانية. الوقائع الإخبارية: كاظم الجغبير وهنا الخطيب 24-06-2013 .
وقد أشار وزير المياه الأسبق بسام قاقيش في مداخلة له خلال الاجتماع إلى أنّ رئيس الوزراء الأسبق مُضر بدران أبلغه بوجود نفط ولكن هناك شركات ترفض استخراجه. منتديات أسواق الأسهم 23-06-2013 .
أما رئيس لجنة الطاقة النيابية عبد الله عبيدات فقال: لقد تلقيت عشرات الاتصالات الهاتفية ومورست عليّ ضغوط كبيرة لكي لا أستضيف خبراء جيولوجيا ولا أعقد هذا الاجتماع، لافتاً إلى أنّ آخرين رجوه تأجيل الاجتماع، موضحاً أنّ هناك جهات متنفذة وقوى وشخصيات تقاوم بشكل كبير وبكل ما تمتلك من نفوذ لإيقاف وإفشال مشروع التنقيب عن النفط في الأردن، وهي لا تريد للأردن أن يستخرج النفط. ودعى عبد الله عبيدات أصحاب الاختصاص إلى قول كلمة الحقّ في هذا الموضوع وإظهار الحقيقة إلى الناس . حسب م. مبارك الطهـراوي أحد الحضور في اجتماع لجنة الطاقة النيابية .
كما كان بارزاً اعتراف مدير سلطة المصادر الطبيعة موسى الزيود خلال الاجتماع أمام اللجنة عندما واجهه الخبير البترولي زهير الصادق بوجود 2 مليار طن من النفط الثقيل في منطقة الأزرق بناء على دراسات قام بها جيولوجيون في سلطة المصادر الطبيعية وشركة البترول الوطنية وذلك بقوله: صحيح أنّ النفط موجود في الأزرق لكننا لا نستطيع التصريح بذلك أمام الإعلام». د. زهير صادق
وسادت الاجتماع حالة من الجدل حول إمكانية وجود بترول، ودعا وزير الطاقة مالك الكباريتي إلى عدم التأكيد على فرضية وجود نفط وإنما القول بأنّ الدراسات هي التي تقوم بذلك الجزم، داعياً في الوقت نفسه إلى التحقق مما تقوله تلك الدراسات وعدم الانسياق وراء دراسة قد لا تكون صحيحة. موقع أنا الأردن 24-06-2013 . وأضاف الكباريتي: من الناحية نظرية هناك نفط، موضحاً أنّ اكتشاف جميع الآبار جرى من خلال سلطة المصادر الطبيعية، وبناء عليه طلبنا من شركة البترول الوطنية أن تعمل بدقة في هذا المجال وذلك في المواقع المرجح تواجد النفط فيها. كما وأفادت مصادر مطلعة بأنّ وزير الطاقة أصدر تعليمات شفوية لمدير سلطة المصادر الطبيعية وكافة المسؤولين في السلطة بعدم إعطاء أية تصريحات صحفية حول النفط في الأردن وأنه المخول الوحيد للحديث في هذا الموضوع.
وأشارت النائب هند الفايز، بدورها، إلى أنّ الأردن قام بتعديل حدوده مع السعودية حيث أُعطي الأردن سبعة كيلو مترات على الواجهة البحرية وأخذت السعودية، في المقابل، قطعة من الأرض قامت بعد ذلك باستخراج النفط منها، وكذلك مع الجانب العراقي. موقع أنا الأردن، 24-06-2013 .
وفي الاجتماع عينه، أشار مدير عام شركة الصخر الزيتي النائب السابق مبارك الطوال إلى أنّ السعودية قامت بحفر بئر على بعد 2 كيلو متر من الحدود الأردنية لإنتاج 2500 برميل يومياً. موقع أنا الأردن 24-06-2013 .
وأوصى الخبير في تكنولوجيا الحفر لاستخراج النفط والغاز م. مبارك الطهراوي، من ناحيته، بتعديل اتفاقية تسعيرة الغاز المنتج من حقل الريشة، والذي يباع لشركة الكهرباء بقيمة دولارين لكلّ ألف قدم مكعب من الغاز، ليصبح عادلاً للشركة لأنّ السعر الحالي والذي تفرضه الحكومة على الشركة أقل من سعر التكلفة، كما أفاد مدير عام شركة البترول الوطنية وهذا بالتالي يسبب خسائر لشركة البترول ويؤدي إلى إضعافها وعدم تمكينها من القيام بمهمتها الاستكشافية والتطويرية للحقول الوطنية، والاستكشاف في منطقة شرق الصفاوي ذات الإمكانيات النفطية المؤملة جداً، لأنّ الحكومة السعودية حفرت في المنطقة من الجانب السعودي ووجدت نفطاً وغازاً مسالاً.
