25 أيّار 2000 على أرض الجنوب غُرِست بيارقُ النصر
وتبدّت مفاهيم الحريّة التي كتبت تاريخاً لا يقبل التأويل
} عبير حمدان
هنا عبروا وبالثرى المشعّ تعمّدوا ورتّلوا وسجدوا، وهنا صانوا ضحكات الأطفال وأحلامهم ورفعوا الضيم بالقوة ولا شيء سوى القوة. وهنا سقطت كلّ البيانات الفارغة والقرارات الأمميّة المعلّبة والتي لا تساوي قيمة الحبر الذي كُتِبت فيه.
عشرون عاماً من عمر التحرير ولم يزل نبض الأرض شاهداً على قدسيّة الدماء التي تزهر كلّ يوم في كلّ بلدة وعند كلّ ربوة وحقل.
على أرض الجنوب غُرِست بيارقُ النصر وتبدّت مفاهيم الحرية التي كتبت تاريخاً لا يقبل التأويل، والخيار الرئيس هو المقاومة نهجاً ونمط حياة يؤسّس أرضية للأجيال بعيداً عن منطق استيراد الأفكار المعلبة الهادفة إلى تهميش الإنجاز الوطني الحقيقي الذي تحقق في أيّار 2000.
كثيرة هي الحكايا التي تختزنها الذاكرة والتي تخرج من إطار المناسبة المحدّدة بيوم احتفالي، حيث إن من رصف درب الصمود صبراً تلو الصبر وتمسك بوجوده متحدياً سنوات الاحتلال يحق له الاحتفال في كلّ جزء من الثانية، ولا يمكن لأيّ نص أن يصل إلى مستوى الانتصار المشبَع بعبق زهر الليمون ونسائم الزعتر البري وانغماس شتلة التبغ بتراب لا يشبه سواه.
في الذكرى العشرين لعيد المقاومة والتحرير كيف يمكن تحصين هذا النصر المبين؟ وهل لم يزل بالزخم والوهج نفسهما في ظلّ ما يعانيه شعب اختار احتضان المقاومة وكان رديفاً حياً لها ولم يزل يواجه التحديات وآخرها الحصار الاقتصادي ومحاربته في لقمة عيشه… هذه الأسئلة توجّهت بها «البناء» الى شخصيات سياسية وعسكرية وحزبية حيث أكدوا جميعهم أن الخيار الرئيس هو المقاومة وصونها واجب وضرورة وصولاً إلى تحرير كلّ شبر من بلادنا.
الخطيب:
ما ضاع حقٌّ وراءَه مقاوم…
أكد النائب السابق زاهر الخطيب أمين عام رابطة الشغيلة، أنّ المقاومة بدماء شهدائها صنعت مجد لبنان، وقال: «أهنّئ شعبنا وأمتنا وكلّ الشرفاء في العالم بالنصر المجيد الذي تحقق في أيار 2000، وأقول لكلّ من باع القضية انّ المقاومة هي مَن صنعت مجد لبنان المتمثل بالتحرير وهزيمة المحتلّ وإجباره على الانسحاب تحت ضربات المقاومين، ونقول لكلّ من يحاول بث الشكوك حول هذا الانتصار الكبير إنّ ما صنعه المقاومون والوطنيون بدمائهم وبقوّتهم وبوحدتهم وبمعاناتهم هو الحقيقة الأزلية، ونحن نحني أمام دماء الشهداء».
وأضاف: «بعد عشرين عاماً لم يزل مشهد الجماهير الزاحفة إلى القرى المحرّرة حياً ودليلاً واضحاً على إرادة هذا الشعب التي لا تنكسر، ووحدها المقاومة هي الضمان لاستعادة باقي أراضينا المحتلة وحفظ مياهنا وثرواتنا وحق العودة. وما بدأناه قبل العام 2000 وبعده يجب ان نستكمله بتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والغجر وكلّ شبر من أرضنا وصولاً إلى تحرير فلسطين».
