الكيان في مواجهة “الجائحة”…
رامز مصطفى*
رغم مظاهر التفوّق المؤكد في الترسانة العسكرية لكيان الاحتلال الصهيوني، وبالتالي دعم الإدارة الأميركية ودول الغرب الأوروبي، مع ما تبديه العديد من الرسميات العربية من انفتاح غير مسبوق على الكيان، سواء لجهة التطبيع معه، أو الاستعداد لإقامة تحالفات على غير صعيد، الأمر الذي انعكس ضعفاً وتشرذماً وعجزاً على الواقع العربي المتهاوي. غيرّ أنّ ذلك لا يعني أنّ الكيان يعيش أوضاعاً مستقرة، أو أنّ ذلك لم يمنع أو يحدّ مما يواجهه الكيان من اهتزازات وتحدّيات، أكدت العديد من الدراسات، سواء لمراكز أبحاث أو تقديرات لكبار القادة في الكيان، جاء في خلاصاتها، أنّ الكيان يواجه مأزقاً وجودياً نتيجة جملة من التحديات، لم يعشها منذ قيامه غير الشرعي على أرض فلسطين العام 1948، بوصفه كياناً إحلالياً إجلائياً، واستيطانياً توسعياً.
ليس آخر التحديات التي تواجه الكيان الصهيوني، ذاك الفيروس المسمّى «كورونا» الذي يغزو الكرة الأرضية من دون رحمة، حاصداً الملايين من المصابين، وعشرات الآلاف من الأرواح، يقف الكيان عاجزاً أمام انتشاره وتمدّده السريع، كاشفاً عن هشاشة النظام الصحي والاستشفائي في الكيان. الأمر الذي دفع قادته وعلى عادتهم في إرسال أذرعها الأمنية تجوب العالم من أجل سرقة ما يلزم من أجهزة للتنفس أو الكاشفة عن المرض. في تكرار لمشهد القرصنة الذي تقوم به العديد من الدول بما فيها الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، الضعيفة والمكتوفة اليدين أمام تفشي الفيروس، حيث تحتلّ المرتبة الأولى بين الدول من حيث عدد المصابين أو الوفيات. مُخلفاً تداعيات صحية ومالية واقتصادية حادة، ناهيك عن التداعيات السياسية. فقد بلغَ عدد العاطلين عن العمل في أميركا 12 مليون أميركي، و600 ألف عاطل عن العمل في الكيان، حتى أواخر آذار الماضي.
هذا التحدي الوبائي لـ «جائحة كورونا» وغيرها من التحديات، من شأنها أن تترك آثاراً بدأت تطفو على سطح الكيان بشكل متسارع، وليس من البساطة توفر القدرة أو الإمكانية على تجاوزها، بل هي مرشحة للتعمّق والتأزّم، خصوصاً مع ما يُقال وينشر من دراسات وتقارير، على أنّ العالم بعد كورونا لن يكون كما قبله، بمعنى أنّ هناك تحوّلات وتغيّرات سيشهدها العالم، ستزيد من حجم التوترات الصينية – الأميركية. على الرغم مما أظهره الوباء وتفشيه من ضعف وهشاشة دور الولايات المتحدة الأميركية في مدّ يد العون لدول العالم وأقله الحليفة والذيلية لها، على عكس ما أظهرته كلّ من الصين وروسيا وحتى كوبا من رقي وأخلاق وإنسانيّة مع ما يتعرّض له العالم من اجتياح كوروني.
كلّ ما سبق ينعكس تداعيات سلبية على كيان العدو، نتيجة للتراجع المتوقع للولايات المتحدة على المستوى الدولي. لذلك جاء في إحدى نقاط ما حملته وثيقة صادرة عن خارجية كيان العدو حول «مستقبل منطقة الشرق الأوسط في عالم ما بعد كورونا»، أن على الكيان: «المحافظة على العلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة كمصلحة عليا. مع استغلال الفرص الاقتصادية مع الجانب الصيني». وتؤكد صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية في تصريح لرئيس إدارة التخطيط السياسي بوزارة الخارجية، أورن أنوليك قوله: «إنّ الأمر لا يمكن وصفه بتوقعات، لأنّ الأزمة حالياً في أوجها». فبين المحافظة والاستغلال حسب الوثيقة التي تحدثت عن أنّ الأمور تتغيّر كلّ يوم، ومن المهمّ ما ختم به أورن أنوليك: «إننا لا نعرف المستقبل»، بمعنى أنّ التوصية قد تتغيّر وفق التطورات. وهذا بحدّ ذاته يُظهر مدى الفزع والخوف من مقبل أيام ما بعد «جائحة كورونا»، وحكومة الشراكة بين «نتنياهو – غانتس» لن تتمكن من مواجهة هذا التحدّي الذي لم يستأذن أحداً…
*كاتب فلسطينيّ.