«كورونا» وعائلته غير الجينيّة حروب شعواء ضدّ الانسانيّة
معن حمية _
منذ أن بدأ وباء «كورونا» بالتفشي، استطاع أن يحصد إلى الآن ما يربو على المليون مصاب وما يزيد عن الخمسين ألف ضحية، ما شكّل تحدياً لكلّ المنظومات الصحية في العالم، التي لجأت إلى الإعلان عن حالات الطوارئ والتعبئة مقرونة بإجراءات وقائية، في محاولة لوقف تفشي الوباء.
جدوى الإجراءات المتخذة تفاوتت بين دولة وأخرى، وقد تكون الصين هي الدولة الوحيدة التي استطاعت بنسب مرتفعة لجم تفشي الوباء لأنها طبّقت إجراءات صارمة. لكن هذا لا يعني أنّ التطبيق الصارم للإجراءات الوقائية كافٍ للتخلص من الوباء، بل المطلوب التوصل إلى لقاح مضادّ له، وعلاج فعّال للشفاء منه.
«كورونا» أو «كوفيد 19» وباء لا يميّز بين الشعوب والأعراق والأجناس، فهو عدو الإنسانية جمعاء، وكلّ دول وشعوب العالم، الغنية منها والفقيرة، القوية منها والضعيفة، المتقدّمة منها والمتخلفة، لن تجد مفراً من الانخراط في معركة التصدّي لهذا العدو الذي يستهدف حياة الإنسان في كلّ أرجاء المعمورة.
التصدي لهذا الوباء، يحتاج إلى ما هو أكثر وأفعل من الإجراءات الوقائية، يحتاج إلى منظومة سلاح طبية مضادة، وإلى منظومة سلاح إنسانية. إنّ دولاً بعينها مهما كانت متقدّمة في مجال الطب، لا تستطيع صدّ الوباء، إذا كان متفشياً في دول أخرى. فنظرية الخلاص الفردي التي تطبّقها المجتمعات الغربية باتت مع الوباء نظرية ماضويّة، فالقاعدة الثابتة في مواجهة الوباء، أما نجاة الإنسانية بكلّ المجتمعات، وإما أن تصاب كلها بالوباء والهلاك.
«كورونا» كشف عن هويته، عدواً قاتلاً للإنسان ومهدّداً للإنسانية، ولكن ماذا عن عائلة كورونا غير الجينيّة؟
الولايات المتحدة الأميركية سجلت عبر تاريخها رقماً قياسياً في شنّ الحروب وقتل البشر، منذ الحرب العالمية الأولى إلى الحرب العالمية الثانية التي ارتكبت خلالها أميركا أكبر مجزرة بحق الإنسانية حينما ألقت قنبلتين نوويتين على هيروشيما وناغازاكي فقتلت نحو 250 ألف إنسان بصورة مباشرة فضلاً عن أعداد مضاعفة بصورة غير مباشرة نتيجة الإصابات والأمراض التي نتجت عن تلك القنابل. وعدا عن حروبها ضدّ نيكارغوا وتشيلي ودول أخرى قبل الحرب العالمية، وضدّ فيتنام وبنما والعراق ودول أخرى عديدة بعد الحربين العالميتين.
إنّ حصيلة حروب أميركا ضدّ عشرات الدول لا تعدّ ولا تحصى، وإذ لم يكن هناك رقم محدّد لعدد الأشخاص الذي لقوا حتفهم من جراء القنابل النووية الأميركية، فإنها في حرب فيتنام وحدها قتلت نحو مليوني فيتنامي، أما حربها على العراق فقد خلفت أكثر من مليون ضحية، بصورة مباشرة أو بواسطة الإرهاب.
وإذ سجل عداد «كورونا» إلى الآن نحو خمسين ألف ضحية، فإنّ عدّاد الولايات المتحدة سجل ملايين الضحايا، ولا يزال يسجل المزيد، نتيجة العدوان الأميركي المستمرّ ونتيجة الحصار والعقوبات أحادية الجانب.
الولايات المتحدة، تعدّ كبيرة عائلة «كورونا» بكبائرها وفظائعها، وهي إلى الآن تتفوّق على «كورونا» في حربها ضدّ الإنسانية.
الكيان الصهيوني العنصري الاستيطاني، هو الآخر سجّل رقماً قياسياً في ارتكاب مجازر ضدّ الإنسانية، فهو كيان مصطنع قام على الاحتلال والعدوان والإرهاب، يمارس القتل بشكل يومي ضدّ الفلسطينيين بعد ان احتلّ أرضهم، وهو شنّ حروباً ضدّ مصر وسورية والأردن ولبنان، واحتلّ أجزاء من هذه الدول، وارتكب مجازر موصوفة منذ مجزرتي دير ياسين وبحر البقر إلى مجازر قانا والمنصوري وما بينهما مئات المجازر التي أودت بحياة مئات الآلاف من أبناء شعبنا.
الكيان الصهيوني العنصري من عائلة كورونا، لكنه تفوّق على كورونا في حربه الإبادية ضدّ الإنسانية، وهو في ظلّ «كورونا» يمارس القتل والاعتقال والإرهاب ضدّ الفلسطينيين.
لـ «كورونا» عائلة ولقطاء، لا يتورّعون عن ارتكاب الجرائم وعمليات القتل. فبحسب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش فإنّ البلاد التي تشهد نزاعات وحروب تنتظر الأسوأ من جراء «كورونا»، ومع ذلك، فإنّ السعودية تستمرّ في حربها على اليمن مستهدفة قتل أكبر عدد ممكن من الأطفال والنساء والرجال، وتفرض حصاراً تجويعياً على اليمنيّين وتمنع عنهم الغذاء والدواء.
تركيا هي الأخرى بصورة مباشرة وبواسطة المجموعات الإرهابية تستهدف المناطق السورية بالقصف وتقتل المدنيين، وبرقبة نظام أردوغان الوحشي، دماء آلاف الضحايا السوريين الذي قتلوا منذ بدء الحرب الكونية الإرهابية على سورية…
العالم كله يواجه وباء كورونا، ولكن ماذا عن عائلة «كورونا» ولقطاء «كورونا»؟
*عميد الإعلام في الحزب السوريّ القوميّ الاجتماعيّ.