أربيل مركز المملكة الآشورية
صفية سعاده
لا تبعد نينوى عاصمة الآشوريين كثيراً عن أربيل، فمركز المملكة الآشورية هو ما يُعرف اليوم بكردستان العراق.
مثًلت نينوى المدينة الأكبر في العالم القديم، إذ أن المملكة الآشورية وصلت إلى ذروة ازدهارها في القرن السابع قبل الميلاد، وامتدّ نفوذها من القوقاز إلى مصر. ولقد نقش الملك الآشوري سنحريب 704 – 681 ، ابن سرجون الثاني، على حائط قصره في نينوى أعماله وانجازاته مؤكداً أنه أقام أهم شبكة قنوات للري في المدينة مما سمح بإنشاء حدائق عامة فخمة، كما أنه أمًن الإضاءة في الشوارع كافة، فاستحال الليل نهاراً كما يقول.
وبما أنّ جل ما كنا نعرفه يعتمد على الألواح المخطوطة باللغة المسمارية، لم يصدق علماء الآثار هذه النقوش، واعتبروا أنها مبالغات حاكم قوي، إلا أن الأدلة الحديثة بينت حقيقة هذه المآثر العمرانية.
ما كان من الممكن التحقق من هذه المعلومات لولا صور القمر الاصطناعي الأميركي «كورونا». هذا القمر التجسّسي أطلقته الولايات المتحدة الأميركية عام 1960، واستطاع التقاط 800,000 صورة لم يتم نشرها والسماح للعامة بالإطلاع عليها إلا مؤخراً.
أظهرت هذه الصور بما لا يقبل الشك درجة التطور العمراني المتقدمة للآشوريين في سهل أربيل وهو قلب المملكة الآشورية.
سارع علماء الآثار إلى معاينة السهل عن كثب فبان لهم حجم وضخامة قنوات الري التي أرساها الملك سنحريب والتي تضمّنت مجهوداً هائلاً ومضنياً لحفرها في الجبال وإيصال المياه ليس فقط إلى العاصمة نينوى بل إلى كافة أرجاء سهل أربيل وعلى مساحة خمسين كيلومتراً مربعاً، مما يعني اهتمام الملك الآشوري بالإنتاج الزراعي.
يحتوي سهل أربيل على تراث حضارة ما بين النهرين ما يفوق أضعاف ما وُجد حتى الآن، فهو غني جداً بموجوداته الأثرية التي لم يكن يعلم بها أحد قبل سنوات قليلة إذ أن معظم عمليات التنقيب عن الآثار تمت في جنوب العراق وتركزت حول الحضارتين السومرية والبابلية.
بدأت منذ عامين عملية مسح 1200 موقع أثري على مساحة تمتد حوالى 3200 كيلومتر مربع ومركزها أربيل، وتعود كلها للحضارة الآشورية، ويقوم بالتنقيب مجموعة دولية من علماء الآثار.
راجع:
Colloquy, «Lost Cities», Spring, 2014 , pp. 12-17.
Location of the ruins of Nineveh, Iraq