وهنا لا بدّ من ذكر أنّ العراق في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كان يُزود الأردن بنصف احتياجاته من النفط كمنحة مجانية والنصف الآخر بدفع نصف ثمنه سلعاً وبضائع للعراق حتى احتلاله عام 2003. من مقال بعنوان: الصدمات الخارجية العنيفة، تضغط على حكومة د.عبدالله النسور لرفع الأسعار، الوقائع بتاريخ 04-08-2014 .
وكانت الحكومة العراقية ترى أنّ تزويد الأردن باحتياجاته من النفط واجب عليها لأنّ أمن الأردن الوطني من أمن العراق والتزاماً منها تجاه الشعب العربي في الأردن، حسب تصريح لوزير الطاقة العراقي حسبان الطائي الذي شغل منصبه من 1997 حتى 2003.
ورأى الطوال، من جهته، أنّ هناك قراراً سياسياً بإخفاء وجود النفط في الأردن، موضحاً أنّ هناك قوى شدّ عكسي تعمل ضدّ مصلحة البلاد، مشيراً في هذا الصدد إلى أنّ وفداً صينياً زار مجلس النواب الأردني في الفترة السابقة عندما كان نائباً وعرض على الحكومة توقيع اتفاقية لتوليد الطاقة الكهربائية من النفايات، مشترطاً أن تكون مدة الاتفاقية 20 سنة. وقال: لقد أكد الصينيون لحكومة عون الخصاونة في ذلك الوقت أنهم مستعدون لتوليد الطاقة الكهربائية من النفايات غير أنّ الحكومة لم تكترث بمثل هذا الأمر. موقع أنا الأردن – مفاجأة بالوثائق 24-06-2013 .
وذكر الطوال أنه زار منطقة ضانا عندما كان نائباً وشاهد بعينيه جبالاً من النحاس تتذرع الدولة بأنّ استخراج هذا المعدن من ضانا من شأنه أن يضرّ بالبيئة، مؤكداً أنّ تذرع الدولة بالبيئة هو مجرد حجة واهية، مثله مثل النفط الذي لا تريد أن تتخذ قراراً بوجوده والاستعداد لاستخراجه. وأضاف: إنّ الشركات التي كانت تنقب عن النفط في منطقة البحر الميت أصدرت تقارير ليست في مستوى عال من الشفافية وأخفت طبيعة ما توصلت إليه.
وهاجم الطهراوي بشدة اتفاقية «برتش بتروليوم» حول غاز الريشة، معتبراً أنّ صياغتها جرت في عهد مدير سلطة المصادر الطبيعية السابق ماهر حجازين والذي كان حاضراً في اللقاء. والجدير ذكره أنّ شركة «بريتش بتروليوم»، والتي أنفقت مبالغ ضخمة ومُبالغ فيها بشكل استفزازي لم تنتج حتى اليوم متراً مكعباً واحداً من الغاز، ولا تزال حتى يومنا هذا، تطالب بتمديد فترة الاستكشاف لسنة جديدة لاستكمال دراستها للمنطقة، حيث قامت هذه الشركة وعلى مدار الأعوام الثلاثة الماضية بإجراء مسح زلزالي ثلاثي الأبعاد وحفر بئرين فقط بتكلفه وصلت إلى 80 مليون للبئر الواحد، رغم أنّ التكلفة العالمية المعقولة للبئر في مثل تلك الظروف يجب أن لا تتجاوز العشرة ملايين دولار.
ويعيد ذلك إلى الذاكرة تصريحات شركة النفط «ترانس جلوبال» الأميركية التي فسخت عقدها مع الحكومة والتي أعلنت في خبر نُشر على موقع «أويل جاس انترناشيونال» بتاريخ 24/2/2005 أنها اكتشفت احتياطياً نفطياً يُقدّر بنصف بليون برميل من النفط في حوض البحر الميت على الجانب الأردني، الأمر الذي سارع مدير سلطة المصادر الطبيعية السابق ماهر حجازين إلى نفيه، معتبراً «أنّ ظهور شواهد نفطية لا يعني وجود بترول في الأردن» مرايا نيوز، «مواطنون: نفط الأردن حقيقة أم خيال»؟- 5 شباط 2012 .
