صحافة عبرية
ترجمة: غسان محمد
نتنياهو هو المشكلة
كتبت صحيفة «هاآرتس» العبرية: في نهاية الأمر، المشكلة هي بنيامين نتنياهو. صحيح أنّ تنبؤات نفتالي بينيت أكثر تطرّفاً، وأن وزير الدفاع موشيه يعالون قد ساهم في تدهور علاقات «إسرائيل» الخارجية اكثر منه. وصحيح أن أفيغادور ليبرمان فاسد ويستعرض قوّته أكثر منه، وأنّ الشخصيات الأخرى في قيادة «الليكود» الذين قد يرثوه يوماً ما، مثل كاتس وأردان وآلكين وساعر، هم أقرب للمستوطنين بدرجة لا تقل عنه. وصحيح أنّ لا ضمانة فيما لو حصلت المعجزة وأقيمت حكومة ليست برئاسة نتنياهو ـ سيكون في إمكانها الخروج بسلام من التناقض الداخلي القائم وتغيير السياسات التي قادتها حكومته. ولكن قبل كل شيء، فإنّ الطريق إلى التغيير تبدأ بإزاحة نتنياهو. نتنياهو شخصياً.
إن نتنياهو لا يثير العواطف التي أثارها في فترة ولايته الاولى. حيث صفات القوة والشك تجاه السياسي القادم من الولايات المتحدة الذي سيطر على الحكم بالتحريض وبتبنّي سياسات تضليلية، كما أنها ليست الميل إلى اليمين وحشد الصفوف من حوله كفتى القبيلة الناجح كما حدث مع مناحيم بيغن الذي كان يخشى وسائل الاعلام والمجموعات الاثنية. وإننا في اليمين وفي اليسار تعودنا على نتنياهو. فهو ليس ساحراً سياسياً كما يثبت سقوط حكومته بعد أقل من سنتين. كما أنه ليس رجلاً خطابياً كبيراً كما تشهد اللامبالاة الكبيرة والمتواصلة ضد العالم وضد خصومه السياسيين.
ومع ذلك، نتنياهو هو القصة، أكثر من أي انسان آخر. وإذا اضطررنا لفحص المأزق الوحيد الذي علق به «المجتمع الإسرائيلي» ويمنعه من الانفتاح إلى الخارج فهذا المأزق هو نتنياهو. إنه المشكلة التي تحول دوننا والحياة الطبيعية وتحبس طاقة التغيير وتمنع القدرات الابداعية ورياح الاصلاح والتضامن. إنه هو الذي تجاهل وقام بجميع الاعمال التي أثارت أقلّ قدر من التفاؤل هنا في السنوات الاخيرة: الاحتجاجات الاجتماعية، تطوير مجتمع مدني نقدي، إجراءات أسرلة وإدخال الليبرالية التي تجري تحت سمع «مواطني إسرائيل العرب والمتدينين» وبصرهم.
هي ليست فقط السحق الاجرامي لعملية السلام وقيادة المجتمع إلى دولة «ثنائية القومية»، وليست فقط الزحف السلبي والتخطيط للحرب الاخيرة على غزّة، وليست فقط التراخي في مكافحة الفقر والفجوات الاجتماعية وتكاليف المعيشة. هذا هو نتنياهو الذي كان له أكبر الأثر، أكثر من أي شخص آخر عمل على إخراج الشر الذي في داخلنا. فهو منذ وجوده، و«إسرائيل» تعاني من الصراع بين القوى المتفائلة والمبادرين والديناميكيين الذين يدفعون الدولة للمضي قدماً وبين القوى التي تكرّس الخوف والمحافظة والتي تراوح في مكانها، نتنياهو هو الذي يغذّي بشكل متواصل مزاج الجمود وضياع الفرص، تلك الصفات الموروثة والمتواصلة منذ أجيال.
«إسرائيل» تعترف: هكذا ساعدنا في طرد مشعل من قطر
بعد عدة ساعات من التقارير الأولية حول طرد رئيس المكتب السياسي في حركة «حماس» خالد مشعل من الأراضي القطرية لم يتردّدوا في «إسرائيل» بالقول إنّ «إسرائيل» عملت من وراء الكواليس كي تعجّل هذه الخطوة.
