الاعتداء على «شارلي إيبدو» يستنفر التعاطف الإعلامي والهمم الحكومية
لم يكد الهجوم على مجلة «شارلي إيبدو» يحصل، حتى انشغلت الصحف الغربية به، منطلقةً من أساسين خرقهما ثالث. الأساس الأول اعتبار الهجوم اعتداءً على حرّية التعبير. الثاني ربط الهجوم بالحرب الدائرة على المنظمات الإرهابية في الشرق الأوسط لا سيما «داعش»، أما الثالث المخترق، فتمثل بدعوة إلى التعقل، وعدم التسرّع في الحكم على الدين الإسلامي ولا على المسلمين القاطنين في أوروبا جميعاً.
وإذا كانت غالبية الصحف الأميركية والأوروبية قد اتخذت الأساسين الأولين للانطلاق في نشر التقارير، فإن «غارديان» البريطانية هي التي انفردت في الدعوة إلى إنصاف المسلمين وملاحقة القَتَلة فقط. إذ نشرت تقريراً بحث في أسباب انتشار ظاهرة الإرهاب المتأسلم كظاهرة عالمية، آخر ضحاياها كانوا صحافيي المجلة الفرنسية «شارلي إيبدو» التي اقتحمها ملثّمان وأطلقا الرصاص في داخلها بشكل عشوائي ليتركا خلفهما 12 صحافياً قتيلاً.
ويرى التقرير أن الجريمة الأخيرة التي صرخ أحد منفّذيها أثناء هروبه «انتقاماً لمحمد!»، لا تمثل الدين الإسلامي في شيء، بل هي إشكالية البعض الذي لا يستطيع التعايش مع العالم المعاصر، ليجد ملاذه في تفسيرات مباشرة لنصوص دينية تبيح له القتل والإرهاب.
وإذ وصفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية الهجوم الذي هزّ فرنسا بالوحشي، فإنّها أشادت بدعوة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الحكيمة إلى الوحدة الوطنية.
أمّا صحيفة صحيفة «إلموندو» الإسبانية، فأشارت إلى رفع وزارة الداخلية الإسبانية حالة التأهب الإرهابي درجةً، ونقلت عن وزير الداخلية خوخي فيرنانديز دياز قوله إنّ رفع مستوى التأهّب في إسبانيا يعتبر موقّتاً.
«نيويورك تايمز»: الهجوم على المجلة مذبحة وحشية وهولاند حكيم بالدعوة إلى الوحدة الوطنية
وصفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية الهجوم الإرهابي على مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة في باريس أول من أمس الأربعاء بالوحشي الذي هزّ فرنسا.
وأضافت أن الفرنسيين ردّوا بعزم قويّ في الدفاع عن حرياتهم. وأشارت إلى أن البعض قد يقولون إن المجلة التي نشرت رسوم مسيئة للرسول محمد قد أثارت حفيظة الإسلاميين عدّة مرات، كما لو أن القتل بدم بارد هو الثمن الذي يجب أن تدفعه مجلة.
واعتبرت الصحيفة أن الكراهية هي الدافع وراء تلك الجريمة التي وصفتها بالمذبحة، ورأت انه من السخف القول إن تجنب الهجمات الإرهابية يكون بالسماح للإرهابيين بإملاء معاييرهم في دولة ديمقراطية.
ورأت الصحيفة أيضاً أن هذا ليس وقت الداعين إلى كراهية الأجانب لكي يحاولوا تشويه كل المسلمين بالإرهاب. وقالت إنه عار على زعيمة اليمين المتطرّف الفرنسي ماري لوبين أن تسعى إلى تحقيق مكاسب سياسية بحديثها عن الأصولية الإسلامية. وأشادت الصحيفة كذلك بدعوة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الحكيمة إلى الوحدة الوطنية، وهي المشاعر نفسها التي حاكها الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي طلب من الرأي العام تجنّب الجمع بين المسلمين والإرهابيين.
«غارديان»: حادث اقتحام «شارلي إيبدو» لا يمثل الإسلام في شيء
نشرت صحيفة «غارديان» البريطانية تقريراً يبحث في أسباب انتشار ظاهرة الإرهاب المتأسلم كظاهرة عالمية، آخر ضحاياها كانوا صحافيي المجلة الفرنسية «شارلي إيبدو» التي اقتحمها ملثّمان وأطلقا الرصاص في داخلها بشكل عشوائي ليتركا خلفهما 12 صحافياً قتيلاً.
ويرى التقرير أن الجريمة الأخيرة التي صرخ أحد منفّذيها أثناء هروبه «انتقاماً لمحمد!»، لا تمثل الدين الإسلامي في شيء، بل هي إشكالية البعض الذي لا يستطيع التعايش مع العالم المعاصر، ليجد ملاذه في تفسيرات مباشرة لنصوص دينية تبيح له القتل والإرهاب.
