حديث الجمعة

ورد وشوك

 

 

يأخذني الحنين من لُجِّ ما نحن فيه لجلسات الدفء الرحيم مع حكايا جدتي عن عالم جميل..

بالبساطة تنقش في الضمير أسس ومبادئ العيش الحر الكريم..

عن العطاء والتواضع وعن الإيثار وبر الوالدين.. عن القناعة

عن التخويف من غدر الماكرين وأخذ العبر ولو كان قائلها قليل الحيلة بالماديات فقيراً لكنه ذو عقيل حليم..

نعم حليم..

فالحلم اسم من أسماء الرب القدير مفتاح سحريّ عظيم يفتح الأبواب الموصدة ويعالج أقفالاً علاها الصدأ فحالت دون الوصول إلى حقائق الأمور فأضاعت الطريق..

بخاطري أسرح بالتفكير..

كيف للمرء في يومنا هذا القدرة على أن يكون حليماً؟

في زمن كثر فيه السفهاء وقل عدد المتسامحين بعد أن فقدوا الصبر على تفاصيل يوم يعيشونه يبدأ بالتكدير بالوقوف أمام منافذ البنوك للحصول على مبلغ محدد مرصود من قبل إدارة استهلاك وترشيد المصارف من مال خاص بهم جهدوا لتحصيله ووضعوه معتقدين في موضع أمين يحميهم من السارقين، فإذا بهم يتعاملون مع أسياد اللصوصية في العصر الحديث..

تراه منظراً يصلح ليكون موضوع حكاية للأحفاد في مقبل السنين..

أم منظر الطوابير تقف أمام أبواب المجمعات الاستهلاكية للحصول على ما تعد به بطاقة ذكية من مواد تموينية المفروض أنها وجدت لتجنبنا كيد المستغلين وتحفظ الوقت الثمين وتصون كرامة المنتظرين..

المهم أنها موضوع دسم يليق بعقول الآباء معاصري التكنولوجيا في عصرها الذهبي ليرووها للأحفاد في المستقبل البعيد.

والأهم من كل ما مرّ حكاية الوباء الخطير كشف المستور عن أمم كانت بالديمقراطية تتبجّح وتنسب لنفسها القوة والعصمة وحسن التدبير..

فإذا بها من الناحية الإنسانيّة هشّة لا تصلح لا في العير ولا في النفير.

وصف ما حلّ بها يحتاج لكتابة أسفار عدة وفي العصر الحديث لأقراص مدمجة يروق غداً للأحفاد الاستماع إليها أكثر من قراءة الأسفار. وهكذا عن قريب غداً أو بعد غد سينسدل الستار على حكاية وباء غيّر الحياة فاختلفت معه الأماكن والتسميات ولاح في الأفق تغيير خطير يحتاج لتقبّله أن نتمتع بالحلم فبه سيكون التوصيف الجديد مقبولاً من المعاصرين وممن سيكون سطراً من سطور التاريخ

وحكايا الجدّات ستكون إرثاً غابراً كقطع الموزاييك.

رشا المارديني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى