العراق وسيناريوات ترامب الهوليودية
} شوقي عواضة
منذ احتلال القوات الأميركية للعراق عام 2003 وضعت الولايات المتحدة الأميركية استراتيجيات وسيناريوات متعددة أعدّتها مسبقاً مراكز الدراسات الأميركية، وعملت على تنفيذها قوات الاحتلال الأميركي، فبعد نجاح بريمر بزرع الفساد في العراق وسرقة خيراته ونفطه، وبعد إلحاق الهزيمة بالقوات الأميركية نتيجة ضربات المقاومة العراقية، دخل مشروع إسقاط العراق وتحويله إلى إمارة داعشية بإدارة أميركية من أجل السيطرة كلياً على البلاد، مشروع أفشلته مجدّداً المقاومة العراقية بحشدها الشعبي وجيشها وشرطتها الاتحادية، لتنتقل الإدارة الأميركية المأزومة إلى استراتيجيات أخرى أوّلها ضرب الوحدة الوطنية العراقية والعمل على تفتيت قوة العراق من خلال التحريض الطائفي والمذهبي والعشائري والعرقي بل يعملون إلى تفتيت البيت الواحد من خلال التركيز على استغلال الخلافات الشيعية الشيعية وتغذيتها وتقويتها من أجل تفكيك الموقف الشيعي وجذب أكبر عدد ممكن من القيادات الشيعية إلى الحضن الأميركي وسحبه من يد إيران وضرب أيّ قرار شيعي موحد يمكن أن ينعكس على وجودهم، وتجلى ذلك في حربهم الأخيرة على حكومة عادل عبد المهدي التي فتحوا فيها كلّ الأبواب من أجل إسقاطه وكان فيها قيادات (شيعية الهوية أميركية الولاء).
كذلك الأمر بالنسبة إلى السنة فإنّ إدارة ترامب تعمل على خلق المزيد من المشاكل بين القوى السنية وتعميق الشرخ في ما بينها، بل وتسعى دائماً لتغليب وتقوية فئة سياسية على أخرى، ففي حين تعمل على تعزيز تيار خميس الخنجر وتأييد تيار أسامة النجيفي تراهن على التيار السني الأقوى شعبية المتمثل بتيار زيد الحلبوسي وتعمل على دعمه بكلّ قوّتها من خلال إعادة البعثيين بأسماء وعناوين جديدة من أجل السيطرة على مفاصل الدولة في صفقة أميركية بين الطرفين تطلق يد الأميركيين في العراق وتعطي (للسنة المتأمركين) في المنطقة دوراً كبيراً من خلال التحالف معها في مقابل «صفقة القرن”، وهو أمر مرفوض من كلّ شرفاء العالم سنة وشيعة ومسيحيين وتيارات سياسية مقاومة من مختلف القوى.
إزاء ذلك لم يغب عن السيناريو الأميركي موضوع التقسيم في العراق وإقامة دويلات متعددة المذاهب في ظلّ سعي الكثيرين للسلطة من كلّ الأطياف. ولا يغيب عن السيناريو التفتيتي الأميركي الدور الكردي بقيادة مسعود البرازاني أكثر المدعومين أميركياً من أجل تفرّده بالقرار الكردي وتولّيه قيادة التيارات الكردية وإعادة إحياء حلم قيام دولة الأكراد بدعم أميركي وخليجي وصهيوني، ولا نستبعد أن يكون هناك دعم مطلق للبرازاني بالمال والسلاح وحتى بالمقاتلين من داعش وغيرها من أجل إحكام سيطرته على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي وحقول النفط العراقية في كركوك لتعزيز قوته وإعلان الانفصال وإنشاء كيان كردي حليف للكيان الصهيوني. وعلى ضوء ذلك ستلجأ إدارة ترامب إلى ضرب عناصر القوة في العراق والتي بدأت من خلال الإعلان عن استهداف كتائب حزب الله وجعلها هدفاً للقوات الأميركية وهي عملياً بدأت بشنّ هجماتها على بعض معسكرات الكتائب قبل الإعلان الرسمي. أمر لن تتهاون فيه قوى المقاومة العراقية لا سيما كتائب حزب الله التي أثبتت أنها قادرة على إلحاق الهزيمة بالاحتلال الأميركي ولديها الكثير من القدرات التي تطال قواعد المحتلين في العراق ولربما في محيطه من دول الجوار، لذا فإنّ ايّ مغامرة عسكرية أميركية في العراق سيدفع ثمنها الأميركيون ولن يكون أمامهم سوى الخروج أفقيا كما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطاب تأبين الشهيدين سليماني والمهندس، وبالتالي فإنّ ترامب سيكون الخاسر الأكبر في المعركة عسكرياً وسياسياً وانتخابياً لأنّ النتائج لن تأتي بأقلّ من إسقاطه ومع إدراك الأميركي لتلك القوة وفعاليتها لم ييأس من تنفيذ مخططاته في العراق، لذا هو يعمل على كلّ الجبهات السياسية والأمنية والعسكرية لا سيما بعد اغتيال القائدين الحاج قاسم سليماني والحاج ابو مهدي المهندس، حينها توهّم الأميركي أنه أصبح صاحب القرار في العراق، وهو توهّم كسرته الصواريخ الإيرانية التي استهدفت قاعدة عين الأسد وما تلاها من عمليات قصف للقواعد الأميركية من قبل المقاومة العراقية، فشل عسكري أميركي ذريع تلاه فشل سياسي أكبر من خلال رفض ترشيح عدنان الزرفي الآتي على صهوة الدبابات الأميركية التي لن تجد مأمناً لها في العراق وماضي العراق وحاضره يشهد بحشده وكتائبه وجيشه بأنّ كلّ محتلّ على أرض العراق هو رهينة المقاومة الجاهزة للردّ الذي سيفاجئ العالم.