– يتحدّث المسؤولون في الدولة عن الحاجة لآليّة للتعيينات وكأنها سرّ من أسرار الدولة، وتمرّ التعيينات وكأن أسباب الاختيار لا يعرفها إلا العلماء الذين يحملون رتبة رؤساء ووزراء، ولا يستطيع أحد مشاركتهم بها، وهم يستقوون فقط بالنص الدستوريّ والقانوني الذي يقول إنها من صلاحياتهم، ورغم أن أحداً لا ينازعهم في هذه الصلاحيّات فإن السؤال هو هل فعلاً يستعصي وضع آلية للتعيينات؟
– التذرع بالتوزيع الطائفي وبطبيعة مناصب الفئة الأولى مجرد قناع يلبسه المسؤولون للتهرّب من تقديم آلية شفافة تقنع الرأي العام، بينما في دول ليست فيها هذه التعقيدات ويقوم فيها نظام رئاسي مطلق كالحال الأميركية، لا يعيّن وزير ولا سفير إلا ويمثل أمام لجان في الكونغرس يفحص وتنشر سيرته وتناقش أحواله وتاريخه وأفكاره ونزاهته ومفاهيمه للمهمة الوظيفية التي ستسند إليه.
– يمكن في لبنان أن يبقى التعيين مرسوماً يصدر عن مجلس الوزراء، لكن ماذا عمّا قبل المرسوم؟
– ما المانع أن ترسل الأسماء المرشحة من السياسيين والتي تقدمت فردياً بترشيح نفسها لكل منصب إلى الأجهزة الأمنية وهيئات الرقابة ويطلب تقييم لكل منها ويتحمل كل جهاز مسؤولية تقييمه باعتباره سيرفق مع الترشيح إلى اللجنة النيابية المختصة بالوزارة التي سيعين فيها المرشح لتجري مقابلة مع المرشحين وتستقصي علومهم في مجال المهمة الوظيفية وخبراتهم والرؤى التي يؤمنون بها وتسألهم عما تضمنت التقارير الواردة بحقهم وتستوضحهم عمّا ورد فيها، وترفع تقييماً جماعياً ومفصلاً بالآراء الفرديّة للنواب الأعضاء، لتكون المقابلة الثانية مع لجنة يترأسها رئيس الحكومة وتضمّ وزراء الاختصاص المهني ووزراء المالية والتنمية الإدارية تتحقق من المؤهلات وترفع تقييماً إجمالياً مرفقاً بالتقييمات الفردية للأعضاء، ويوضع بعدها الأمر على طاولة مجلس الوزراء.
– يجري اختيار العشرة الأوائل بعد التقييم الأمني والإداري والمسلكي والعلمي، ويجري اختيار الثلاثة الأوائل بقياس نتائج تقييم اللجنة النيابية واللجنة الوزراية ويصوت مجلس الوزراء على الأسماء لاختيار أحدها.
– هذا سيعني شيئاً واحداً وهو أن التوزيع الطائفي وحتى السياسي لن يكون على حساب الكفاءة والخبرة والقدرة والسيرة السلوكية وفي لبنان لا توجد أسرار. فالتقييمات ستصبح في الإعلام خلال فترة وجيزة ويصير الرأي العام رقيباً.
– المرشح الذي لديه ما يخفيه في مؤهلاته وسمعته لن يغامر بكشف المستور وتقديم نفسه ولن يتورط أحد بترشيحه.