واعتبر الطهراوي أنّ تلك الاتفاقية حرمت الأردن من حقوقه في حقل غاز الريشة الذي كان موجوداً أصلاً ولا يحتاج إلى اكتشاف وإنما إلى عملية تطوير، مؤكداً أنّ هذه الاتفاقية رفعت يد الدولة عن الغاز وتركت لشركة «برتش بتروليوم» الحقّ في تحديد سعر الغاز من دون أن يكون هناك أي دور للدولة الأردنية في ذلك. اجتماع لجنة الطاقة البرلمانية في 23-06-2013
وفي المقابل، دافع حجازين بشدّة أمام الحضور عن تلك الاتفاقية معتبراً أنها من أفضل الاتفاقيات التي توقعها الحكومة مع شركات أجنبية في مجال الطاقة. اجتماع لجنة الطاقة البرلمانية في 23-06-2013
ولفت الخبير النفطي د.زهير الصادق إلى أنه منذ 26 عاماً والحكومات المتعاقبة غافلة عن هذا الموضوع. وقال: لدينا بترول وغاز وصخر زيتي ومعادن بأنواعها، وقامت سلطة المصادر الطبيعية بإجراء دراسة أسفرت عن وجود 443 تريليون قدم مربع من الغاز في حقل الريشة. الوقائع الإخبارية: كاظم الجغبير وهنا الخطيب -اجتماع لجنة الطاقة البرلمانية 23-06-2013 .
ولم يتسن للخبير الجيولوجي خالد الشوبكي خلال اللقاء الحديث عن خامات النحاس المتواجدة في محمية ضانا بالطفيلة والتي تقدر قيمتها بـ 11 مليار دولار، حيث من المتوقع أن يكشف الشوابكة خلال اجتماع لجنة الطاقة النيابية المقبل عن كافة الدراسات التي قامت سلطة المصادر الطبيعية والشركات الأجنبية بها منذ عام 1961 ولغاية العام 1996، كردّ على تصريحات رئيس الوزراء التي قال فيها أنّ الحديث عن وجود بترول ومعادن خرافات.
يُذكر أنّ الشوبكي تحدث عن وجود البترول بكميات تجارية في عدد من المناطق في الأردن، ودعّم تصريحاته بالوثائق والصور التي يظهر فيها البترول ينفجر بغزارة في البادية الشرقية ليكوّن بركاً وبحيرات من مختلف المشتقات البترولية وخاصة الديزل والبنزين النقي الذي لا يحتاج إلى تكرير حيث كان سائقو السيارات الكبيرة يتسابقون إلى بئر «السرحان 4» في جنوب الأردن لتعبئة خزانات سياراتهم من مادة الديزل من هذا البئر الذي أسلفنا سابقاً أنه لا يحتاج إلى تكرير، وهذا شكل ظاهرة فريدة من حيث تجمّع السيارات وخاصة «البيك آب» للتزوّد بالمادة البترولية، ما حدا بالحكومة ممثلة بسلطة المصادر الطبيعية إلى إغلاق البئر وإحاطته بجدار إسمنتي وآخر من أسلاك شائكة. موقع أنا الأردن – مفاجأة بالوثائق 24-06-2013
ولمّا كان من المقرر عقد اجتماع ثان لاستكمال البحث والتوصل إلى توصيات تقدم إلى الحكومة الأردنية، إلا أنّ هذا الاجتماع ألغي لأسباب قيل أنها طارئة، حسب مبارك الطهراوي.
