نفضة كبيرة ستلحق بالسلّة اللبنانيّة بعد زوال الأزمات الماديّة والوبائيّة
يدرك أهل لعبة كرة السلة في لبنان أن المسار الاقتصادي (وليس الفني) الإنحداري للعبة، هو نتيجة حتمية لسوء التخطيط وغياب الرؤية، والأهم انتفاخ اسعار اللاعبين بدون ضوابط ولا سقوف على الرغم من وجود الرعاية التي كانت «مقبولة» في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد، والتي كانت تغطي سوء الإدارة وتنتج منافسة بين ناديين أو اربعة على ابعد تقدير، فيما كانت المساعدة المالية من وزارة الشباب والرياضة للاتحاد ولو قليلة تسد بعض حاجات المنتخبات الوطنية بالحد الادنى.
لقد بلغت المنافسة لضم «نجوم اللعبة» بين الاندية، حدّ دفع مئات الآف الدولارات للاعبين ومدربين لا يستحقون ما يدفع لهم، مع تراجع الاهتمام بلفئات العمرية أو الاكاديميات التي هي في الأصل مستقبل اللعبة، حتى وقعت معظمها في عجز مالي كبير لم يمنعها من تكرار المغامرة وزيادة الديون على كاهلها، فيما اللاعبون والمدربون تعودوا على عقود مالية كبيرة حتى اعتقدوا انهم أكبر من الاندية ومن اللعبة، والخطأ هنا ليس خطأ اللاعبين بل جريمة ارتكبتها بعض الاندية وبعض الإداريين.
ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، وبعد «نكسة» استضافة نهائيات كأس الأمم الآسيوية التي كلفت اللعبة الكثير ماليا ومعنويا، بدأ اتحاد اللعبة في التحذير من ان استمرار اللعبة على نفس المنوال سيؤدي إلى كارثة، لكن بعض «المهوسين» بالالقاب استمروا في رفع اسعار اللاعبين وتوقيع عقود ضخمة ارتدت سلباً على أنديتهم التي باتت على «كف عفريت» وامام تحدي البقاء، بسبب الشكاوى التي واجهها بها اللاعبون، فيما انخفض مدخول النقل التلفزيوني والإعلانات في الملاعب، لجأ اتحاد اللعبة إلى الحل الأنسب وهو تطبيق «الفا سبورتس» الذي أعطى اللعبة والاندية جرعة بقاء رغم كل ما قيل حول تلك الخطوة التي كانت وقتها خشبة الخلاص الوحيدة امام الاتحاد للاستمرار.
بعد أزمة 17 تشرين الاول 2019، توقف الدوري المحلي واستفحلت الازمات المالية، واعلن التلفزيون الناقل اجراءات جديدة تخص النقل لتقضي على أي مدخول اعلامي بسبب ارتفاع التكاليف، وقد اعلن اتحاد اللعبة حال «القوة القاهرة» وحاول أكثر من مرة استئناف الدوري، وعقد خلوة بين اللاعبين وانديتهم ومدربيهم للوصول إلى تفاهم يعيد إطلاق عجلة اللعبة، لكن ذلك ام يتحقق لاسباب عدّة، إلى أن حلت كارثة «كورونا» التي أطاحت الموسم نهائيا كما اطاحت كل الاساس الكرتوني الذي كانت اللعبة التي اصبحت الاكثر شعبية واقفة عليه.
وماذا بعد «كورونا»؟ صفحة جديدة من تاريخ اللعبة، او كرة سلة جديدة، ستكتب بشكل مغاير، وفي المعلومات أن رئيس اتحاد اللعبة أكرم حلبي اتصل برؤساء الاندية بهدف تحضير لمؤتمر تأسيسي جديد للعبة فور انتهاء حالة التعبئة العامة في البلد، والتحضير لموسم مقبل على أسس جديدة أبرزها ان تكون الفئات العمرية والاكاديميات هي العامود الفقري للاندية وللاتحاد بهدف التأسيس لاجيال مقبلة من اللاعبين. وسيبحث المؤتمر في كيفية معاودة والنشاط والأسس التي تريد الاندية اللعب على أساسها ومنها الاختيار بين الاحتراف الذي له أسسه وموازناته، وبين الهواية غير المكلفة والمألوفة في رياضاتنا.
والاكيد بحسب عدد من رؤساء الاندية، ألا عقود مستقبلاً في اللعبة، ولا مبالغ طائلة ستصرف! بل ميزانيات معقولة وبدلات تنقل أو رواتب مقبولة وبالعملة اللبنانية، وحتى هناك من يطالب بخوض الدوري لثلاث سنوات من دون لاعبين أجانب.
يبدو ان ما يخطط له الاتحاد اللبناني لكرة السلة منذ فترة، وموقفه خلال الآزمات المتلاحقة من موضوع العقود والخلافات بين الاندية واللاعبين، هو نفسه ما وزعته محكمة الاتحاد الدولي لكرة السلة «فيبا» على الاتحادات طالبة من اللاعبين الاتفاق مع انديتهم عبر اتحاداتهم الوطنية، معلنة بدورها حالة «القوة القاهرة» دولياً ومتخوفة من زوال أندية كثيرة عن خارظة اللعبة، وعندها لا يعود ينفع عقد او شكوى فلا اندية بلا لاعبين ولا لاعبين ولا دوريات من دون أندية.
لذا، على رؤساء الأندية واللاعبين عقد لقاء حوار ي شفّاف وصريح برعاية اتحاد اللعبة لوضع أسس وتطبيقات جديدة لدوري كرة سلة تنافسي بدون «شو اوف».