ويعود التقرير إلى التباشير الأولى من التاريخ الإسلامي لينقل من حياة رسول الإسلام محمد، ما يثبت احترام الإسلام حرية التعبير والرأي المخالف، وتعارضه مع جريمة اقتحام الصحيفة التي نشرت من قبل رسوم كاريكاتورية ساخرة من النبي.
ويقول التقرير إنّ حرية التعبير والفكر هي التي سمحت لحوالى 30 مليون مسلم أن يعيشوا داخل المجتمعات الغربية، ويحققوا النجاح في أعمالهم وحياتهم، ويمارسوا في الوقت نفسه طقوس دينهم من دون أي مضايقة أو تدخل من الدولة. ويقول التقرير إنّ ظاهرة الإرهاب التي ذاق العالم الإسلامي من ويلاتها الكثير، تحظى بانتشار بسبب سوء فهم النصوص الدينية وتناولها بشكل خاطئ، مقترحاً مواجهتها عن طريق مشروع ديني يعيد مناقشة الإسلام مع هؤلاء الإرهابيين الذين يشعرون بعزلة من العالم الحديث.
ويتطرّق التقرير إلى الدول التي عانت من ويلات الإرهاب، مثل باكستان ومصر والعراق وغيرها، داعياً إلى مواجهة الارهاب في تلك الدول بلغة الحديث والعودة إلى جذور الدين وإلقاء الضوء على حياة نبيّ الإسلام محمد.
«إلموندو»: إسبانيا ترفع درجة التأهّب إزاء الإرهاب «الجهادي»
قالت صحيفة «إلموندو» الإسبانية، إن وزير الداخلية خوخي فيرنانديز دياز رفع حالة التأهب الإرهابي مستوى درجة في إسبانيا بعد الهجوم الذي حدث في باريس ضدّ مجلة «شارلي إيبدو»، إذ سيُمرّر المستوى إلى الثاني. وأوضح وزير الداخلية الإسباني خلال ظهوره أمام وسائل الإعلام أن رفع مستوى التأهب في إسبانيا يعتبر موقّتاً، مؤكداً أنّ ما من سبب لمزيد من الإنذارات».
ووفقاً للصحيفة، فإن وزير الداخلية اجتمع في مدريد مع رؤساء مكافحة الإرهاب في الشرطة الوطنية ومركز الاستخبارات الحرس المدني ضد الإرهاب والجريمة المنظمة «CITCO»، والمركز الوطني للاستخبارات «CNI»، وذلك بعد الهجوم على المجلة الفرنسية «شارلي إيبدو».
وأشارت الصحيفة إلى أنّ المرة الأخيرة التي تُرفَع حالة التأهب في إسبانيا إلى الدرجة الثالثة، كانت خلال إعلان الملك تنحّيه وتولّي نجله فيليبي السادس مقاليد الحكم.
وفي السياق نفسه، أكد رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي، أنه من المنطقي تعزيز الأمن في البلاد بعد الهجوم على المجلة الفرنسية، ولكنه أكد أنّ ذلك ليس سبباً للقلق، وأعرب رئيس الحكومة عن انزعاجه من الهجوم الإرهابي الذي وصفه بالهمجيّ، وقال:«إسبانيا على استعداد للتعاون مع فرنسا في مكافحة الإرهاب، نحن أصدقاء وجيران ونتشارك في احترام الحياة والحقوق الفردية للأشخاص والحقوق الأساسية».
«إلباييس»: خبراء أوروبيون يحذّرون من تنامي ظاهرة الكراهية ضدّ الإسلام
تصدّر خبر الهجوم الإرهابي على مجلة «شارلي إيبدو» الفرنسية الصحف الإسبانية، وقالت صحيفة «إلباييس» تحت عنوان «الخوف من الإسلام ينتشر في جميع أنحاء أوروبا»، إن ضحايا الإسلام المتطرّف بعد الهجوم على المجلة الفرنسية يؤثّر سلباً على المسلمين المقيمين في أوروبا بكاملها، والخبراء يحذّورن من تنامي ظاهرة كراهية الإسلام في القارة، وأيضاً يتوقعون الهجمات على المساجد والتمييز في توظيف النساء المسلمات.
وأشارت الصحيفة إلى أن آلاف الأشخاص كانوا يتظاهرون في ألمانيا في الأسابيع الأخيرة ضد أسلمة الغرب، في الوقت الذي تتكاثر الهجمات على المساجد في السويد، وفي الوقت الذي تنتقد الحكومات الأوروبية هذه الاحتجاجات والأفعال ضد أسلمة الغرب، تقوم إحدى التنتظيمات الجهادية الإسلامية بالهجوم على مجلة فرنسية والتسبب في المزيد من القتلى.
ونقلت الصحيفة قول مايكل بريفوت مدير الشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية «ENAR»: «على رغم أن جميع البيانات لا تزال غير معروفة، فنحن قلقون من ارتفاع مستوى كراهية الإسلام في أوروبا، وذلك بعد الهجوم على المجلة الفرنسية». مضيفاً: «منذ هجمات 11 أيلول 2001، انتشر عمل الإرهاب الجهاديّ وأصبح ينتشر على شبكات الإنترنت».