ويذكر الكاتب بسام البدارين أنّ دبلوماسياً أردنياً رفيع المستوى قال له في إحدى الجلسات أنّ بقاء الأردن ضعيفاً ومحتاجاً وفقيراً وعلى الحافة من الأسس الرئيسية، هو في عمق الاستراتيجية السعودية، علماً أنّ السعوديين يدفعون عشرات المليارات من الدولارات لشركات أميركية لتأمين حدودهم مع العراق بكل ّما أنتجه العالم من تقنيات إلكترونية للحراسة والتفتيش، ويصرّون على دعم الأردن بنظام التنقيط والتقسيط؟ ويتساءل الكاتب: لماذا لا تعترض الحكومة الأردنية وتطالب على الأقل بكلفة الحراسة والحماية الأمنية التي يوفرها «النشامى»، كما تفعل الشركات الأميركية؟ مقالة بعنوان «العربية والمسكوت عنه: الأردن يحرس والسعودية تطنش» بتاريخ – 25-07-2011
وكمثال على السياسة المالية للحكومة تقول توجان الفيصل: يُعلمنا وزير خارجيتنا أنّ المعونة السعودية في عام 2012 بمبلغ مليار وأربعمائة ألف مليون دولار لم تدخل الموازنة، وإنما سيصار إلى تحديد أوجه صرفها في المشاريع التنموية. توجان الفيصل «نقطة نظام» بتاريخ 22-02-2012 .
أما الباحث والخبير البيئي الدكتور سفيان التلّ، فأكد أنّ النفط موجود في مناطق البحر الميت «منذ القدم»، إذ «كان الأنباط القدامى تجار نفط يستخرجونه من منطقة البحر الميت و يبيعونه إلى مصر القديمة واليونان، وحاول حينها الإسكندر المقدوني أن يستولي على هذه الثروة فجرّ جيوشه إلى معركة على شواطئ البحر الميت إلا أنه خسرها أمام الأنباط». ويرى التل أنّ عدم استخراج نفط الأردن هو قرار سياسي فوق البلد، بحسب رأيه. مرايا نيوز، مواطنون: نفط الأردن حقيقة أم خيال؟-5 شباط 2012
وفي مقالة لتوجان الفيصل بعنوان «نحن وإسرائيل والغاز.. بداية القصة» بتاريخ 20-10-2014، تعيد الفيصل المواطنين إلى بداية المخطط الجهنمي لسيطرة «إسرائيل» على طاقتنا ومصادرها، الذي كان مضمراً في وادي عربة، وشرع منذ تنفيذه بتوظيف «فساد» في حلقة وادي عربة، عبر اتفاقية. وتسترتسل الكاتبة لتذكر لنا حيثيات تلك الاتفاقية التي تكشفت في صيف عام 1997، لتقول أنّ مشروع الاتفاقية ينصّ على أن تحتكر شركة IJG الاستيراد والتصدير والبيع والتسعير والنقل عبر الأردن، لمادة الغاز بحيث لا يعود للحكومة الأردنية حقّ إجراء أي مفاوضات أو تعاقدات على هذه المادة مستقبلاً مع أي مصادر أو وكلاء آخرين، وهو تنازل عن حقّ سيادي للدولة الأردنية لصالح الشركة المحتكرة. وتضيف، حتى مرجعية التحكيم في الاتفاق تترك الخيار للشركة المحتكرة في اعتماد أية معايير تختارها للتطبيق. وهذا الاحتكار لهذه المادة الاستراتيجية أعطي لـIJG لمدة خمسين عاماً قابلة للتجديد تمدّد طول كلّ منها 25 عاماً بإرادة وقرار طرف واحد هو المحتكِر، أيّ أنّ الاحتكار سيستمر للأبد، وهذا غير مسبوق في أية اتفاقية تبرمها دولة ذات سيادة!
وفي مقالة أخرى لتوجان الفيصل بعنوان «بناة الدولة» بتاريخ 19-08-2010 تتحدث فيها من موقع معرفة نتيجة عملها في موقع مسؤول متقدم في الإعلام التنموي أواخر سبعينات وأوائل ثمانينات القرن الماضي، تقول: لبيان حجم ثرواتنا أشير إلى دراسات مستقلة قام بها خبراء أردنيون دراسة الدكتور سفيان التلّ والمهندس جورج حدادين وأخرى سابقة للمهندس محمد أبوطه تبين أنّ الأردن يمتلك ثروات معدنية هائلة منها ربع مليار طن متري من اليورانيوم موجود في مليار ونصف المليار من خامات الفوسفات، ومئة مليار برميل من الصخر الزيتي، ومليار طن من الحجر الجيري، وملايين الأطنان من النحاس والحديد والمنغنيز وغيرها من المعادن، وحوالي أربعين مليار طن من أملاح البحر الميت، وعشرة مليارات طن من رمال السيلكون الكوارتز وهي ثروة مستقبلية تفوق قيمتها قيمة النفط. وتضيف: ظلت ثروات الأردن الهائلة تلك معتم عليها أو مهمشة، فوجود اليورانيوم في خامات الفوسفات الذي تبدى مؤخراً لعامة الأردنيين وللعالم، كانت تعرفه الخاصة، سياسيون واقتصاديون وكان المختصون في الحقل الإعلامي ممنوعين من الحديث صراحة، لهذا كنا نقف في دعواتنا لتكرير وتصنيع خامات الفوسفات بدل تصديره كتراب.
