وهّاب: مفاجآت عسكرية وسياسية كبيرة في سورية في العام المقبل ستغيّر مسار المعركة

حاورته روزانا رمال

اعتبر رئيس حزب التوحيد اللبناني الوزير السابق وئام وهاب أن الدولة اللبنانية تعاني من ضياعٍ في أدائها وتنازع صلاحيات في إدارتها لملف العسكريين المخطوفين، مشيراً إلى أن أهالي المخطوفين باتوا ألعوبة بيد تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة». وإذ رفض التفاوض والمبادلة مع الإرهابيين من دون شروط، اعتبر أن الحل هو أن تتولى الدولة الملف وحسمه عسكرياً مهما تكن النتائج.

وأشار إلى أن تركيا وقطر هما وراء اختطاف العسكريين، ولفت وهاب إلى أن قطر لا تريد بيع «حكومة سعودية» قاصداً حكومة الرئيس تمام سلام الحل لهذا الملف.

وبعدما انتقد عدم تنسيق لبنان مع سورية في هذا الملف وغيره، شدد وهاب على أن لبنان يرتكب خطأً قاتلاً وتاريخياً عندما يتهرب من تنفيذ الاتفاقات مع سورية.

ورأى وهاب أن من طلب من الرئيس سعد الحريري المشاركة في الحكومة الحالية طلب منه الجلوس مع حزب الله للحوار، مؤكداً أن حصول الحوار بين الطرفين المذكورين لا يعني أنهما سيصبحان حلفاء.

وتطرق وهاب إلى الأزمة السورية، داعياً إلى حوار بين السلطة وهيئة التنسيق المعارضة، متوقعاً حصول مفاجآت عسكرية وسياسية كبيرة في سورية في العام الجديد، ستغير مسار المعركة.

وفي ما يلي نص الحوار كاملاً

كيف تقوّم تصرف الحكومة في ملف العسكريين المخطوفين؟

– يوجد ضياع في أداء الدولة وتنازع صلاحيات مع وجود 24 رئيساً للجمهورية داخل الحكومة. هذا الملف لا يعالج بأداء كهذا، والآن بات أهالي المخطوفين ألعوبة بيد تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، وما نشهده هو عملية تلاعب يقوم بها الإرهابيون بكل اللبنانيين والدولة اللبنانية، والتفاوض والمبادلة من دون شروط يضرب هيبة الدولة، فالكثير من الضباط والجنود في الجيش استشهدوا في عرسال والشمال بعد اختطاف العسكريين، أليس لهؤلاء أهالٍ أيضاً؟ وأليسوا شهداء؟ المشكلة طويلة ومستمرة طالما أداء الدولة بهذا المنطق، إضافة إلى أن إرهابيي «النصرة» و«داعش» لا يريدون المقايضة، والعسكريون ورقة في أيديهم، فهم أصبحوا خبراً أول في الإعلام منذ خمسة أشهر، وهم يحركون الشارع ويقطعون الطريق التي يريدون، أما الحل فهو أن تتولى الدولة الملف وحسمه عسكرياً إذا كان ذلك ضرورياً.

هل ترى حلاً لهذا الملف بعد انسحاب الوسيط القطري من التفاوض؟

– التركي والقطري هما وراء اختطاف العسكريين، وهل يجب ان نستعين بقطر بعد ان دمرت العالم العربي وهي التي دفعت الأموال في ليبيا، وكذلك في مصر، لكن الجيش المصري حمى مصر. قطر هي أول من دفع الأموال في سورية، لذلك يجب ان تحاكم لأنها دمرت كل المنطقة بأموال الأمة. وبالنسبة إلى تركيا متى لعبت دوراً إيجابياً؟ في ملف مخطوفي أعزاز لعبت دوراً إيجابياً عندما خُطف الطياران التركيان. نقول لأهالي العسكريين أولادكم كانوا مشروع شهداء في الجيش، وبعد اختطافهم استشهد 15 ضابطاً وجندياً في الشمال وعرسال ولديهم أهالٍ ايضاً، والعسكريون المخطوفون اصلاً يجب ان يقاوموا وأن لا يستسلموا وهذا هو المنطق العسكري.

الآن كل اللبنانيين معتقلون في جرود عرسال، وكل المناطق، وهناك مزايدة بين المسؤولين، والإرهابيون يعرفون المشكلة التي هي في غياب الإدارة لهذا الملف.

