الثلوج تعزل القرى الجبلية والعاصفة تغادر اليوم وتعود الاثنين

انكفأت»زينة» عن العاصمة أمس لتبسط سلطانها على المناطق مطراً وثلجاً وصقيعاً لف كل لبنان ساحلاً وجبلاً، فيما استمرت معظم الطرقات الجبلية مقطوعة أمام المركبات الآلية باستثناء الجرافات عملت لساعات طويلة على فتحها في معركة كر وفر مع الجنرال الأبيض، وتساقطت الثلوج على ارتفاعات منخفضة ولامست السواحل شمالاً. وعزلت بعض القرى في الجرود ورفع أهاليها المحاصرون نداءات استغاثة، فيما استمرت عطلة المدارس القسرية بسبب موجة الصقيع. فيما أكد وزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر جاهزية الوزارة، معلناً انه استطاع مع الأجهزة المعنية من حد أضرار العاصفة. أما الصليب الأحمر اللبناني، فلفت الى ان فرق الإسعاف والطوارئ قامت منذ الثلاثاء وحتى صباح أمس بتلبية 1027 حالة إنسانية على كامل الأراضي اللبنانية.

ومساء علق حوالى ثلاثين سيارة على الطريق عند مدخل بلدة عيات، اثناء توجهها الى بلدات الدورة وعكار العتيقة. وأكد الدفاع المدني ان الجليد يتكون بسرعة لافتة نزولاً، حيث وصل الى ارتفاع 700 متر ما أدى الى توقف حركة السير، وعدم تمكن المواطنين العالقين بسياراتهم في بلدة عيات، من الوصول الى منازلهم.

وكانت الثلوج لامست أمس الساحل البتروني وتساقطت بدءاً من ارتفاع 300 متر وشكلت غطاء أبيض كسا الطرق والساحات وسطوح المنازل. وأقفلت الثلوج الطرق الجبلية حيث بلغت سماكتها الـ 80 سنتمتراً على ارتفاع 1400 متر وعملت الجرافات على فتح الطرق الرئيسية لتعود الثلوج لتتراكم عليها وتقفلها من جديد. وتجاوزت سماكة الثلوج المتر على طريقي تنورين – اللقلوق وتنورين – حدث الجبه وقطعتها. وعلى ارتفاع 1000 متر تراكمت الثلوج بسماكة نصف متر لتتراوح بين سبعة سنتمترات و20 سنتمتراً في القرى الوسطى العليا وكل الطرق البترونية ابتداء من 500 متر ارتفاعاً سالكة للسيارات المجهزة فقط. واحتجز المواطنون في منازلهم ولم يتمكن الموظفون من الحضور الى مراكز عملهم ما أدى الى شلل في الادارات والمؤسسات العامة.

وبعد ليلة باردة وهادئة، استفاق اهالي مدينة زغرتا والقضاء، على صفحة بيضاء من الثلج، غطت المرتفعات الجبلية ابتداء من 350 متراً وما فوق، واقفلت الثلوج معظم الطرقات الداخلية لقرى وبلدات قضاء زغرتا.

وكذلك الأمر في الكورة التي غطت الثلوج كل قراها وشاهد السكان ولأول مرة منذ عقود تساقط الثلوج وتراكمها على الطرق وشرفات منازلهم.

وفي عكار ضربت «زينة» مختلف القرى والبلدات الجبلية التي عزلتها الثلوج لا سيما مع تعطل عدد من الجرافات في منطقتي جرد القيطع وجبل أكروم.

ولهذه الغاية، شكل محافظ عكار عماد لبكي خلية طوارئ لمواجهة تداعيات العاصفة والحد من أثارها السلبية.

كما اشتد تساقط الثلوج في منطقة الجومة – عكار، ما أدى الى إعادة قطع كل الطرق التي كانت جرافات وزارة الاشغال والدفاع المدني والبلديت قد فتحتها أول من أمس. وأفاد الدفاع المدني ان الطرق كافة قطعت اعتباراً من 500 متر.

ومساء أول من أمس انقذ الدفاع المدني في عكار – العتيقة سيارتين عالقتين في حي الواطية في أعالي البلدة، و15 سيارة على محور ممنع وسيارة «بيك أب» في بلدة تكريت.

وليس بعيداً، بقيت طرق بعض البلدات الجردية المحيطة بالهرمل كوادي الكرم ووادي الرطل ووادي التركمان مقطوعة عن المدينة.

وتجددت العاصفة في منطقتي راشيا والبقاع الغربي حيث تساقطت الثلوج، وأقفلت الطرق الرئيسية التي كانت فتحت أول من أمس مع الانفراجات، فيما ما زالت القرى والبلدات معزولة لا سيما الطرق الداخلية فيها.

وأدت الثلوج التي تساقطت أمس على قرى وبلدات ومرتفعات إقليم التفاح إلى قطع طرق المنطقة بكاملها من جباع – جرجوع – عين بوسوار مليخ اللويزة – عرمتى – جبل الريحان وباشرت آليات الدفاع المدني اللبناني ووزارة الاشغال العامة العمل على فتح الطرق في المنطقة.