وختم: «كما صنعنا التحرير بدماء الشهداء والمقاومة المسلحة التي هي الأسلوب الرئيسي الذي يجب أن تكون الدبلوماسية في خدمته سننجز التحرير الشامل، وعليه فإنّ شعارنا الرئيسي هو خيار المقاومة، وما ضاع حق وراءه مقاوم».
الموسوي: نصر أيار 2000 تتويج لسيل هائل من تضحيات المقاومين وأصحاب القضيّة والقوى الوطنيّة والجيش السوريّ
أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب د. إبراهيم الموسوي أنّ نصر أيار 2000 جسّد إرادة الشعب المتمسك بالمقاومة، وقال: «الذكرى العشرون لتحرير الأراضي اللبنانية ولنصر أيار 2000 هي محطة تجسّد كلّ الآمال والطموحات العريضة بالاستقلال والحرية وتشكل منطلقاً متقدّماً للمقاومة وتتويجاً لأعمالها على مدى سنوات طويلة، لتضحياتها، للدماء الزكية والطاهرة التي قدّمها الشهداء، للصبر والآلام الجسيمة التي لا يمكن تخيّلها والتي تحمّلها أهالي الأراضي المحتلة في لبنان سواء في الجنوب أو البقاع الغربي ومنطقة العرقوب. كل هذه المناطق هي منارة ونبراس متقدّم وأنموذج يجسّد إرادة أي شعب بالانتصار وبالمقاومة.
نجدّد تحياتنا واحترامنا وتقديرنا لكلّ التضحيات التي بذلت ليس فقط من مجاهدي المقاومة الإسلامية حزب الله فقط، إنما من الناس الذين هم الحاضنة الشعبية من أهلنا وناسنا في المنطقة، ونستذكر أيضاً البقاع الذي شكل خزاناً للمقاومة ومراكز لتدريبها وكلّ التضحيات التي قدّمت، وأيضاً نستذكر كلّ فصائل المقاومة الفلسطينية والوطنية التي ضحت لأنّ هذا النصر كان تتويجاً لسيل هائل من التضحيات التي قام بها عدد كبير من المقاومين والمجاهدين وأصحاب القضية وأصحاب الكرامة والعزة سواء من الفصائل الوطنية وقوات المقاومة الفلسطينية، والقوى الوطنية والجيش العربي السوري وكلّ إنسان شريف ضحّى وجاهد في سبيل تحرير الأرض، شيء عظيم جداً حصل وهو أنّ هذه المقاومة لم تستطع فقط أن تمارس الردع ضدّ الاحتلال الإسرائيلي إنما استطاعت أن تحقق النصر والعزة والكرامة والتحرير وأثبتت للمرة الأولى أنه عندما يكون هناك شعب لديه إرادة التحرر والحرية يستطيع ان ينتزع النصر من أيدي العدو مهما كان قوياً ومستنداً إلى أيّ قوة. هنا أثبتت المقاومة أنّ العين تقاوم المخرز».
وأضاف: «نحن بحاجة الى سردية متماسكة تُجدّد دائماً وتسيل هذا الإرث العظيم من العزة والكرامة والسيادة والاستقلال والنصر والفخر والمجد إلى الأجيال المقبلة لتبقى على اتصال دائم بكلّ هذه الانتصارات العظيمة التي سطّرها المقاومون والمجاهدون والقوى الوطنيّة والإسلاميّة، لأنّ 25 أيار هو عيد وطني عام، وقد استطاع اللبنانيّون من خلاله أن يثبتوا أنهم أهل عزم وإرادة وأهل كرامة وعزّة، وأهل مقاومة وانتصار».