الحل يكون بعملية عسكرية، واذا لم تستطع الأجهزة القيام بذلك فلتجلس في منزلها، فالدولة تدفع جزءاً كبيراً من موازنتها لهذه الأجهزة.

أنت، إذاً، تؤيد عملية عسكرية لاستعادة العسكريين؟ هل يستطيع الجيش ذلك؟

– الجيش لديه قدرات كبيرة وقائد الجيش العماد جان قهوجي رجل شجاع وقادرعلى تنفيذ عملية عسكرية ويحتاج إلى غطاءٍ سياسي ولتكن النتائج ما تكن.

هل يلفتك وجود العديد من العسكريين السوريين المخطوفين لدى المنظمات الإرهابية نفسها التي تختطف العسكريين اللبنانيين ولا أحد يطالب بهم؟

– لأن الإرهابيين يعرفون أن لبنان دولة ضعيفة لذلك يبتزونها. سورية لديها مخطوفون عند الإرهابيين منهم ضباط كبار، ولكن هذا لا يعني أن تستسلم الدولة، لأن كل مخطوف هو مشروع شهيد، ولا يجوز ابتزاز الدولة بالعسكريين المخطوفين أو تعطيل البلد.

هل هناك جهة خارجية ما تعطل حل هذا الملف؟

– قطر لا تريد بيع «حكومة سعودية» حل هذا الملف، فهي تعتبر ان الحكومة اللبنانية الحالية تحظى بمباركة سعودية ولا تريد بيعها حل الملف.

في معارك طرابلس شهدنا مباركة من الرئيس سعد الحريري لتنفيذ الجيش عملية عسكرية ضد الإرهابيين، هل سنرى المواقف الايجابية نفسها في معركة عرسال؟

– موقف الحريري في طرابلس ممتاز ولكن في عرسال سمعنا موقفاً آخر عندما قطع الجيش المنافذ عن الإرهابيين، لا يستطيع الجيش فتح طرق تهريب للمسلحين وهو يتعرض لاعتداءات منهم. فموقف الحريري في طرابلس تلاشى بعد موقفه من عرسال، فخير هذا في شر ذاك.

هل صحيح ان الارهابيين يريدون منطقة عرسال خارجة عن الدولة، وألاّ تتعرض للهجوم من الجيش وبالتالي لا يريدون المقايضة؟

– إذا قبلت الدولة بهذه المعادلة فإنها تفقد مبرر وجودها.

هل تؤيد مبادرة رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ووزير الصحة وائل أبو فاعور التي تطرح المقايضة أم سياسة وزير الداخلية نهاد المشنوق والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم؟

– لست مطلعاً على تفاصيل ما نقله أبو فاعور ولكن نسأل مقايضة من؟ هل هي مقايضة غير مشروطة؟ انا ضد ذلك. اذا كانت عملية تبادل ضمن حدود معينة يمكن ان تحصل، لكن اللواء إبراهيم جمد نشاطه الآن ويحق له ذلك، إذ لا يمكن تفويضه وتفويض شخص آخر في الوقت عينه، وهو في الملفات السابقة نجح في إدارة مثل هذه الملفات.

كيف يمكن أن تكون للبنان علاقات ديبلوماسية وسفارات مع سورية واعتراف بها ولا يوجد تنسيق عسكري وأمني؟

– لأن لبنان يتهرب من تنفيذ الاتفاقات بين لبنان وسورية، وسورية لا تستطيع ان تطلب من لبنان استرداد مجرم، ولبنان يرتكب خطأً قاتلاً وتاريخياً في هذا الأمر، وإذا قررت سورية أن تخرب وتفتح الحدود حينها لن يبقى شيء على ما هو عليه في لبنان. لكن سورية اتخذت قراراً بضبط الحدود والحفاظ على الإستقرار في لبنان.

