ماذا وراء الإجراء الألماني ضدّ حزب الله؟ ولماذا في هذا التوقيت؟
} د. حسن مرهج
قبل الدخول في تفاصيل وحيثيات القرار الألماني ضد حزب الله، لا بد من توضيح بعض التفاصيل التي حدثت خلال الأيام الماضية، ما يضعنا أمام جملة من الوقائع تغوص عميقاً في المشهد القديم الجديد، إذ أن هذا القرار لم يكن الأول ضد حزب الله، كما أن الحملة الاعلامية التي تُشنّ ضده سواء إقليمياً أو دولياً، هي حملات قديمة، لكن اللافت للنظر اليوم، هو التوقيت الألماني بإعلان حزب الله «منظمة إرهابية».
في ذات الإطار، نشر موقع «نتسيف نت» الإسرائيلي، تقريراً حول تحذيرات أطلقها ضابط إسرائيلي متقاعد من خطورة منظومة الصواريخ التي يمتلكها «حزب الله»، وذلك بعد يوم واحد من تحذيرات مشابهة أطلقها مسؤول عسكري أميركي سابق.
ذات الموقع، وفي تقرير له ينقل تحذيرات ضابط إسرائيلي من منظومة صواريخ حزب الله، ويتوجه باللوم إلى المسؤولين «الإسرائيليين» لفشلهم في إيقاف خطر المقاومة على «إسرائيل»، والذي يتزايد يوماً بعد يوم.
وجاء في التقرير مقال يحذّر فيه ضابط أميركي كبير متقاعد من الضرر السيّئ لتشكيل صواريخ حزب الله، والذي وصفه بأنه سلاح دمارٍ شامل سيؤلم كثيراً دولة «إسرائيل» عندما يأمر الإيرانيون حزب الله بإطلاقها نحوها.
في ذات السياق، لا بدّ أيضاً من الإضاءة على التطورات اللبنانية، لجهة عودة مشهد التظاهرات، لكن هذه المرة مصحوبة بأعمال عنف ضدّ الجيش اللبناني، والاعتداء على المراكز الحيوية في الدولة اللبنانية، خاصة أنّ مرحلة التجاذبات السياسية ومشهد إحداث تعقيدات في سير عمل الحكومة برئاسة حسان دياب، يُلقي بظلاله على المشهد اللبناني، والخوف من انجرار التطورات في لبنان، إلى مرحلة لا يُحمد عُقباها، فالأصل في كلّ ذلك، استهداف حزب الله في بيئته الشعبية الحاضنة، وتوجيه الاتهامات له على أنه مُسيطر على الحكومة اللبنانية وتوجهاتها السياسية، مع العلم أنّ مسؤولين لبنانيين في مختلف المواقع لهم تواصل مع الأميركيين، ما يعني وبواقع الأمور، أن لا مُشكلة أميركية مع الحكومة، لكن في المقابل هناك مفارقة لا بدّ من التوقف عندها طويلاً؛ هذه المفارقة تتمحور حول سياق التطورات اللبنانية وحجم التحديات الاقليمية التي تنعكس بشكل أو بآخر على لبنان قيادة وشعباً، كما أن ملفات الفساد التي يتمّ فتحها في لبنان من قبل حكومة الرئيس حسان دياب، وتحديداً في جزئية المصارف والمودعين، سيكون لها ما لها من إحداث توترات متزايدة وتحديات معقدة تطال عموم المشهد اللبناني.
بالعودة إلى القرار الألماني ضدّ حزب الله، يبدو واضحاً أنّ هناك رغبات دولية بتعطيل عمل الحكومة اللبنانية، فلا يُمكن لأحد تحييد حزب الله عن المشهد السياسي في لبنان، وفي جانب أخر يؤرق واشنطن و»إسرائيل»، حيال تعاظم قوة حزب الله الصاروخية، في هاتين الجُزئيتين، لا بدّ من توصيف آخر يُضاف إلى هذا الأمر، فالسعودية مثلاً هللت ورحبت بالقرار الألماني، وهذا الأمر سينعكس حُكماً على الداخل اللبناني.
ومن المفيد القول، إنّ ألمانيا تعتبر حزب الله «منظمة إرهابية»، فهذا ليس بالمستغرب، لكن ترحيب السعودية تزامناً مع ترحيب «إسرائيلي» بهذا القرار، نُدرك حقيقة خفايا هذا القرار في معطييين…
الأول: توحيد الرؤى السعودية الاسرائيلية بشكل خاص، يقابل ذلك توحيد الجهود الدولية والإقليمية للضغط على لبنان بشكل عام.
الثاني: إنّ اختيار هذا التوقيت لتصنيف حزب الله «منظمة إرهابية»، أيّ في الوقت الذي يكافح فيه العالم أزمة كورونا، ويمرّ لبنان بأصعب ظروفه الاقتصادية يبدو أنه لا يهدف سوى ممارسة أقصى حالات الضغط على حزب الله لتركيعه في نهاية المطاف.
في المحصلة، فإنّ هذا القرار لن يُضيف شيئاً جديداً على عموم المشهد الإقليمي، كما أنّ هذا القرار لن يُضعف حزب الله ولن يقوده إلى التنازلات في ملفات كثيرة، سواء على الصعيد اللبناني، أو على المستوى الإقليمي، إذ أنّ سلاح التصنيفات الأمريكي طال سابقاً الحرس الثوري الإيراني، وها هي إيران اليوم تُعانق الفضاء، وكذا إيران التي حوّلت سلاح العقوبات ضدّها إلى فرص متعددة جمعت كلّ المجالات، واليوم بتصنيف حزب الله لن يزداد الحزب إلا قوة. فـسلاح التصنيفات والعقوبات لا يُمكن أن يردع او يُحجم كلّ المناهضين للمشروع الأميركي في المنطقة.