وختم: «هذه المقاومة شكلّت مستنداً رئيساً للمقاومة في فلسطين. ونحن نعرف أنّ اندلاع الانتفاضة وتوسّعها بدأ من خلال تمثل النموذج اللبناني على قاعدة أنه إذا استطاع اللبنانيون أن يقوموا بذلك لماذا لا نستطيع نحن فعل الشيء نفسه، فانطلقت الانتفاضة والمقاومة في فلسطين وراكمت كلّ هذه القدرات المتميّزة وأيضاً في أماكن أخرى في العالم العربي والإسلامي، لقد أشعلت الهمم وأيقظت العزائم ونحن بحاجة إلى مزيد من تسييلها بأشكال فنيّة وثقافية وبقوالب مختلفة كي تستطيع الأجيال المقبلة أن تتطلع الى هذه المرحلة كمرحلة عز وانتصار وأن تتزوّد منها بالعزيمة والإرادة خاصة أننا نعيش موجات هائلة ومتكاملة ومتتابعة من الحرب الناعمة التي تريد أن تغسل أدمغة أطفالنا والأجيال التي عاشت كلّ هذه المعاني من السيادة والاستقلال».
كيدانيان: نصر أيار أعاد الاعتبار لكرامة لبنان
وهو من أهمّ الإنجازات في تاريخ لبنان المعاصر
اعتبر عضو قيادة حزب الطاشناق، وزير السياحة السابق في الحكومة اللبنانية أفيديس كيدانيان، أنّ التحرير الذي تحقق في العام 2000، هو إنجاز تاريخي للأجيال.
وفي ردّ على سؤال «البناء» قال كيدانيان: «أودّ في البداية أنّ أهنّئ اللبنانيين بعيد المقاومة والتحرير الذي نعتبره من أهم الإنجازات في تاريخ لبنان المعاصر. فهذا التاريخ سجّل للبنان إعادة اعتبار الكرامة بعد كلّ ما شهدنا قبيل العام 2000 من اعتداءات وتعذيب للأسرى ومجازر، ونحن الأرمن نعرف جيداً قيمة الانتصار لكوننا شهدنا على الظلم التاريخي الذي لحق بشعبنا».
وأضاف: «التحية للمعادلة الذهبية المتمثلة بالجيش والشعب والمقاومة التي رسّخت مفهوم الانتصار للأجيال القادمة التي عليها تقدير قوة هذا الانتصار والتمسك به، وبرأيي أنّ نصر أيار 2000 لم يزل بالزخم والوهج نفسها».
خواجه: ترسيخ ثقافة العداء لـ «إسرائيل»
وبناء الدولة المدنيّة يصون المقاومة وانتصاراتها
وتوجّه عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجه بالتحية إلى المقاومة، لافتاً إلى أنّ صون التحرير يتطلب بناء دولة حديثة ومدنيّة تستعيد ثقة الشعب الذي حضن هذه المقاومة ولم يزل مؤمناً بها، وقال: «في ذكرى التحرير نتوجّه بالدرجة الأولى بالتحية إلى كلّ اللبنانيين والمقاومة وإلى أرواح الشهداء وإلى الجرحى. فهذا العيد هو عيدهم، والإنجاز الذي تحقق في لبنان منذ عشرين عاماً كان بفضل كلّ لبناني وطني وبفضل المقاومة وبيئتها وناسها وشعبها، ولهذه البيئة ألف تحية لأنها كانت صفاً واحداً خلف المقاومة».
أضاف: «هذه مناسبة عزيزة لأنها انتصار استثنائي في تاريخ الصراع مع العدو المحتلّ. وهي المرة الأولى التي يخرج فيها العدو الإسرائيلي من أرض احتلها بالقوة ولا شيء سواها، لأنّ العدو لا يفهم إلا لغة القوة، ورغم ما نعيشه من انقسامات في لبنان إلا أننا تمكنّا من هزيمة العدو واستعدنا جزءاً كبيراً من الأرض وطبعاً لم تزل هناك أجزاء محتلة، لذلك لن يتوقف الصراع حتى نستردّها».
وتابع: «المقاومة تطوّرت على مدى هذه السنوات وتضاعفت قوّتها وبات يُحسَب لها ألف حساب، ويكفي أن نراقب ما يقوله العدو في خطاباته وإعلامه لنعرف أنه يخشاها، من هنا علينا التمسك بمقاومتنا وترسيخ ثقافة العداء لـ»إسرائيل» والتمسك بالأرض، مع الإشارة إلى أنّه لولا الانتصار الذي تحقق في أيار 2000 لما تجذرت هذه الثقافة، وبالتأكيد فإنّ أول من أرساها هو الإمام السيد موسى الصدر».
