تقرير
كتبت صحيفة «هاآرتس» العبرية: السعودية هي التي تقف خلف خطوة المصالحة والتقارب بين قطر وحكم الجنرالات في مصر مؤخراً. ففي القيادة السياسية وفي جهاز الأمن في «إسرائيل» يعزون للتطورات الاخيرة بين الدول العربية السنية المعتدلة أهمية كبيرة ويقدرون بأنه إذا ما نجحت محاولات المصالحة السعودية فسيكون ممكناً الاستعانة بها في الجهود لاستقرار الوضع في قطاع غزّة، في ضوء العلاقات الوثيقة بين قطر و«حماس».
في 20 كانون الاول، نشر بالتوازي في مصر وقطر بيانان عن المصالحة بينهما، بعد مواجهة بدأت عقب صعود الجنرالات إلى الحكم في القاهرة في تموز من السنة الماضية. مصر، مثل دول الخليج الفارسي، اتهمت قطر بالتدخل في شؤونها الداخلية. وغضب الجنرالات المصريون من الحلف بين قطر وحركة الاخوان المسلمين في مصر ومن المساعدات المالية التي منحتها قطر لـ«حماس» وأغاظهم الاستعراض السلبي الذي قدّمته قناة «الجزيرة»، التي تعمل برعاية وتمويل قطريين، للرئيس المصري الجنرال عبد الفتاح السيسي.
وفي «إسرائيل» يرون إمكانية كامنة إيجابية في التقارب بين الدولتين ويقدرون أنه يعكس محاولة من السعودية وغيرها من دول الخليج ـ البحرين، الكويت واتحاد الامارات ـ لإعادة قطر إلى الكتلة السنّية المعتدلة ولدق إسفين بينها وبين الاخوان المسلمين والمنظمات السنية الجهادية العاملة في الشرق الاوسط.
وتسعى مصر إلى أن تضمن بأن توقف قطر المساعدات المالية للاخوان المسلمين في أراضيها، ولكن على رغم النشر في الصحافة الكويتية وكأن قطر تعهدت منذ الآن بوقف الاموال لـ«حماس» أيضاً.
الخطوة التي بادرت إليها السعودية على ما يبدو لها هدف آخر، يتجاوز تعزيز الكتلة السنية المعتدلة في العالم العربي بقيادة سعودية ومصرية. ففي الشهرين الاخيرين طرأ تقارب هام بين «حماس» وايران، بعد شرخ استمر سنتين على خلفية الحرب في سورية هناك نقلت «حماس» تأييدها من نظام الاسد إلى المعارضة السنية، بسبب تماثلها مع الاخوان المسلمين السوريين .
في أعقاب الحرب بين «إسرائيل» و«حماس» في الصيف الاخير، اقترحت طهران على «حماس» استئناف المساعدات المالية وبالأساس تهريب السلاح إلى القطاع. والسعودية قلقة من اتساع متجدد للنفوذ الايراني في المنطقة وهذا من ناحيتها سبب جوهري لتشجيع مصر على المصالحة مع قطر، وربط الاخيرة من جديد بالمعسكر السني المعتدل والتأثير بهذه الوسيلة أيضاً على اجراءات «حماس» في القطاع. وتصف مصادر أمنية في «إسرائيل» الخطوات السعودية بأنها طموحة وترى في ذلك امكانية لتأثير باعث على الاعتدال لمواقف «حماس» في المواجهة مع «إسرائيل» أيضاً.
في جهاز الامن يقدّرون، استناداً إلى رسائل نقلتها «حماس» بشكل غير مباشر إلى «إسرائيل» في الايام الاخيرة بأن قيادة المنظمة في القطاع مصممة على معارضتها استئناف المواجهة العسكرية مع «إسرائيل». ويتحمل مسؤولية اطلاق الصاروخ نحو النقب قبل عشرة ايام جناح متطرّف يتماثل مع منظمات الجهاد العالمي وليس واضحاً بعد من وقف خلف نار القناص الفلسطيني يوم الاربعاء الماضي والتي أصيب بها بجروح خطِرة جندي من الجيش «الإسرائيلي» قرب السياج الفاصل شرقي خان يونس. ولكن في «إسرائيل» مقتنعون الآن بأنه لم يكن لـ«حماس» يد في الامر.
بعد العمليات عملت «حماس» على منع مزيد من النار، وكذا امتنعت عن رد عنيف على القصف العقابي «الإسرائيلي»، والذي قتل فيه ضابط من شبكة المراقبة لديها وأصيب بضعة نشطاء في الذراع العسكري. وبتقدير جهاز الامن، فإن قيادة «حماس» تسعى إلى الامتناع عن التصعيد خشية إلحاق ضررٍ إضافيّ بقطاع غزّة، ولهذا فانها تعمل في هذه الاثناء على كبح جماح الفصائل الاصغر. أما في الضفة، فتستمر موجة العمليات، والتي أصيبت في آخرها طفلة وأبوها بزجاجة حارقة قرب مستوطنة «معاليه شومرون». في الغالبية الساحقة من الحالات، كانت العمليات نتيجة مبادرة محلية، من دون تنظيم مرتب خلفها.