الأمم المتحدة وكل العالم، يعترفون بهذه الدولة، ولبنان يجب ان يتعامل معها طالما هي قائمة، وهي ستبقى، وقوى 14 آذار انتظروا سورية لتسقط، وهي لن تسقط ومن يبني حساباته على سقوط سورية فهو خاطئ، لأن النظام في سورية أثبت قدرته وسيبقى، وهو جزء من معادلة دولية، والإيراني بأدائه الخلاق حاولوا هزيمته في العراق فحولها إلى انتصار، والوضع في العراق الآن يتعالج في شكل جذري وأفضل بكثير قبل اجتياح «داعش» الموصل، وآل سعود رغم إنني افضلهم على الارهاب، لن يبقوا في الحكم بل سيرحلون، وإذا لم يعد هناك نفط من يحميهم، هم وكل الممالك والامارات في الخليج؟ ألم يقل رئيس وزراء العدو الصهيوني السابق ايهود باراك ومنذ بداية الأزمة السورية أن سقوط النظام مسألة أسابيع؟ كما قال ذلك الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ووزيرة الخارجية الاميركية السابقة هيلاري كلينتون، لكن ماذا حدث؟ هم ظنّوا ان الرئيس بشار الاسد هو الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي او الرئيس المصري السابق حسني مبارك، الأسد ليس رئيساً فقط بل هو قائد من قادة محور المقاومة في المنطقة.

هل وصل الأميركيون إلى قناعة بأن الأسد لن يرحل؟

– لو لم يصلوا إلى هذه القناعة، هل كانوا سيقصفون «داعش» في الرقة ويلتقون مع الطائرات السورية في قصف مواقع الإرهاب في الرقة ودير الزور!

إذا كان التحالف الدولي ينسق مع سورية، إذاً، فلماذا لا ينسق لبنان مع سورية؟

– لبنان بلد أحقاد، وهذا ما نجده في شهادة أحدهم في المحكمة الدولية، لم يسأل محامٍ هذا الشخص أنك خلال الثلاثين سنة عندما كنت نائباً ووزيراً أين كان موقعك؟ فإما أن سورية لم تكن تمسك الوضع في لبنان وأثبت انت نفسك، وإما أنت تضلّل التحقيق وسورية كانت ممسكة بلبنان وانت كنت من أزلامها وكنت حاكماً! ما قاله في المحكمة هو تضليل، لأن الرئيس رفيق الحريري ما كان ليختلف مع إثنين، سورية والمقاومة.

ما الهدف من إعادة المحكمة إلى الواجهة اليوم؟

– للضغط على سورية وحزب الله، لكن الاحداث تجاوزت المحكمة.

هل ترى نتائج للحوار بين حزب الله وتيار المستقبل؟

– مجرد الحديث بين الطرفين أمر جيد. الخلاف مع «المستقبل» كان على سلاح المقاومة والملف السوري، «المستقبل» كان يريد هزيمة سورية ليهزم المقاومة في الداخل فلم يستطع، وحزب الله يحمي لبنان بما يقوم به في سورية.

ما الذي تغيّر ليحصل هذا التبدل في موقف «المستقبل»؟

– من طلب من الحريري المشاركة في الحكومة الحالية طلب منه الجلوس مع حزب الله للحوار. الأميركي اتهم علناً السعودية وقطر وتركيا بتمويل الإرهاب وتعرضت هذه الدول إلى الضغط الأميركي، لذلك أرسلت السعودية الحريري ومعه المليارات للظهور بأنها تحارب الإرهاب.

إلى أي مدى الحوار أمر إيجابي لدى جنبلاط؟

– القول إنه إذا اتفق تيار المستقبل وحزب الله قد لا يحتاجان الى جنبلاط والمسيحيين غير صحيح، لأن حزب الله لن يتخلى عن حلفائه وخصوصاً رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، وللأمانة جنبلاط في الفترة الأخيرة كان خائفاً على الوضع في البلد ومن الإحتقان السني – الشيعي ولديه حرص على إزالته، لذلك شجع رئيس مجلس النواب نبيه بري على هذا الموضوع. الصراع اليوم أعمق في المنطقة ولا يعني حصول الحوار أن كل شيء انتهى وأن حزب الله و«المستقبل» سيتحولان إلى حليفين. أهمية الحوار أنه يجعلهما يستعدان لتلقي توافق ما خارجي على الرئاسة والانتخابات، وهناك مصلحة دولية واجماع على استقرار لبنان، لأنه على حدود فلسطين والكثير من الدول يهمها أمن «إسرائيل» وتوجد قوات 15 الف جندي في الـ»يونيفيل»، وسورية ترى في لبنان متنفساً لها، وإيران تريد الاستقرار لحماية المقاومة، والسعودية تعتبر انه إذا حصلت فتنة سنية – شيعية ستقضي على حلفائها غير المتطرفين، لذلك نجد التقاء مصالح على الاستقرار في لبنان.