وأكد خواجه ضرورة تعزيز مناعة المجتمع، وقال: «اندحار العدو في العام 2000 ثم هزيمته في 2006 كان تحت ضربات المقاومة بكّ أطيافها وتلاوينها الوطنية التي تضمّ الجميع بعيداً عن أيّ قيد طائفي لذلك علينا تعزيز مناعة المجتمع على كافة الصعد وليس فقط من الناحية العسكرية، المقاومة سلسلة مترابطة ولا يمكن فصل الجانب الثقافي والمجتمعي عن الفعل العسكري، وكما نجحنا في المقاومة علينا أن ننجح في بناء الدولة والوطن، لبنان يُعاقب اليوم بالحصار الاقتصادي بسبب الانتصارات التي تحققت. وهذه السياسة الأميركية تجاه لبنان هي خدمة للكيان الإسرائيلي. من هنا علينا المواجهة سياسياً واجتماعياً ونعمل جميعنا لبناء دولة لأنّ هذا الشعب يستحقّ دولة مدنية حديثة تتعاطى مع مواطنيها كمواطنين بعيداً عن الطائفية والانقسام، علينا هزيمة الطائفية وإنقاذ الوضع الاقتصادي بالتصدي والصبر والحفاظ على وحدتنا الوطنية والمعادلة الذهبية المتمثلة بالشعب والجيش والمقاومة لتحقيق الانتصار وبذلك نصون مقاومتنا وانجازنا الوطني الذي شهده العالم كله في ايار 2000».
بدوي: يوم التحرير استعيدت فيه كرامة لبنان والعرب للمرة الأولى منذ النكبة عام 1948
أكد الدكتور رفعت بدوي، مستشار الرئيس الدكتور سليم الحص، أنّ زمن تفوّق العدو قد ولّى.
وقال: «يوم التحرير غيّر المعادلات التي كانت سائدة في صراعنا وحربنا مع العدو الإسرائيلي، وصار للبنان درع قوي يحسب له العدو الإسرائيلي ألف حساب وأدرك فيه العدو الإسرائيلي أنّ زمن تفوّقه العسكري قد ولّى الى غير رجعة وانّ زمن احتلال الأرض قد ولّى، لأنّ المقاومة ستبقى جاهزة بعين ساهرة وقوة رادعة. وهو يوم بات فيه العدو مدركاً انّ كابوس خسائره العسكرية سيلاحقه في أيّ مغامرة إسرائيلية على لبنان».
وتابع: «هذا اليوم باعتقادي يوم إلهي لأنّ الله أنصف الرجل الذي أبى خيانة المقاومة وخذلانها، لأنه الرجل الذي جهد في حماية المقاومة ودعمها وتقويتها في مواجهة عدو لبنان وعدو الأمة، لأنه الرجل الذي سعى جاهداً في تأمين الدعم الدبلوماسي والدولي في حق لبنان بالمقاومة ضدّ عدوّ محتلّ. وهو الرجل الذي سخر عمل حكومته في العام 2000 لتأمين كلّ سبل تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي حتى أنه سُمّي بدولة الرئيس المقاوم إنه الرئيس الدكتور سليم الحص».
وأضاف بدوي: «شخصياً كنتُ شاهداً على تفاصيل دعم الرئيس سليم الحص للمقاومة قبل التحرير وبعد حصول التحرير حتى أنّ الرئيس الحص قال في يوم التحرير إنه اليوم الذي تحقق فيه حلمه في التأكيد على ترجمة قول جمال عبد الناصر وهو «إنّ ما أُخذ بالقوة لا يُستردّ بغير القوة». ومما قاله الرئيس الحص «أنّ الله أكرمني بأن أشهد يوم هزيمة العدو الإسرائيلي وانسحابه من جنوب لبنان وأن يتحقق التحرير في عهدي»، ووصف الرئيس الحص يوم التحرير بأنه «أسعد يوم في حياته».
