2014 فسحة أمل للبرنامج النووي الإيراني
انتهى عام 2014 بفسحة أمل حول إمكان وضع حد للمفاوضات الشاقة حول البرنامج النووي الإيراني، والتي بدأت أزمتها قبل أكثر من عشر سنوات. برنامج انطلق في خمسينات القرن العشرين بمساعدة من الولايات المتحدة كجزء من برنامج «الذرة من أجل السلام»، حيث شاركت أميركا والحكومات الأوروبية في هذا البرنامج إلى أن قامت الثورة الإيرانية عام 1979 وأطاحت بشاه إيران. بعد الثورة الإسلامية عام 1979، أمر روح الله الموسوي الخميني بحل أبحاث الأسلحة النووية السرية للبرنامج، إذ كان يعتبر هذه الأسلحة محظورة بموجب الأخلاق والفقه الإسلامي، ولكنه أعاد السماح بإجراء بحوث صغيرة النطاق في الأسلحة النووية، وسمح بإعادة تشغيل البرنامج خلال الحرب الإيرانية ـ العراقية، وقد خضع البرنامج لتوسع كبير بعد وفاته. وشمل البرنامج النووي الإيراني مواقع بحث عدة، اثنان من مناجم اليورانيوم ومفاعل أبحاث، ومرافق معالجة اليورانيوم التي تشمل محطات تخصيب اليورانيوم الثلاث المعروفة، إذ يعتبر مفاعل «بوشهر» أول محطة للطاقة النووية في إيران، وقد اكتمل إنشاؤه بمساعدة كبيرة قدمتها وكالة «روس أتوم» الروسية الحكومية. في عام 2003، أشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA في تقريرها ولأول مرة إلى أن إيران لم تعلن مساهماتها النووية الحساسة وأنشطتها في التخصيب والمعالجة، ويمكن استخدامها لتخصيب اليورانيوم ولإنتاج وقود للمفاعلات لصنع أسلحة. من جهة أخرى، قالت إيران إن برنامجها النووي هو لأغراض سلمية، وقد قامت بتخصيب اليورانيوم بنسبة أقل من 5 في المئة، بما يتفق مع وقود لمحطة الطاقة النووية المدنية، وأضافت أنها اضطرت إلى اللجوء إلى السرية بعد ضغوط أميركية عدة وإجراء عقود نووية مع الحكومات الأجنبية لتسقط من خلالها. وبعد أن ذكر مجلس محافظي الوكالة الدولية بأن إيران لم تتوافق مع ضمانات السلامة مع مجلس الأمن الدولي، طالب المجلس بأن تعلق إيران أنشطة تخصيب اليورانيوم، في حين أن الرئيس الإيراني في وقتها محمود أحمدي نجاد قد صرح بأن العقوبات هي «غير قانونية»، التي تفرضها «قوى الاستكبار»، وأن إيران قررت متابعة رصد برنامجها السلمي بنفسها ومن خلال «المسار القانوني المناسب»، للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبعد مزاعم العام حول أنشطة إيران النووية غير المعلنة سابقاً، أطلقت وكالة الطاقة الذرية تحقيقاً عام 2003 قالت فيه إن إيران قد فشلت بشكل منتظم في تلبية التزاماتها بموجب اتفاق ضمانات معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. وبعد تقرير مجلس محافظي الوكالة بعدم توافق إيران لضمانات لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، طالب المجلس إيران بتعليق برامج تخصيب اليورانيوم. وفرض عقوبات بعد أن رفضت إيران للقيام بذلك. وفي 2009، اقترح الكونغرس الأميركي، وبعد ذلك الأوروبيون، بأن يجرى جدال حول الخداع الإيراني، وهو ما يعني أنه يجب مصادرة حقها في التخصيب، وهو منصب من المرجح أن يصل للتفاوض في محادثات مع إيران». وبعد 2010، عملت طهران على تطوير برنامجها النووي، في حين عمد الغرب وأميركا إلى زيادة العقوبات الاقتصادية عليها، واستعملا وسائل الترغيب والترهيب، ليختتم عام 2014 بجولة محادثات مهمة بين طهران و مجموعة «5+1» في فيينا، سمحت بتمديد المفاوضات حتى شهر حزيران من العام المقبل 2015. هذا التمديد قد يعتبره البعض فشلاً في التوصل إلى اتفاق نهائي، في حين يعتبره البعض الآخر فترة ضرورية لبلورة اتفاق نهائي حول موضوع استراتيجي حساس بالنسبة للعالم وبخاصة لطهران وواشنطن. في ظلّ تقدم كبير، لامس في مضمونه الاتفاق غير المعلن بانتظار تدوير بعض الزوايا المتعلقة بعلاقة واشنطن والدول المتحالفة معها، إضافة إلى ضرورة الاعتماد على الوقت والتطورات لبلورة بعض الملفات المتصلة بتوزيع الأدوار الإقليمية.