وفي بيان رسمي نشره الثلاثاء، المتحدث بِاسم وزارة الخارجية عمانوئيل نحشون، وتناقلته الصحف العبرية، جاء أن «وزارة الخارجية بقيادة الوزير ليبرمان عملت على تعجيل هذه العملية السنة الماضية من خلال اتخاذ عددٍ من الخطوات بهدف أن تقوم قطر بهذه الخطوة وتتوقف عن دعم حماس ومساعدتها. الوزير ليبرمان ورجال مهنته عملوا على ذلك من خلال قنوات علنية وسرية مع قطر نفسها ومع دول أخرى، وعلى رغم أنه وفي الساعات الأخيرة سارع مسؤولو حماس إلى نفي هذه الأخبار، أما قطر فلم تتطرّق لتلك التقارير بعد الأمر الذي يدعم الانطباع بأن مشعل تلقى بالفعل أمراً بمغادرة الإمارة الثرية».
وقال مصدر سياسيّ «إسرائيلي» لموقع «واللا» العبري: «نتابع عن كثب التقارير التي ما زالت تصدر عن جهات عدة، بما فيها تقارير حماس، إنه حدث مهم بعدما قمنا بتحرّكات كثيرة في هذا الخصوص في الأشهر الأخيرة». وقال: «لقد بدأنا بالتحرّك حتى قبل عملية الجرف الصامد، ولكن بعد العملية فقد قويت حجتنا في مواجهة قطر».
وزير الخارجية كان قد هاجم قطر بكلمات قاسية في شهر حزيران الماضي قبل عملية «الجرف الصامد» بأكثر من شهر في خطابه السياسي الذي ألقاه في «مؤتمر هرتسيليا»، قال ليبرمان في حينه «إنّ قطر توفّر ملجأ لعناصر متطرّفة وتعمل على أساس انتهازيّ بحت. العالم الغربي يجب أن يطلب من قطر الكفّ عن لعب ألعاب مزدوجة». هذا الهجوم القاسي لم يحظَ بالعناوين الرئيسية في حينه، ولكنه دشّن الجهود «الإسرائيلية» ضدّ الامارة الصغيرة، وقد نجح في استفزاز جميع الدول العربية بالتأييد الذي قدمته لحركة الاخوان المسلمين و«حماس» والتنظيمات الإرهابية الأخرى.
وبحسب قول المصدر «الإسرائيلي» فإن الجهود ضد قطر ازدادت بعد العملية في غزة: «عملنا لقاء الولايات المتحدة وأوروبا ولقاء دول في المنطقة أيضاً مع التركيز على دول الخليج عبر قنوات سرية لا يمكن البوح بماهيتها حالياً». وأكد المصدر أنّ «الهدف كان الاظهار بأن قطر دولة شاذة تواصل تأييد حماس بعدما فهم الجميع الولايات المتحدة وأوروبا والدول العربية أنّ حماس تنظيم إرهابيّ متطرّف يزعزع الاستقرار»، وأضاف المصدر: «لقد استغرقنا وقتاً طويلاً حتى تمكنّا من بلورة الموقف الدولي، ولكن بعد الجرف الصامد ازدادت عزلة قطر وبدأوا يشعرون بالضغط».
في «إسرائيل» يعتبرون أنّ المصالحة المصرية القطرية التي وقعت الشهر المنصرم نقطة انطلاق غيّرت الدينامية لغير مصلحة «حماس»، فبعد توقيع هذا الاتفاق من المهم التأكيد أنّ التقدير الأرجح في «إسرائيل» كان أنّ العلاقة بين قطر و«حماس» ضعيفة، غير أنّ صنّاع القرار لم يتوقّعوا أن تستعجل الدوحة في طرد مشعل، الأخبار التي نشرت أمس على افتراض أنها صحيحة تمثل تغييراً دراماتيكياً وسريعاً في أسلوب قطر.