وأكد أنّ «في يوم التحرير أقول إنّ الله أكرمنا بالمقاومة الشريفة وأعزّنا كأمة عربية بالمقاومين الأشاوس الذين بذلوا الدماء والأرواح والشهداء من أجل الدفاع عن الوطن وعن كرامة الأمة جمعاء، تحيّة للشهداء الأبرار، تحية للجرحى، تحية للمقاومة الشريفة».
وختم مستشار الرئيس الحص: «كما انتصرنا وحررنا في العام 2000 وفي العام 2006 ستبقى المقاومة على العهد والوعد بصون تراب الوطن وشرف الأمة حتى تحرير فلسطين وتحرير القدس ان شاء الله. وإنه ليوم يرونه بعيداً ونحن نراه قريباً».
شحيتلي: نحن في وضع المنتصر
وعلينا الحفاظ على هذا النصر
ورأى اللواء عبد الرحمن شحيتلي أننا انتصرنا مرتين الأولى في أيار 2000 والثانية في تموز 2006، وقال: «إذا أردت أن أتكلم عن إنجاز المقاومة في أيار 2000 من الناحية العسكرية أجزم بأنّ العدو انسحب من لبنان بعد حرب استنزاف طويلة جراء ضربات المقاومة، بحيث لا مجال لأيّ اتفاق، وحين ظنّ العدو أنه قادر على تدمير بنية المقاومة بعدوان تموز 2006 لم يجد إلا الهزيمة وبالتالي نكون قد انتصرنا عليه مرتين».
أضاف: «لو كان العدو قادراً على شنّ الحرب لن يتأخر، مستوى توازن القرى بين العدو ومحور المقاومة مدعوماً ببيئته الحاضنة يؤكد أنّ خسائر المقاومة أقلّ من خسائر هذا الأخير ونحن في وضع المنتصر، وهذا ما يجعلنا نواجه اليوم حرباً اقتصادية قائمة على مبدأ عضّ الأصابع، لذلك على البيئة الحاضنة استيعاب الأمر والاختيار بين أمرين فإما الخضوع او الكرامة التي لا تأتي إلا بالصبر وشدّ الأحزمة، ومن هنا نؤكد أنه لا يجب أن يضيع إنجاز أيار 2000 بالضعف الآن».
وتابع: «حين كنت أفاوض كنت أتكلم بمنطق الدولة الكبرى، وهذه القوة خلفيتها المقاومة ومن الخطأ أن يعمل البعض على إعادة المشهد إلى خانة الضعف، نحن في زمن نقلنا فيه العدو من الاستقواء الى الخوف من فعل المواجهة وأجبرناه أن يقفل على نفسه لذلك الوعي الدبلوماسي مطلوب. صحيح انّ المجتمع الدولي ضدنا ولكن الحق يثبت حضورنا، وبالتالي يجب على الدبلوماسية الحفاظ على إنجاز التحرير، كلنا مسؤول للحفاظ على هذا الإنجاز شعباً وسياسيين، ونقول لبعض أهل السياسة الساعين الى بيع الإنجازات جراء حفنة من الدولارات أننا لن نسمح لهم بذلك، وفي الختام نؤكد أن كل الناس الذين دعموا وحضنوا المقاومة ومن كلّ الأطياف قادرون على تحديد هوية العدو وهزيمته على كافة المستويات».
حطيط: ما تحقق في أيار 2000
هو التحرير النظيف البكر
أكد العميد أمين حطيط أنّ التحرير شكل نقطة تحوّل استراتيجي في مسار الصراع مع العدو الإسرائيلي، وقال: «حين نتحدث عن التحرير علينا أولاً التأكيد أنّ هذه المناسبة هي نقطة تحوّل استراتيجي في مسار الصراع مع العدو الإسرائيلي. وهذا اليوم كتب أنّ الأرض العربية تحرّرت بدون تفاوض وضغط خارجي، تحرّرت بالقوة والشجاعة والمقاومة رغم محدودية الإمكانيات. والتحرير أدّى الى إرساء استراتيجية «الثمن الباهظ»، حيث إنّ الالم الذي أصاب العدو كان في جانب منه فعل اختراق صفوف الشارع الإسرائيلي باللوبيات الضاغطة على الحكومة. ووصل الأمر الى حدّ خوض السياسيين في الكيان المحتلّ الانتخابات تحت شعار الانسحاب من جنوب لبنان».
