«امرأة لا تنكسر» رواية تعكس دور المرأة السوريّة خلال سنوات الحرب
} لورا محمود
ترى أن المرأة استطاعت خلال سنوات الحرب السورية أن تكون الحضن والسند لعائلتها، فهي التي حمت أبناءها ومضت بهم إلى شطّ الأمان في الوقت الذي كانت النار تحيط بالبيوت والشوارع والأمكنة، لم تستسلم عندما اسودّت الأيام وضاقت السبل فواجهت بفكر حضاري وعقل مؤمن بأن الإرهاب الذي عاشته سورية على اتساع رقعتها الجغرافية ونجحت بأن تكون في الموقع الأهم في التصدّي والمواجهة فكانت بجانب الرجل تحارب من موقعها وتتغلّب على كل الصعاب.
وقد نجحت الكاتبة نبوغ أسعد في تسليط الضوء على دور هذه المرأة في وقت الحرب والأزمات في روايتها «إمرأة لا تنكسر» كما ركّزت على خصوصية العلاقة مع الوطن بأسلوب أدبي لافت مشرعة الأبواب نحو الأمل والحبّ والتسامح لبناء الإنسان الذي حاولت الحرب تدميره. وهذا ما نلمسه في الرواية التي جعلت خاتمتها بمثابة أمل للمضي نحو حياة أفضل يرسمها شرفاء الوطن من نساء ورجال.
«البناء» التقت الكاتبة نبوغ محمد أسعد التي حدثتنا عن روايتها وبعض التفاصيل الموجودة في الرواية:
بداية تكلمت أسعد عن روايتها قائلة: «إمرأة لا تنكسر» رواية تجسّد مقاومة حقيقية للمرأة السورية التي تعرّضت للكثير من المعاناة التي خلّفتها هذه الأزمة من قهر وظلم وفقر لكنها كانت كشجرة حور مهما عاركتها الريح ربما تنكسر بعضاً من أغصانها لكنها تبقى قوية في وجه أي ريح وتتصدّى لها وتعود أقوى.
أما عن شخصيات الرواية فجميعها من الخيال، لكنها تشابه الواقع ففي ذاكرتي صور لأحداث الحرب على سورية وكل التحولات والتناقضات التي عشتها خلال الحرب لذا قمت بإسقاط هذه الشخصيات بأسماء وهمية على الخيال وربطها بالواقع بخبرة فنية تتلاءم مع السرد الفني للرواية لتصبح الرواية واقعاً وشاهداً على الظلم والظلام الذي عاشته سورية وقد تمت طباعة الرواية في دار عقل للطباعة والنشر تحت إشراف مديرة الدار الباحثة عبير عقل.
أما عن شخصيّة أريج التي تشكّل الأمل في الرواية فلفتت أسعد أن اختياري لشخصية أريج ليس عن عبث بل كنت قاصدة ذلك فأريج تعبر عن الطيبة والنزاهة والأخلاق النبيلة والأصالة وحبّ الوطن.
وهذه الصفات عندما اصطدمت بالواقع المر أثبتت انها قوية وقادرة على تخطّي الصعاب والوقوف في وجه الظلم وتخطّي كلّ الأسلاك الشائكة التي تعيق وصولها لأهدافها، فتمرّدت على العادات والتقاليد وكسرت حاجز الخوف في ذاتها لتبنت زهرة من جديد ولتحافظ على موروثها النبيل من الأخلاق والكرامة والعفّة والأصالة ودون المساس بمشاعر الآخر إلا اذا تعدّى حدوده في جرح الوطن.
وعن الحرب في سورية وماذا أخذت منها وماذا تركت في خلجات الروح من ألم وفقدان وأمل، نوّهت أسعد أن الحرب هي الحرب تأخذ الكثير منا ورغماً عنا فهي وبعيداً عن الماديات التي طالت جميع البشر أخذت الحب بمعناه الإنساني وقطعت صلات الأرحام وزرعت في النفوس الحقد والكراهية وشكّلت الحالات النفسيّة التي كانت السبب الرئيس في كثير من المشكلات الاجتماعية.
وتابعت أسعد لقد كنت متابعة للكثير من الأحداث التي مرّت بها المرأة السورية التي بقيت صامدة كجبل وصبورة الى أبعد مدى فكتبت في الرواية عنها وبلسانها عن كل ما يدور في ذاتها بغية الوصول لحلول مهما كانت المعاناة شديدة لأن عدونا كان يراهن على السقوط ولم ينجح.
وفي سؤال عن العلاقة اللافتة في الرواية التي تجمع بين الكاتبة أسعد والوطن الذي تناولته ببعده ليس فقط الجغرافي، بل ببعده الإنساني والعاطفي قالت أسعد: إن الوطن هو غايتي الأولى وله الأولوية في ضميري وروحي وإنسانيتي، وأقول ضميري لأنه يرفض مجرد فكرة الخيانة للوطن لأن بنيتي الإنسانية تحتم علي ذلك وتجعلني اقف أمام حالة ذهول عندما أسمع عمن باعوا الوطن وتخلوا عنه في احلك الظروف وكيف استطاعوا ان يتركوا ذكرياتهم وأحلامهم فخانتهم العواطف وسلبت منهم معاني الإنسانية، خاصة من كانوا أداة لمن خطط ودمّر سورية.
ورأت أسعد أن للفكر الظلامي الذي تحدثت عنه في رواية «امرأة لا تنكسر» مخلّفات سلبية على جميع شرائح المجتمع السوري بعاداته وتقاليده وحتى أخلاقه وهذا واضح للعيان فقد ارادوا تشتيتنا فكرياً وبث الفتنة بين أبناء الشعب الذي عاش منذ آلاف السنين على السراء والضراء. في البداية فرحوا واعتقدوا أنهم انتصروا بسبب تعاون بعض ضعاف النفوس في نشر الفتن والطائفية، لكن الشريحة الكبرى في النسيج السوري استطاعت أن تعيد هذا التوازن الفكري والموروث الثقافي والتراث المشرف إلى قواعده الأساسية وسنبقى على هذا النهج إلى تحرير آخر حبة تراب على ارضنا من رجس الإرهاب.
وأنا بدوري ككاتبة ومن حقّ وطني عليّ ان أسعى جاهدة لإيصال رسالتي كامرأة سورية تحافظ على شرف وقدسية الوطن وتسعى ليبقى شامخاً على مرّ السنين وكما كتبت روايتي «امرأة لا تنكسر» هناك أيضاً مشروع رواية جديدة لأكتب فيها أكثر عن الام أبناء وطني كما غيري كتبها بكل صدق وأمانة.
يُذكر أن نبوغ محمد أسعد كاتبة تنشر نتاجها الأدبي في عدد من الدوريات وألّفت العديد من الأغاني الوطنية. وفازت بجائزة مؤسسة سوريانا لأفضل أغنية شارة مسلسل، لديها عدد من المجموعات القصصيّة الخاصة بالأطفال إضافة إلى مجموعة قصصية بعنوان «برقوق أحمر».