في أي خانة تضع الحوار بين العماد عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع؟

– حزب الله لن يحاور أحداً من دون إطلاع عون. جعجع يمكن أن يكون خائفاً من التقارب بين «المستقبل» وحزب الله ولكن توجد استحالة للاتفاق بين عون وجعجع. ولست مقتنعاً في هذه الحوارات، إذ يوجد مشروعان في المنطقة واحد منهما سيربح وإلا الصراع سيطول.

هناك التزام نهائي سياسي وأخلاقي ومن باب الوفاء للحلفاء من قبل حزب الله مع العماد عون أو من يسميه، ومن الصعوبة أن يخرج منه حزب الله.

من خلال زيارات المبعوثَين الروسي والفرنسي إلى لبنان، هل ترى سباقاً بين روسيا وفرنسا على المسيحيين في لبنان؟

– الروس أبدوا حرصاً على المسيحيين منذ بداية الأزمة السورية، كما أبدوا اهتماماً بالأقليات في المنطقة، لكن الفرنسيين كالغربيين الآخرين، لن يبدوا هذا الحرص، موقفهم في سورية يعيق بقاء المسيحيين والأقليات، وهم يحولون سورية إلى صحراء في هذا الموقف النفاقي بإعلانهم أنهم ضد الارهاب وضد الجيش السوري في الوقت نفسه!

ما رأيك بما أعلنته هيئة التنسيق السورية أنها مستعدة للحوار من دون شروط ومن دون رحيل الأسد؟

– هيئة التنسيق تسجل لها نقاط إيجابية، وهي رفضها التدخل الأجنبي، وهي بقيت تعمل في سورية وليس في الخارج بمعزل عن تمثيلها وهذا أمر جيد. الحوار يجب أن يحصل بين السلطة السورية وبين هيئة التنسيق، لكن الدولة يجب ألاّ تتسامح وتتساهل مع الذي قتل سورياً والذي طالب بالتدخل الأجنبي.

في العام المقبل سنشهد مفاجآت عسكرية وأمنية سياسية كبيرة في سورية، والجيش السوري يعد لمفاجآت عسكرية وأمنية ستغير مسار المعركة.

من الأوفر حظاً: مبادرة المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف ام المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا؟

– المبادرتان مختلفتان. دي ميستورا يقدم مبادرة تتلاقى مع ما بدأت به الدولة السورية منذ فترة أي حصول مصالحات داخلية، والمشكلة كانت لدى الفريق الآخر، اليوم بين خائف وعاجز. في المقابل الروسي يحاول أن يصل بالحوار إلى تركيبة معينة بين الدولة والمعارضة.

كيف تقوّم الدور المصري لا سيما أننا شاهدنا وفداً قطرياً في مصر؟

رغم كل الجراح التي طاولت المصريين من قطر، نرى تدخلاً سعودياً للقيام بمصالحة معينة للملمة مجلس التعاون الخليجي الذي لا يستطيع أن يفعل شيئاً في المنطقة في ظل التقدم الإيراني والحركة التركية، وهو يحاول أن يقوم بوحدة خليجية وتفاهم مع مصر لعله يأخذ دوره في المنطقة، لأنه يوجد فيها قطب شيعي وله امتداداته في بقية الطوائف وهو إيران. والقطب «الإسرائيلي» وقوته العسكرية، فالزعامة الشيعية معروفة أين، لكن يوجد خلاف على الزعامة السنية بين الاخوان المسلمين وتركيا من جهة، وبين مصر السعودية ودول الخليج من جهة أخرى، وحصل ضغط على أمير قطر تميم بن حمد ولكنه لن يلتزم فهو كاذب كأبيه ولديه ارتباط كبير بتنظيم «الاخوان» الذين لن يتركوا الأمة. وقد أدرك خطورتهم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ثم الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في الثمانينات وهم يمارسون الإرهاب منذ عشرات السنين وينكرون ذلك، ويتحالفون مع تركيا لزعامة العالم السني في مقابل التحالف السعودي – المصري.

يبث هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» على التردد 12034

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى