لحّام: لبناء دولة حديثة يتضامن فيها الدين والدولة

رأى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام أنّ العيش المشترك في المنطقة مهدّد بسبب الهجرة التي سببتها الحروب والأزمات، داعياً إلى «تكوين مجموعة عربية، إسلامية- مسيحية، تعمل على وضع ميثاق عربي جديد يُلبّي تطلعات الأجيال الشابة في دولة حديثة يتضامن فيها الدين والدولة».

وفي كلمة ألقاها خلال مؤتمر الإسكندرية الذي عقد في مكتبة الإسكندرية بعنوان: «نحو استراتيجية عربية شاملة لمواجهة التطرف» برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قال لحام: «إنّ العيش المشترك مستقبل هذه البلاد، والمسيحيون عنصر هام في هذا العيش المشترك، لأن لا عيش مشتركاً من دون تعدّدية، لكنّ هذا العيش مهدّد بسبب الهجرة التي سببها الأشدّ خطورة، الحروب والأزمات والتي أصلها الصراع «الإسرائيلي» ـ العربي والظلم الحاصل بسببه، ومن إفرازاته التطرف والتزمُّت والأصولية والعنف والإرهاب ومشاعر العداء والكراهية في المجتمع، وعدم المساواة في الحقوق وفرص العمل، والمشاركة في وظائف الدولة وإداراتها، في المجالس النيابية وفي الوزارات والمناصب والخدمات الأخرى».

وأضاف: «إذا بقيت الهجرة على وتيرتها واستمر نزيفها، فهذا يعني تفريغ الشرق من تعدّديته المسيحية، وانهيار مقولة العيش المشترك. فالمسيحي لا يمكنه أن يصمد أمام مسلسل النكبات والأزمات والحروب والصراعات». وأضاف: «إذا كانت البلاد العربية، وإذا كان المواطنون المسلمون حريصين على التعدّدية، وعلى العيش المشترك، ويهمهم أن يبقى المسيحيون في المنطقة، فلا بدّ من أن يتمتع المسيحيون بالمواطنة الكاملة وبجميع الحقوق المترتبة عليها. ولا بدّ للدول العربية من أن تجمع كلمتها وتوحِّدها لكي تفرض حلاً حضارياً سلمياً عادلاً للقضية الفلسطينية. وإذا لم يتم الأمر، وفي مستقبل قريب منظور، فنزيف الهجرة سيستمر، وستزيد الحركات الأصولية والإسلامية، ويزيد العنف والإرهاب ويقع الشباب المسلم فريسة سائغة في حبائلها. ومعنى ذلك أننا سنخلف لأجيالنا العربية الشابة الطالعة إرثاً مظلماً، ومستقبلاً قاتماً، وسيفقد المجتمع العربي الإسلامي مقومات التعدّدية والعيش المشترك، وستتحقق نبوءة صراع الحضارات والثقافات والأديان».

ودعا لحام إلى «تكوين مجموعة عربية، إسلامية- مسيحية، تعمل على وضع ميثاق عربي جديد يُلبّي تطلعات الأجيال الشابة في دولة حديثة يتضامن فيها الدين والدولة، بحيث يتوفر المجال الطبيعي المتناغم لكلّ منهما، وتتناغم فيها الشريعة الحنيفة والمواطنة واحترام الحريات، لا سيما حرية العبادة والمعتقد للجميع من كلّ الطوائف والأطياف».

وختم: «أنتم مدعوون في المنطقة لأن تكونوا صانعي السلام والمصالحة والنمو، لتعزّزوا الحوار وتبنوا الجسور وتعلنوا إنجيل السلام وتكونوا منفتحين على التعاون مع كلّ السلطات الوطنية والدولية، عن طريق تعزيز السلام بواسطة التفاوض والعمل الديبلوماسي، وبالسعي إلى احتواء ووقف العنف في أسرع وقت ممكن والذي سبّب أضراراً كثيرة. فكم من الوقت يتعيّن بعد على الشرق الأوسط أن يتألم جرّاء غياب السلام؟ لا يمكننا الاستسلام للنزاعات كما ولو أنّ أي تبدل بات مستحيلاً. أعطوني عالماً عربيا إسلاميا متحداً، أضمن لكم بقاء كلّ أولادي المسيحيين، وعدم هجرتهم».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى