أرمن سورية يحيون الذكرى المئوية لمجزرة الإبادة: متى يحاسَب القاتل التركي؟
نيرمين فرح
تميز خطاب مطران دمشق وتوابعها للأرمن الأرثوذكس أرماش نلبنديان بشيء من الحماسة وهو يعلن إطلاق الذكرى المئوية لمجزرة إبادة الأرمن، متمسكاً بمصطلحات عميقة مثل «القضية الأرمنية لم تجف ولم تشخ مهما حاول المجرم التركي نكرانها… لم يعط مرور الزمن صك البراءة للقتلة».
عيد الميلاد الأرمني هذه السنة اتسم بنوع من الارتباط المباشر بتلك الإبادة التاريخية التي قامت بها الدولة العثمانية منذ مئة سنة وقتلت خلالها مليوني شخص تقريباً منهم 1.5 مليون أرمني ونصف مليون سرياني وعدد من الشهداء اليونان والكلدان.
وتحمل الذكرى شعار»أتذكر وأطالب» لكي لا ينسى العالم تلك الإبادة أولاً وليطالب المجتمع الدولي بمحاسبة القاتل وإعادة الأراضي المسروقة إلى أصحابها والحق إلى الشعب الأرمني ثانياً.
وفيما رأى المطران نلبنديان أن من الصعب إعادة ملايين الأرواح إلى الحياة، أوضح أن طلب الاعتذار والمحاسبة كان أحد المطالب التي طرحتها الكنيسة الأرمنية، ومع اعتراف عدد من الدول بالقضية إلا أن المطران نلبنديان اليوم طالب سورية بالاعتراف لأنها الأرض المقدسة التي جبلت بدماء شهدائهم، ولأنها أيضاً مغارة الميلاد التي تذوق فيها الأرمن الحياة بعد هروبهم من المجزرة، مؤكداً أن الأرمن جزء من الشعب السوري مهما حاول الإرهاب نزعهم منها لن يفلح، مضيفاً أن على القاتل أن يُحاسب لكي لا يكرر جرائمه.
مُثلت الحملة أيضاً بزهرة بنفسجية بخمس بتلات تعبيراً عن القارات التي انتشر بها الأرمن وبدائرة سوداء مثلث المجزرة وبدائرة صفراء باثني عشر قسم لتمثيل الأرض التي هجر منها الأرمن.
من جهة أخرى، أكد قداسة مار إغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس أن الكنيسة السريانية اليوم تشارك أختها الأرمنية بالفرح والتذكر، مؤكداً فكرة محاسبة القتلة لكي لا يتكرر إجرامهم كما يحدث اليوم من مجازر بحق كل من المسلمين والمسيحيين على حد سواء، ونوه أفرام إلى أن الكنيسة السريانية أيضاً ستطلق حملة سنوية للمجزرة التي تسمى سريانيا «سيفو» بعنوان «كي لا ننسى على المجتمع الدولي أن يحاسب القتلة وينصف المظلومين».
الجدير ذكره أن عيد الميلاد عند الطائفة الأرمنية يصادف 6 كانون الثاني في حين تحتفل الطوائف الأخرى بالميلاد في 25 كانون الأول، وقد فسر السبب تاريخياً لفصل الكنيسة في زمن الدولة الرومانية الميلاد عن العيد الموحد الذي كان يسمى عيد الظهور الإلهي ودمجه مع عيد إله الشمس لما له من أهمية في تلك الفترة، بينما الطائفة الأرمنية كانت خارج نطاق الدولة الرومانية لذلك حافظت على التقويم القديم الذي يشمل كل الأعياد وتحتفل كل سنة في يوم 6 كانون الثاني بعيد الميلاد والدنح الغطاس معاً.
اليوم تعود ذكرى مجازر الإبادة بعد مئة عام بمجازر تشهدها المنطقة بحق البشرية جمعاء، القاتل ذاته ما زال يرتكبها من دون محاسبة، وبات اليوم انتزاع الاعتراف والاعتذار والحق من المجتمع الدولي مطلباً من مكون أكبر من أصحاب الثأر الأول، فهل يحاسب القاتل التركي على مجازره القديمة والحديثة؟