وأضاف: «أنا أرى أنّ ما تحقق في أيار 2000 هو التحرير الكامل البكر دون تفاوض أو قرار دولي، إنه التحرير النظيف البكر، أما هل استطعنا أن نحافظ عليه فذلك يرتبط بما هو مقصود من هذا السؤال، واذا كان القصد الحفاظ على الأرض فقد فعلنا ذلك إلى حدّ كبير. صحيح أنّ هناك بعض الخروق وقع فيها المسؤول اللبناني في الفخّ حيث هناك 13 نقطة محتلة على طول الحدود مع فلسطين المحتلة، أضف إليها الغجر ومزارع شبعا، واليوم يعلن ترامب أنّ هذه المزارع تابعة للجولان ويعمل على ربطها بـ «صفقة القرن». إذاً هي خسارة جزئيّة للأرض وطبعاً لا يمكن استرجاعها إلا بالمقاومة».
وتابع: «إنّ أيّ مقاومة في العالم حين تحقق الانتصار من البديهي أن تتربّع على عرش الوطن. وهذا ما حصل في كلّ دول العالم، أنّ بطاقة مقاوم تعطي صاحبها الحق في أيّ شيء وتحفظ حقوق أبنائه من بعده سواء من الناحية الاجتماعية أو الصحية او حتى التوظيفية، ولكن للأسف في لبنان اليوم نرى بعض الخونة الذين يطالبون بنزع سلاح المقاومة. وهذا أمر مؤلم، والمخيف أكثر أنّ البعض قد فقد الشعور المؤيد للمقاومة، وهناك أمر خطير كنت قد لفتت إليه في وقت سابق ولم تتمّ الإضاءة عليه بشكل كافٍ وهو مسألة العملاء الذين فرّوا إلى «إسرائيل» بإرادتهم وقد تمّ إنجاز دراسة منذ سنة في الكيان الغاصب تقول إنّ «اسرائيل» أخذت ستة آلاف لبناني ليكونوا نواة عسكرية لإعادة احتلال الجنوب من دون إغفال ارتباط هؤلاء ببعض عملاء الداخل، وهذا أمر يجب التنبه له جيداً».
وفي ما يتصل بأهمية الدور الإعلامي في الصراع وحفظ إنجاز التحرير، قال: «للأسف هناك تقصير كبير ليس فقط إعلامياً، إنما إذا تابعت وسائل التواصل الاجتماعي التي تؤثر بشكل مباشر على هذا الجيل سترين أنّ هناك غياباً كلياً من قبل مستخدمي هذه الوسائل عن حدث التحرير، واليوم نحن نتكلّم بمناسبة ذكرى عيد التحرير وأقول لك إنني لم أجد إلا ما ندر حول الحدث على الفايسبوك وتويتر وكأنه موضوع لا يعني إلا قلة قليلة من الناس. هذا على الصعيد الإعلامي وفضاء التواصل الإلكتروني، اما في يتصل بالجهات السياسية ففي لبنان وبكلّ أسف سياسة تجاهل ونسيان بدأها السنيورة بإلغاء عيد التحرير، وتمّ تحويل البوصلة إلى وجهة ثانية من قبل البعض. وهنا يجب ان نؤكد أنّ أهمية تحرير الأرض في العام 2000 تكمن في أنّ هذا الإنجاز صنعه الوطنيون اللبنانيون وليس طرفاً أو حزباً، ولكن المفارقة الغريبة أنّ الذين لم يشاركوا في هذا الإنجاز أصبحت كلمتهم هي المسموعة. وهذا أمر علينا تداركه لكي نضع الأمور في نصابها الصحيح».
