حصار النار وجنون الدولار..
} إبراهيم مصطفى
وكأنه مكتوب على اللبناني أن يعيش حالة رعب دائم، رعب الحروب الصهيونية التي استطاع اللبناني كسر مفاعيلها، وكان الأجدر والأكفأ في مواجهة «إسرائيل» وأعوانها.
هذا اللبناني الذي خاض غمار حرب أهلية أكلت الأخضر واليابس واستمرّت أعواماً وكانت برعاية عدد من الدول العربية والعالمية إضافة إلى العدو الصهيوني ودفع اللبناني من حياته ومستقبله واقتصاده.
ولكن…
هل تعلّم اللبناني من كلّ الذي حصل؟
هل أخذ العبرة؟
أشكّ في ذلك
ففي لبنان أناس يستمعون لأميركا من جهة ولـ «إسرائيل» من جهة ثانية، ولبعض الدولة العربية التي تسبح في فلك التطبيع من جهة ثالثة.
قد يكون هذا غيرة من القوى والأحزاب الوطنية والإسلامية المقاومة، وقد تكون في الجينات، وربما في الدماء التي تجري في عروقهم.
فكيف يُصان لبنان من الاعتداءات الصهيونية المتكرّرة بحراً وجواً وعلى الحدود؟ هل كما قال واقترح أحد جهابذة السياسة في لبنان نظرية الناظور والمسافة الآمنة بين جنود الجيش اللبناني على طول الحدود، وهذه الفكرة العبقرية والنادرة في عملية حماية الأوطان والتي لم يسبقه إليها قادة العسكر قديماً وحديثاً، ربما لأنه ألمعي في التفكير الاستراتيجي ولديه خبرة فائقة في إدارة الأزمات الكونية…
ففي الحرب مع الكيان الصهيوني كان اللبناني مقاوماً فذاً ورجل عسكر من الطراز الأول فصمد وتصدّى وقدّم نموذجاً يُحتذى به في علوم الحروب الحديثة واستطاع أن يكسر بقوّته وإرادته وصلابة البيئة الحاضنة حصار النار الذي سعت وما زالت تسعى إليه «إسرائيل» وأميركا وقوى الرجعية العربية العميلة.
ولكن يبقى السؤال…
ماذا قدّمت الدولة لتعزيز الصمود وخاصة في مناطق الجنوب وعلى الحدود الشرقية؟
ماذا فعل السياسيون اللبنانيون الذين نهبوا خيرات البلاد وأغرقوا العباد في أتون الفقر والبطالة والعوز.
أسئلة كثيرة تدور في رأس كلّ مواطن لبناني.
لماذا وصل بنا الحال الى ما نحن عليه؟
قد يقول قائل إنّ سبب الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردّي هو سلاح المقاومة.
فنسأله بدورنا وليس دفاعاً عن سلاح المقاومة لأنه يدافع عن نفسه بنفسه.
نسأل هذا السائل أو المتسائل.
كيف نُواجه عدواناً «إسرائيلياً»؟
كيف نمنع «إسرائيل» من الدخول والخروج إلى قرانا في الجنوب ساعة تريد وللهدف التي تريد؟
كيف نحمي أطفالنا في أعيادهم وفلاحينا في حقولهم؟ ويأتي الجواب السطحي والضيّق الأفق…
لدينا جيش وطني وهو قادر على ردع العدو إنْ فكّر بغزونا…
نقول له…
إنّ جيشنا اللبناني هو من خيرة جيوش المنطقة ولكن…
هل تسمح لنا أميركا بتسليحه وبكلّ الوسائل ليتمكّن من ردع أيّ خرق أو غزو «إسرائيلي…
بالطبع كلا…
لأنّ أميركا تسعى وبكلّ قوّتها لحماية «إسرائيل» ولن تسمح للبنان أن يكون لديه الجيش القادر على المواجهة والصمود فهي تقدّم له بعض الأسلحة العادية جداً…
وهنا كانت المقاومة اللبنانية الباسلة والتي رسمت وغيّرت كلّ المعادلات حتى أصبح لبنان على ما هو عليه من قوة ومنعة…
وهذا لم يرق لـ «إسرائيل» وأميركا وبعض الداخل الخامل والحالم بالسيطرة والتطبيع. فعمدوا إلى الحرب الاقتصادية القاسية علّ وعسى تؤثر سلباً على المقاومة وبيئتها فكان هذا الفلتان المُمنهج للدولار…
وها هم يُحاصرون الناس بحرب الدولار بعد فشلهم في حرب البارود والنار…
وكما في كلّ حروبهم يُراهنون على أنجاس الداخل من ساسة وتجار واقتصاديين ويعملون ليل نهار لحصار أشرف بندقية في تاريخنا المعاصر ليتسنّى لهم ضمّ الضفة وفرض التوطين وإسقاط مقولة محور المقاومة وليوهِموا الناس أنّ السلاح لا يطعمهم بل يجلب عليهم ويلات الحروب والجوع والموت…
على كلّ لبناني حرّ وشريف،
على كلّ لبناني يتمتع بحسّ الوطنية،
ان يواجه هذا المخطط الجهنمي الذي تقوده أميركا، و»إسرائيل» وأعوانهما من شياطين الداخل والخارج بكلّ ما يملك من قوة وإرادة…
وفي نهاية المطاف… فإنّ الأوطان التي لا تُبنى على قيم أخلاقية لن تستمرّ وستزول حتماً.
فتمسّكوا بأخلاقياتكم الوطنية ليبقى لبنان وكونوا سنداً ودعماً للمقاومة التي ستُبقي شمس الحرية والعدالة في سماء وطننا وسماء شرقنا الحبيب، وحينها نقول
كما هزمنا حُروب النار سنهزمُ حُروب الدولار…