وتساقطت الثلوج على مدينة النبطية وكفررمان وكفرتبنيت ويحمر وارنون وكفرجوز، وغطت طبقة رقيقة الطرق التي بقيت سالكة الا ان المواطنين التزموا منازلهم.

وفي اقليم الخروب تجددت العاصفة حيث تساقطت الثلوج بغزارة على معظم قرى وبلدات الاقليم بدءاً من ارتفاع 300 متر، ما ادى الى قطع معظم الطرقات.

وخلال ساعات الفجر، تساقطت الثلوج في كل قرى حاصبيا فأعادت قطع الطرقات التي تربط حاصبيا بالعرقوب وراشيا. وأدت الثلوج الى عزل مواقع اليونفيل في تلال شبعا وكفرشوبا، وتسببت بأضرار فادحة في بساتين الزيتون التي تكسرت أغصانها وبنسبة مرتفعة.

من جهة أخرى، جال وفد من حزب الله على عدد من قرى وبلدات العرقوب، حيث قدم المساعدات العينية والغذائية من خبز وخضار ومعلبات وغيرها إلى الأهالي المحاصرين بالثلوج جراء العاصفة الثلجية التي تضرب لبنان، كما جال المستوصف النقال للهيئة الصحية الإسلامية يرافقه طبيب صحة عامة عاين الحالات المرضية الناتجة من هذه العاصفة وتقديم الأدوية المجانية لهم. بداية الجولة كانت في بلدة كفرشوبا حيث استقبل الوفد رئيس البلدية السابق عزت القادري وحشداً من أهالي البلدة الذين رحبوا بهذه الزيارة.

وبعد توزيع المساعدات على الأهالي قال القادري «إننا لا نتفاجأ بمجيء قيادة حزب الله إلى بلدتنا، فهذه القيادة تأتي لزيارتنا دائماً في كل الظروف لتطمئن على أهلها وناسها هنا ولتقدم لهم المساعدة».

وبعدها توجه الوفد إلى بلدة كفرحمام حيث كان في استقبالهم حشد من الأهالي والشخصيات والفعاليات الذين رحبوا بهذه الزيارة، شاكرين «قيادة الحزب على الوقوف إلى جانبهم في كل الظروف وتقديمها المساعدات اللازمة لهم».

ووسط هذا المناخ، أكد وزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر، أن «على رغم شدة العاصفة وقساوتها وكمية الأمطار الكبيرة التي هطلت استطاعت الوزارة مع الأجهزة الأخرى الحد من أضرار تلك العاصفة لناحية فيضان شبكة الطرق ضمن الإمكانات المتاحة وخصوصاً في بيروت الادارية وبيروت الكبرى وضواحيها».

وأكد أن»الوزارة والوزير والادارة بكاملها والمديريات الاقليمية في حال استنفار حفاظاً على سلامة المواطن»، متوقعاً ان «تتجدد العاصفة وان يدفق الخير على لبنان ويتم التعويض عن الاعوام السابقة»، مناشداً المواطنين «التعاون والتقيد بالتعليمات والتوجيهات الصادرة عن المديريات الاقليمية والادارات المختصة والحد من التنقل إلا في الحالات القصوى».

وكان لافتاً قيام وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب بإعادة اغلاق بعض المدارس في بيروت، التي فتحت أبوابها أمس، خلافاً لقرار وزارة التربية بالإغلاق نظراً الى موجة الصقيع.

وذكّر بو صعب بقراره القاضي بضرورة إقفال المدارس والثانويات ومعاهد ومدارس التعليم المهني والتقني الرسمية والخاصة، المنتشرة على الأراضي اللبنانية كافة وعلى السواحل أيضاً، حتى نهاية الأسبوع الحالي.

الى ذلك، توقعت مصلحة الأرصاد الجوية في ادارة الطيران المدني ان يكون الطقس اليوم قليل الغيوم مع بداية ارتفاع بدرجات الحرارة، يتحول تدريجياً بعد الظهر الى غائم مع رياح ناشطة قد تصل الى 65 كلم/س وأمطار متفرقة تكون غزيرة أحياناً مصحوبة بعواصف رعدية وثلوج ابتداء من ارتفاع 800 متر في بداية النهار على أن يرتفع مستوى تساقط الثلوج ليلاً. إلا أن «زينة» ستعود الى لبنان يوم الاثنين المقبل.

على صعيد آخر، استقبل رئيس مجلس الوزراء تمام سلام في السراي الحكومية، نواب الضنية – المنية: أحمد فتفت، قاسم عبد العزيز وكاظم الخير الذين طالبوا بإعادة بناء ما تهدم نتيجة الطوفانات. ونقل الوفد عن سلام تفهمه في هذا الشأن، علماً أن قيمة هذا الملف تبلغ نحو 8 مليارات ليرة لبنانية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى