الخبر الثقافي

في المقابل، تقوم فكرة العرض الراقص «حب في دمشق» لفرقة «أوغاريت لفنون الأداء» على استحضار البيئة الشامية بتفاصيلها الدقيقة وعرضها على خشبة المسرح بأسلوب رشيق يركز على حركات الراقصين وانسجامهم في جو تسوده الموسيقى المختارة بعناية والتي تضفي على العمل دفئاً يعيدنا إلى زمن الحارات الشامية العتيقة.

قدم هذا العمل على خشبة مسرح دار الأسد للثقافة في اللاذقية ضمن فعاليات مهرجان الميلاد السوري الذي أقامته وزارة الثقافة في عدد من المحافظات السورية في فترة الميلاد وخصص للفرق الراقصة لتعريف الجمهور على نحو أوسع بالفن الذي تقدمه ولا يخلو من الدراما في أحيان كثيرة.

عن «حب في دمشق» يقول عقبة وكيل، مخرج العمل ومدرب فرقة «أوغاريت»، إن هذا العمل خاص بالبيئة الشامية، فنحن في هذا العرض نقدم تفاصيل تتعلق بالعرس الشامي والأسواق الشعبية وحمام السوق وبطولات يوسف العظمة، فدمشق عرفت تاريخياً بأنها مدينة السلام والرسل ومهد الحضارات والديانات المختلفة ولن تكون إلاّ على هذه الصورة مهما حاول المعتدون. ويتضمن العمل حوارية درامية تعتمد على الراوي الذي يشرح معظم تفاصيل اللوحات للشاب المغترب العائد الى سورية لتتوالى بعدها لوحات العرض العشر التي تستمر على مدى أكثر من أربعين دقيقة، إذ يرى المخرج وكيل أن وجود مجموعة من الشباب المنتمي لمحافظات شتى لتقديم عمل خاص بالبيئة الشامية بكل صدق وانفعال هو برهان على أن الشام ذات مكانة في قلب كل سوري.

يتابع مخرج العمل: «اخترنا مجموعة من المقاطع والأغاني الشعبية الشامية التي تنا سب روح العمل وأعدنا تسجيلها وطرحها لنضفي عليها بصمة الفرقة الخاصة التي تضم مجموعة من الشبّان الجدد الذين لم يمض على تدريبهم أكثر من ستة أشهر وأرادوا تقديم أنفسهم أمام الجمهور».

من ناحيتها، تشير سحر الخير مديرة فرقة أوغاريت، إلى أن العرض قدم عدة مرات في اللاذقية وشارك في مهرجان الرقص الشعبي في الجزائر ونال المرتبة الأولى هناك، لافتة إلى أن الأزياء والأكسسوارات المختارة كان لها عميق الأثر في إكمال أركان العمل ليكون مثالياً قدر الإمكان، مؤكدة أن الشعب السوري في حاجة ماسة إلى الفرح والمشاركة في هذه النشاطات التي تندرج في إطار ثقافي راق.

الراقصة حلا عيسى تلفت إلى أهمية توزيع الأدوار بين الراقصين الخمسة عشر الذين يقدمون معظم لوحات العمل، وضرورة أن يكرس الراقص معظم تفاصيله الجسدية من ابتسامة وصوت وحركة لتحمل اللوحات تفاصيل وجدانية تضاف إلى حركات الرقص.

تفاعل جمهور الصالة مع العرض إلى حدّ بعيد في جميع اللوحات، ويشير عمار سليم إلى أن مشاركته فرصة لعرض موهبته وإثبات وجوده المساند للجندي العربي السوري الذي يحارب على الأرض، ودوره إيصال رسالته الخاصة على المسرح كي يثبت السوريون للعالم أنهم صامدون بعزيمة وقوة.

الممثل خالد حمادة يؤكد على أن دور الراوي الذي يحاور الشاب المغترب أحمد مشاعل طوال فترة العرض ذو أهمية في تهيئة المشاهد والانتقال به بسلاسة من لوحة إلى أخرى، داعياً إلى عودة كل مغترب إلى وطنه، علماً أن الحواريات القائمة بينهما تركز على تراث الشام وخصوصيته بطريقة بسيطة وعميقة في الوقت نفسه.

انشئت فرقة «أوغاريت» عام 2000 وشاركت في عدد من المهرجانات الدولية والعربية والمحلية وحازت المركز الأول مرتين لأفضل راقص ومدرب ضمن مهرجانات متخصصة، ولها عملان دراميان «هما طائر الفينيق» و«صرخة».

معرض صور نادرة لفريد الأطرش

أكثر من 93 صورة للمطرب الكبير الراحل فريد الأطرش ضمتها قاعة المركز الثقافي في أبو رمانة في معرض توثيقي أقيم في مرور أربعين عاماً على غياب الأطرش تحت عنوان «فريد الأطرش قيثارة السماء».

تضمن المعرض صوراً منفردة للأطرش من جميع مراحله الحياتية وصوراً جمعته بأكبر الممثلات في عصره أثناء عمله في السينما، مثل سامية جمال وشادية وصباح وفاتن حمامة وزبيدة ثروت. ويشير الباحث والناقد التشكيلي أديب مخزوم الى أن الصور التي تضمنها المعرض استجلبت كلّها من أرشيفه الورقي من مجلات قديمة ولا صورة واحدة عن شبكة الإنترنت. ولفت مخزوم الى العلاقة التي كانت تربط الفنان الأطرش والموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب، لذا ركز على وضع صور توثيقية تجمع الفنانين متضمنة شهادة لعبد الوهاب في فريد قال فيها: «لو أخذ فريد من عمري خمس سنوات وأعطاني مطلع لحنه «أنا ويلي بحبه» لما ترددت لحظة في ذلك».

من أبرز صور المعرض صورة تظهر شقيق وابن شقيق فريد أمام جبل من الرسائل التي كانت ترد إلى الأطرش يومياً من المعجبين، إضافة الى شهادات لكبار نجوم العصر في فريد مثل إلفيس بريسلي وإلتون جون وخوليو إغليسياس وداليدا .

لا يغفل مخزوم تضمين معرضه التوثيقي وضع قائمة تظهر ترتيب أغاني فريد ضمن قائمة اللأغاني في عصره إذ كان دائما في المركز الأول، وصوراً تظهر جماهير الألوف التي كانت تحطم الحواجز لرؤية فريد، لافتاً الى أنه كان اول فنان منح ميدالية الخلود كفنان عالمي وفي المعرض صورة له أثناء منحه الميدالية إضافة الى صور لجنازته في بيروت وفي مصر وصور مع خطيبته سلوى قدسي .

أعقبت المعرض محاضرة للباحث الموسيقي أحمد بوبس تناول فيها محطات في تاريخ حياة فريد الأطرش تدل على عبقريته الموسيقية كعازف عود وملحن ومطرب وممثل سينمائي، مشيراً الى أنه خاض غمار التمثيل في واحد وثلاثين فيلماً، متناولاً البعد الجديد الذي منحه فريد الأطرش للأغنية السينمائية من خلال الاستعرضات الغنائية التي كان أول من أدخلها إلى الأفلام . وتوقف بوبس عند حكايتين لأغنيتين مثل «مرحب مرحب مرحبتين» و«كلمة عتاب» لوردة الجزائرية، مشيراً الى أن أغنية كلمة عتاب لحنها لأم كلثوم، لكن رحيله ورحيل أم كلثوم منع كوكب الشرق من أدائها فأدتها وردة بعد رحيل الأطرش بفترة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى