في حضرة كورونا.. يا لتفاهة ما نعيش!
} غدير حمية
الموت في كل مكان… يرتاد بيوتنا… يمشي مختالاً على طرقاتنا… يعلق نفسه لوحات زيتية على جدران جوامعنا… يتسلل رويداً داخل أجراس كنائسنا… يتزيّن بأبهى حلة ليخطف حياتنا… لقد وصلنا بالفعل إلى وقت أصبحت فيه الحياة جزءاً من موت نعيش على أن يأتينا في كل لحظة..
يا لتفاهة ما نعيش… الموت أصبح جزءاً من زادنا الصباحيّ نحمله في حقيبتنا لدى ذهابنا إلى أعمالنا ومدارسنا وجامعاتنا…
يا لتفاهة ما نعيش… الموت أصبح صفحات فيسبوكية تتنازل فيما بينها لتحقق أكبر عدد من اللايكات، وكأنها تسعى لجمع أكبر عدد من الرواد والآسفين على ذلك الموت المميت القاتل..
يا لتفاهة ما نعيش وقد أصبحنا نشك في أنفسنا وفي من حولنا، علّه يكون الشبح الذي يحمل الموت بين أكفه… أصبحنا لا نبرح مكاننا وتوقفت الحياة… حتى لو كان لنا قريب قد استوطن الموت بين أحشائه… يمنعنا الموت حتى من وداعه الأخير…
يا لتفاهة ما نعيش… الموت أصبح خبراً أكثر من عادي… حتى أنه أصبح رفيق الدرب… ونستغرب إذا ما التقينا بصديق بعد فراق وقد بقي بعيداً عن قيد الموت…
يا لتفاهة ما نعيش… وقد أصبح العزاء جزءاً من رسالة واتسآب… فقد أصبح كافياً أن نردد بضع كلمات مكتوبة على لوحة الكترونية حجمها بعدد أصابع الكف لتكون كفيلة بقول «كان طيباً… الله يرحمو»… يا لتفاهة ما نعيش وقد أصبح الموت تفاصيل باردة على الشاشات… وجثث شاردة شوّهت معالمها حدة الموت…
يا لتفاهة ما نعيش… وقد أصبحنا نرتب كل ما يحيطنا ونكتب وصايانا التي أصبحت جزءاً لا بدّ منه من أوراقنا المهمة… يا لتفاهة ما نعيش وقد أصبحنا نفصح عن كلمات سر الدخول إلى حساباتنا الإلكترونية بقصد… لأن موتاً مجنوناً ضلّ طريقه بسبب الزحام وأجلنا إلى موعد آخر قريب…