«خلّيك بالبيت بتربح» لا غاية تثقيفيّة ولا ترفيهيّة… فما الهدف؟
} دمشق ـ آمنة ملحم
منذ بدء إعلان الحكومة السورية اتخاذها لجملة إجراءات احترازية للتصدّي لفايروس الكورونا الذي بات الشغل الشاغل للعالم بأسره مع انتشاره على مدى رقعة الأرض من دون أن يرحم بلداً منه، بدأ وجه خريطة البرامج التلفزيونية عموماً بالتغير باتجاه عقارب الصحة. هذه المرة فلم يعُد متسعاً لأي برنامج أياً كان نوعه بأن يكون متخصصاً باتجاه واحد دون اقتحام أخبار هذا الفيروس غير المرئي لتفاصيله وغالباً السيطرة على فقراته.
لعلّ اتجاه الجمهور الكبير وبشكل لا إرداي نحو شاشات الهواتف المحمولة وكذلك التلفزيون خلال الفترة الأخيرة المقترنة بدعوات الحجر الصحي المنزلي وفرض حظر التجول في سورية بشكل يومي من الساعة السادسة مساء ولغاية السادسة صباحاً من اليوم التالي وباعتباره إجراء اتخذته عدد من الدول العربية الأخرى درءاً للتجمعات قدر الإمكان، دفع الكثير من القنوات الفضائية لإعادة بث أعمال درامية محببة للجمهور لا سيما تلك التي تحمل صبغة الكوميديا في محاولة لترفيه الجمهور، وكذلك اتجهت بعض القنوات لتقديم البرامج الترفيهية الخفيفة كعودة برنامج «بيت الكل» الذي يقدّمه الإعلامي عادل كرم بعد توقفه لأسابيع عدة بسبب الكورونا، وفي الإطار ذاته اتجهت قناة «الدراما» السورية لبث برنامج مسابقات جاء عنوانه تماشياً مع العنوان الأبرز للمرحلة «خليك بالبيت بتربح» حيث أعد وخرج للشاشة خصيصاً في زمن الكورونا لعل الغاية منه ترفيه الجمهور السوري وإغراقه بالجوائز القيمة كما المفترض من هذا النوع من البرامج عادة.
ولكن النتيجة لم تكن كما المشتهى بهذا الوقت من برنامج للسهرة بعد بدء فترة حظر التجوال ولساعة تبث مباشرة على الهواء، فقد جاء البرنامج فارغاً من أي محتوى تثقيفي أو حتى توعوي وفقاً لما تتطلبه المرحلة الحالية حتى في ساعات الترفيه، فلا أسئلة تطرح على المشتركين المتصلين هاتفياً ولا حظ يلعب معهم، بل هم فقط متفرجون واللاعبون هم مقدّمة البرنامج ومَن يرافقها في الاستديو من عازف موسيقي ومغني وكذلك «كوميديان» يدخل الاستديو بزي امرأة تُدعى «تفيدة» دون تقديمه لأي فقرة كوميدية مصممة خصيصاً للبرنامج، بل فقط يقف متفرجاً بانتظار أن يختاره كما الباقين أحد المتصلين ليلعب عنه.
فكرة البرنامج الذي يعده ويخرجه عماد الجندلي وتقدّمه المذيعة مروة العودة، عموماً تقوم على اتصالين هاتفيين معاً في كل مرة. كل من المتصلين يختار أحد الموجودين في الاستديو ليتنافسوا عوضاً عنهما بلعبة «أطفال» من ضمن صالة الألعاب التي استحوذت على ديكور البرنامج والذي صُمّم كصالة ألعاب «المول» الذي يقدم الجائزة في كل مرة لأحد المتصلين فقط وليس كلاهما بناء على ربح أحد مقدمي البرنامج، فلا منافسة للمتصلين ولا اختبار لهما فهم إذاً فقط متفرجون كباقي متابعي البرنامج ولا حول لهم ولا قوة سوى انتظار قرار المذيعة بذهاب الجائزة لأحد منهما، لتطلق عبارتها على المتصل الخاسر «ارجع واتصل معنا مرة تانية»، والجائزة هي «50» الف ليرة سورية ليكون كل الرابحين سواسية في الجائزة التي لا تغني ولا تسمن من جوع مع الارتفاع الباهظ الذي تشهده الأسواق هذه الأيام.
إذاً لا ترفيه فعلي، ولا جوائز قيمة وكثيرة كما تطلق صفحات «المول» المقدم للجائزة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا أفكار مسلية تزرع البسمة، أو حتى تثقيفيّة، فما الغاية إذاً من هذا النوع من البرامج؟ سوى الدعاية التجارية للجهة المقدمة للجوائز بعيداً عن أي اعتبارات المحتوى!
نعم… الجمهور بحاجة لبرامج ترفيهية في زمن الكورونا والضغط الصحي والنفسي والاقتصادي الذي يعيشه، ولعلّ الشركات التجارية كثيرة في سورية قادرة على تقديم دعم عبر جوائز حقاً قيمة ولكن الترفيه بحاجة لدراسة جدّية لتقديمه وكاريزما فعلية لمقدّميه وأفكار قيمة تجذب المشاهد وقد تجعل من البرنامج نجماً بحد ذاته ينتظره الكثيرون.