حميّة: لا بدّ من تحصين التحرير سياسياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً… والتمسّك بمقاومتنا لحماية بلادنا
أما عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية فقد لفت إلى أنّ عيد المقاومة والتحرير الذي يحتفل به اللبنانيون منذ عشرين عاماً، هو مناسبة وطنية وقومية تتعرّف من خلالها الأجيال المتعاقبة على التضحيات الجسام التي بذلها المقاومون كفاحاً واستشهاداً في سبيل دحر الاحتلال اليهوديّ عن الأرض اللبنانية، كما أنها مناسبة للتأكيد على التمسك بالمقاومة نهجاً وخياراً.
وقال حمية لـ «البناء»: إنّ التحرير في العام 2000 هو حصاد سنوات طويلة من المقاومة ضدّ الاحتلال، ونحن نعتزّ بهذا الحصاد المثمر ونرى فيه إنجازاً تاريخياً ونوعياً تحقق بفضل دماء الشهداء وتضحيات المقاومين.
وأردف: وفيما نتحدّث عن مرور عشرين عاماً على التحرير، وعن مناسبة عيد المقاومة والتحرير، نؤكد بأنّ مقاومة الاحتلال اليهوديّ متجذّرة في شعبنا، لكنها تمأسَست عملياً في العام 1982 بمواجهة الاجتياح الصهيوني للبنان. وليس خافياً أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي أدّى دوراً طليعياً في مسار مأسسة المقاومة، وتُعدّ عملية سوق الخان في 21 تموز 1982 الانطلاقة الفعلية لجبهة المقاومة الوطنية. ففي هذه العملية أطلق القوميون صواريخ الكاتيوشا على مغتصبات الجليل مسقطين شعار «سلامة الجليل»، ثم واصلوا تنفيذ العمليات ضدّ الاحتلال وعملائه، ومنها عملية الويمبي والعمليات الاستشهادية والنوعية. لذلك حين نتكلم عما تحقق في أيار من العام 2000 فنحن نحكي عن شهداء ودماء وتضحيات وعرق وجهد وعطاء بلا حدود سبق هذا التاريخ بسنوات، وعن خيار ونهج اسمه المقاومة لطالما كان بوصلتنا للتحرير».
وأضاف: «إرادة المقاومة مُحال أن تخبو طالما القوى التي تقاوم وتتصدّى للمحتلّ موجودة، وإذ نحتفل اليوم بالعيد العشرين للتحرير لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذا التحرير لم يكتمل بعد، حيث لا تزال هناك أراضٍ لبنانية محتلة وكذلك الجولان وفلسطين، لذلك يبقى خيار تحرير كلّ بلادنا قائماً، والإنجاز الذي تحقق في أيار 2000 يبقى مصاناً رغم ما ترتب على هذا التحرير من أعباء وتحدّيات كبيرة، سواء على لبنان وكلّ الأمة منذ احتلال العراق 2003 الى ما واجهه لبنان في 2005 ـ 2006 وصولاً للحرب الكونية الإرهابية على الشام، وإلى صفقة القرن لتصفية المسألة الفلسطينية».
وتابع: «نحن نقول إنّ الحرب التي استهدفت إنجاز التحرير حرب كونية إرهابية، وإنّ هدف هذه الحرب هو إسقاط عناصر القوة في بلادنا المتمثلة بقوى المقاومة، وبالشام حاضنة المقاومة».
وختم حميه قائلاً: «تحرير العام 2000 وما سيليه هو في عيوننا مشهدية عزّ وفرح، وهو مشهدية هزيمة وانكسار مشاريع أعداء أمتنا، لذلك نؤكد على ضرورة تحصين التحرير سياسياً وثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وعلى كلّ الصعد، لكي نحمي مقاومتنا التي تحمي بلادنا في مواجهة عدونا الوجودي وكلّ قوى الاستعمار. فالتحرير أسّس لانتصارات ومعادلات، وهو حكماً يؤسّس لمستقبل نرى فيه كلّ بلادنا محرّرة من الاحتلال وكاملة السيادة على أرضها وثرواتها».