الحق الفلسطيني بين مطرقة الحُكام العرب وسندان الكيان “الاسرائيلي”
ربى يوسف شاهين
منذ عقود من الزمن والمشرق العربي تحت أعين الغرب، وفي أولوية ملفاتهم الهامة؛ بداية التأسيس تكوّنت من مخلفات الحربين العالميتين الأولى والثانية، فتم تصنيف أو غربلة القوى بحسب ولائها أو حسب إمكانية اصطفافها في مخططها التوسعي، وذلك للنيل من مدّخرات الوطن العربي، وقد بدأت معالم الاستعمار تتضح أكثر فأكثر منذ الانتداب البريطاني والفرنسي على سورية، ليتمّ التقسيم حسب مخطط الصهيونية العالمية، ولتطال يد البريطانيين أرض فلسطين وليكون المخرز الذي سيسبّب الدمار والاقتتال في هذه المنطقة، وليكون بذات الوقت الكيان الصهيوني هو العنوان الأبرز لاهتماماتهم.
دهر من الزمن مرّ على هذه الأرض العربية، وجُلّ المسألة التي تقوم عليها سياساتهم العدائية هي مسألة “الحق الفلسطيني”، فإذا ما بدأنا من عام 1948 عام التهجير للشعب الفلسطيني، وبالنظر إلى المواقف العربية تجاه هذا الحق، نجد خطاً بيانياً مختلفاً في الموقف العربي، ما بين موقف ثابت وصامد، وموقف متأرجح حسب الأهواء وتغيّر المقامات السياسية، فبعد الوحدة العربية في 1958 بين سورية ومصر، بدأت أعمدة الثبات العربي بالتهاوي شيئاً فشيئاً، رغم الانتصار الكبير الذي حققته حرب تشرين التحريرية 1973، وبدأت عند أبواب الخذلان العربي من قبل السادات واتفاقية كامب ديفيد 1979، لتكون النتيجة اتفاقية السلام ما بين الكيان ومصر، وخسارة الجولان السوري المحتلّ 1967 التي سبّبها التآمر المبطن من قوى العدوان.
معاهدات واتفاقيات سلام في الظلّ مع الكيان، والذي زُرع على يد بريطانيا وأميركا وفرنسا في المنطقة، فـ تبعات الاستعمار هي إنشاء موطئ قدم لهذا الكيان الغاصب، وتمرّ سنوات النضال لتتوزّع ما بين الدول العربية، فتنشأ لهول الدمار والتخاذل العربي، قوى المقاومة. فقد ثبت لدى المقاومة بأنّ التعويل على بعض الحكام لم يكن بالمستوى المطلوب لدرء خطر المحتلّ الصهيوني، ومع تعاقب المراحل المُخطط لها والتي أراد لها الغرب النجاح لصالح الكيان، فبعد حرب تموز 2006 وحرب غزة والحرب على اليمن وسورية، كان لا بدّ من التحرك السريع لمجابهة هذا الحلف المقاوم، بدءاً من الداعم الأول إيران وصولاً إلى قيادات دول وحتى أصغر فصيل فيه، فبدأت التحركات على كافة الجبهات العربية والغربية في شنّ الحملات المضادة لهذا المحور، عبر صفقات تعاون عربي وخليجي، وعبر التطبيع العلني الذي أخذ اشكالاً متعدّدة من النواحي الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، ليصل في شهر رمضان إلى التطبيع الدرامي عبر بعض القنوات الخليجية في مشاهد تروّج للعقلية العربية المتسامحة مع العدو الإسرائيلي، ناهيك عن العلاقات السياسية، حيث قالت قناة i24 العبرية إنّ “الكثير من التحوّلات شهدها العالم العربي في علاقاته مع إسرائيل على مدار سبعة عقود خلت، تصاعدت وتيرتها في النصف الثاني من العقد الأخير، وبقيادة بنيامين نتنياهو شهدت إسرائيل جولات ولقاءات علنية مع عدد من الزعماء العرب، بعد أن ظلّت لعقود تُعقد في الظلّ وعلى استحياء ذاكرة السعودية والمغرب وتونس ومصر والأردن”.
72 عاما مرّوا على الشعب الفلسطيني من النضال والكفاح المستمرين، فالخذلان العربي أصبح على أشدّه في هذه الأيام، وما تبقى من أمل هو على الشعوب العربية لتُفجر بركان الغضب على حكامها، ليكونوا عوناً لشعب فلسطين في حقه المسلوب.