وكمثال على عمل منظومة الكمبرادور، تسأل توجان الفيصل في مقالة أخرى بعنوان «نقطة نظام» بتاريخ 22-02-2012: كيف يمكن للحكومة أن تعلن أنّ كامل عجز الميزانية تقريباً يعود إلى خسائر شركة الكهرباء، والكهرباء في الأردن رابحة ربحاً هائلاً ومضموناً؟ إنّ سبب العجز يعود إلى المؤامرة التاريخية وهي: في أواخر تسعينات القرن الماضي، قسّمت شركة الكهرباء إلى ثلاث شركات: منتجة وناقلة وموزعة، أعلن تدهورها مؤخراً تمهيداً لبيع الأولى والثالثة بسعر بخس لـ»دبي كابيتال»، وأبقيت الكلف والديون للوسطى الناقلة . وبعد بيع «دبي كابيتال» للشركتين بربح فاحش، جرى إعلان مديونية الشركة الوسطى وتحميلها للكفيل الحكومة .
وتذكر توجان الفيصل أنّ شركة « دبي كابيتال « تُمثلها عائلة الرفاعي التي تتوارث الحكم منذ ثلاثة أجيال.
ويشرح ناهض حتر موضوع خصخصة شركة الكهرباء بتوسع أكبر في مقالته «دبي كابيتال التي أظلمت الأردن» بتاريخ 7-06-2012، ما جرته علينا سياسات الخصخصة في الأردن، فيقول: تمهيداً لخصخصة قطاع الكهرباء جرى تقسيم شركة الكهرباء الوطنية إلى ثلاث شركات هي «الوطنية» التي بقيت حكومية لتتحمل الخسائر، و»توليد الكهرباء» و»توزيع الكهرباء» اللتين تمّت خصخصتهما لتربحا! . ويضيف حتر: تقدّر موجودات شركة توليد الكهرباء المركزية بأكثر من ألفي مليون دينار، لكنّ شركة « دبي كابيتال» تمكنت بنفوذها السياسي، من امتلاك 51 في المئة من أسهم التوليد بسعر رمزي بلغ 145 مليون دولار فقط لا غير، شاملاً محطات التوليد الثلاث في عمان وإربد والعقبة والأراضي والموجودات العقارية. ويتابع حتر: كالعادة وكما في خصخصة الفوسفات والبوتاس والاتصالات والغاز إلخ، كان هناك عقد إذعان على الحكومة الأردنية الخضوع له. وبموجب هذا العقد، الساري من 17 تشرين الأول 2007 حتى 17 تشرين الأول 2013 ، التزمت الحكومة بتزويد شركة التوليد المخصخصة بالمحروقات اللازمة لإنتاج الكهرباء بتكلفة ثابتة، بغضّ النظر عن سعر السوق، لكنها التزمت بشراء الكهرباء منها بسعر السوق! وهذا هو السرّ في أنّ شركة التوليد تربح وتراكم الأرباح، بينما الشركة الوطنية تخسر وتراكم الخسائر. لقد باعت «دبي كابيتال» حصتها في شركة التوليد المركزية لاحقاً إلى « سعودي أكوا» بمبلغ 550 مليون دولار، محققة أرباحاً رأسمالية صافية قدرها 400 مليون دولار في غضون ثلاث سنوات، بما يمثل أعلى عائد ممكن على الاستثمار في العالم. ولا يعود هذا العائد إلى حيوية الاستثمار في السوق الأردنية، وإنما إلى النهب السياسي للثروات الوطنية في عمليات الخصخصة، فكلّ عملية خصخصة تبين أنها ملف فساد، وتكشفت جميعها عن عقود نهب وإذعان لصالح الشركاء، ووكلائهم المحليين من النخبة، وظهر أنها تودي بنا، في مجملها، إلى إفقار الدولة والمجتمع.
مهندس