صراع الحلفاء في الناتو حول ليبيا يستدعي مبادرة أميركية
} د. هدى رزق
أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى أهمية النجاحات التي حققتها حكومة الوفاق بعد أن دفعت حفتر إلى حافة الهاوية، كما أشاد بجهود حكومة الوفاق لتحرير سرت والسيطرة على قاعدة الجفرة المستمرة… واعتبر انّ حفتر سيكون خارج المعادلة في ليبيا، وبالرغم من استبعاده الحلّ العسكري للأزمة الليبية إلا انه يواصل دعم حكومة الوفاق عسكرياً.
اعتبر الرئيس التركي بعد هذا النصر انّ عهداً جديداً في العلاقة مع الولايات المتحدة قد فتح، وبالتحديد علاقته الشخصية مع ترامب، وهو في مكالمته الأخيرة في 8 حزيران الحالي مع الرئيس الأميركي اعتبر انّ موقف تركيا في ليبيا سوف يرمّم هذه العلاقة التي تضرّرت في المراحل السابقة. الرئيس التركي يحاول بشكل واضح استمالة ترامب الى صفه في صراعه مع فرنسا حول ليبيا، ومع الدول الحليفة لحفتر ايّ مصر والإمارات التي كانت داعمة للجيش الوطني الليبي الذي تلقى ضربة قاصمة في طرابلس، فيما أكمل المسلحون المدعومون من تركيا طريقهم الى سرت.
ويرى الرئيس التركي انّ المواجهة مع روسيا في ليبيا هي البطاقة التي يمكن لأردوغان ان يرفعها لينال تأييد الولايات المتحدة.
لا شك انّ تركيا وضعت نفسها في مواجهة اليونان وقبرص وفرنسا وبعض دول الاتحاد الأوروبي الأخرى. حيث تتداخل الاتفاقية البحرية المعقودة مع حكومة الوفاق الوطني في عام 2019 مع المنطقة الاقتصادية الخالصة لليونان التي تعتبر انتهاكاً للسيادة من قبل أثينا، حيث وقعت اليونان مؤخراً اتفاقية بحرية مع إيطاليا رداً على خطوة تركيا. إلا أنّ ترامب بعد مكالمته مع السيسي دعم المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار.
طالبت تركيا الولايات المتحدة بلعب دور مباشر في ليبيا سواء من أجل تحقيق وقف لإطلاق النار أو في العملية السياسية، وذلك لوضعها بوجه فرنسا التي اعتبرت انّ تركيا تستغلّ موقعها في الناتو لتحقق مشاريعها الخاصة وتلعب على الخلافات الأوروبية – الأوروبية، وهي تتحالف مع إيطاليا ضدّ المصالح الفرنسية.
أما روسيا فهي كانت قد رأت في عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب ومقرّه طبرق، محاوراً سياسياً أكثر ملاءمة لتركيا وهو يشكل نقطة تقارب، بين البلدين يمكنها إحضار قوات طرابلس وطبرق إلى طاولة المفاوضات إلا انّ الموقف الفرنسي كان معارضاً لهذه الخطوة.
جاءت مبادرة القاهرة في أعقاب انسحاب قوات حفتر من مدينة ترهونة في 5 يونيو/ حزيران، وتلقت هذه المبادرة المصرية دعماً عربياً ودولياً لأنّ الجميع أدركوا أنّ استمرار الحرب في ليبيا يهدّد استقرار المنطقة وأنّ الانتهاكات التركية تهدّد المصالح الأوروبية وتضرّ بالأمن القومي المصري.
يعتقد أردوغان انّ تركيا يمكن أن تلعب مع واشنطن ضدّ موسكو، لكنها في الوقت عينه، تساعد على تسوية المجال مع موسكو عند البحث عن تسوية معها في سورية والآن ليبيا. من البحر الأسود إلى البحر الأبيض المتوسط، يرى أردوغان الآن أنّ تركيا بحاجة إلى أميركا سياسياً واستراتيجياً أكثر مما كانت تفعل قبل بضعة أشهر للحصول على مكاسب من روسيا.
على الرغم من أنّ مسار الأحداث يفرض التعاون على تركيا وروسيا، إلا أنّ محادثاتهم شاقة بعد خلافات مع روسيا حول إصرار أردوغان الاستمرار في القتال لكن بعد محادثات مطوّلة شدّد وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو على أنّ بلاده ستعمل مع روسيا لإنهاء القتال في ليبيا بعد ان لمست أنقرة ردّ فعل من روسيا في إدلب حيث تفضل روسيا الضغط على أردوغان.
نقطة التقارب التي ظهرت مع روسيا: هي إحضار قوات طرابلس وطبرق إلى طاولة المفاوضات في سيناريو حيث يتمّ استبعاد حفتر، وبالتالي يتمّ استبعاد الإمارات ومصر وفرنسا من اللعبة. قامت تركيا بتدريبات مع إيطاليا في البحر المتوسط حيث تتلاقى مصالح الطرفين في ليبيا، وتأتي الجلسة التدريبية بعد انتقادات عديدة لسياسات تركيا في منطقة البحر الأبيض المتوسط من قبل اليونان وقبرص وفرنسا ومصر.
تقوم تركيا حالياً باستكشاف الحفر البحري للنفط والغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط. تعتبر قبرص المنطقة مياهها، والتي تعارضها تركيا، وتقوم فرنسا بحملة سياسية ضدّ تركيا وتواجدها في ليبيا ومحاولاتها انشاء قواعد عسكرية. أما روسيا فهي ترى انّ على الولايات المتحدة القيام بمبادرة سياسية في ليبيا طالما انّ الصراع الدولي والإقليمي هو بين حلفائها.