بين سندان كورونا ومطرقة المكابرة…
رامزا صادق*
بعد قرارات وزير التربية التي أعلنها في مؤتمره الصحافي الأخير، تفاوتت آراء الأهالي بين مؤيّد ومعارض لهذه القرارت بشكل كلّي أو جزئي.
الواضح جداً أنّ غالبية أولياء الأمور عارضت استئناف العام الدراسي في وقت قريب، تخوفاً من إصابة أولادهم بوباء كورونا، واعتبروا أن قرارات الوزير جاءت لتصب في خانة الضغوط التي يتعرّض لها من مدارس خاصة كثيرة، وكأنها محاولة مشبوهة لاستيفاء الأقساط من الأهالي الذين يرزحَون تحت كاهل ضغوط اقتصادية ومعيشية صعبة جداً.
قلّة قليلة من الأهالي أيّدت قرارت الوزير باستكمال العام الدراسي وفق خطة الوزارة، ولكن مع التحفّظ والاعتراض على بعض النقاط ولا سيما المتعلقة باعتماد الإفادات لطلاب التاسع ضمن الضوابط التى وضعها الوزير، لناحية إلزام أبنائهم الالتحاق بالمدرسة خلال الفترة المفروضة للحصول على الإفادة.
على المستوى الميدانيّ، يرى الأهالي، وبناء على توصيات تربويين كثر، إن تنفيذ القرارات التي رشحت عن خطة الوزير صعبة التنفيذ. على سبيل المثال، كيف يمكن للمدرس في الصف التاسع ان يضبط سلوك الطالب داخل الصفّ ولفت انتباهه للشروح، وهو الذي يعلم، أي التلميذ، أنه يكفيه الحضور الجسديّ لنيل إفادة النجاح؟
يتساءل كثر من الأهالي: ألم يكن من الأجدى إلغاء الشهادة الرسمية للتاسع هذا العام وتحويله إلى صف اعتياديّ، يخضع الطالب فيه للتقويم وفق المعايير الضرورية، وينطبق عليه ما سينطبق على باقي الصفوف. فالمسوّغات التي يسوقها الأهالي للاعتراض على قرارات العودة كثيرة ومقنعة ومختلفة، منها ما يتعلّق بصعوبة تنفيذ العملية التعليمية خلال فصل الصيف، خصوصاً أنّ تفشي كورونا في موجته الثانية أصبح مقروناً بأي تفلّت اجتماعي، ومنها ما يتعلّق بالضغوط النفسية التي نتجت عن الحجر الصحي، وأخرى تتعلّق بالظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها البلد في ظلّ الغلاء وارتفاع الأسعار وسعر صرف الدولار.
لذا يعتبر أولياء الأمور أنّ قرارات عودة الأبناء إلى المدارس، على الأرجح، تصب لأجل غايات مالية بالدرجة الأولى، أكثر بكثير لغايات تربوية وتعليمية.
مناشدات كثيرة يطلقها الأهالي من دون آذان تسمع، هواجس كثيرة يتخبطون فيها. لماذا لم تتحرّك الوزارة فعلياً حتى الأن للبتّ بموضوع الأقساط المدرسية، التي يلوّح بها أصحاب المدارس الخاصة من وقت الى آخر، ولماذا لا يتم استئناف العام الدراسي في مطلع أيلول عبر خطة ممنهجة تقوم على اعتماد تعليم تعويضي في مراحله الأولى للأهداف التعليمية الأساسية، وتأخذ بعين الاعتبار التحديّات والعثرات التي يواجهها العام الدراسي الحالي.
واستجدّ “المستجد” بعد أيّام عدّة من إعلان متاهة العودة التي سيضيع فيها ما تبقى من العام الدراسي ويتوه الطالب والمعلّم بين عطسة ولمسة، بين تعقيم وتعليم، بين علامة وكمّامة.. فهل تقارير وزارة الصحّة ستعلن الانسحاب من المتاهة؟
بانتظار ما ستؤول إليه الأيّام المقبلة والتقارير الصحيّة اليومية، نشدّد على إيجاد حلول تراعي الأهداف التعليمية للمنهج وصحة الطالب وحالته النّفسية والوضع الاقتصادي…
فهل من مستجيب؟
*متخصصة تربوية