عفيف خضر… سيرة أدب ونضال يستعيدها أصدقاء ورفقاء

لبيب ناصيف

نشرنا بتاريخ 29/08/2013 نبأ رحيل الرفيق عفيف خضر. قبل ذلك، نشرنا بتاريخ 14/04/2013 مقالات له عن عملاق الأدب الرفيق سعيد تقي الدين تحت عنوان: «الأديب الكبير سعيد تقي الدين، كما عرفه صديقه الرفيق عفيف خضر». وحديثاً تلقّيت من الرفيق تيسير كوا 1 رسالة يقول في مقدمتها:

«قرأت أن الموت اختطف الرفيق عفيف خضر. حزنت أشد الحزن. الرفيق عفيف كان ذكاءً ونشاطاً وهدوءاً ودماثة أخلاق ومحبة وإخلاصاً لرفقائه والحزب. أدخل الى صفوف الحركة عشرات المواطنين الذين تحولوا الى قوميين اجتماعيين ناشطين. كنا في الـ IC نحسده على فعالية نشاطه الحزبي، وكم تمنيت أنا شخصياً أن أتمكن من إقناع المواطنين بدخول الحزب كما كان يفعل هو بسهولة ويسر. أفتقده».

بناء عليه، أحلت على الرفيق تيسير ما كنا نشرناه عن الرفيق عفيف خضر فكتب لنا مضيفاً أسماء لرفقاء، على ما كان أورده الرفيق خضر. وهذه رسالة الرفيق كوا :

« أشكرك جزيل الشكر على إرسال مقالات الرفيق الراحل عفيف خضر. سررت بقراءتها جداً وازداد افتقادي له. لقد خدم القضية خدمة جلى وكان مخلصاً لها.

أود أن أضيف الى الأسماء التي في المقال المعنون رحيل الرفيق عفيف خضر الأسماء التالية: جورج نصر أعتقد أنه استقر في كندا وجيمس مشعلاني إبن أخت الأمين الراحل جورج صليبي، وكان الرفيق عفيف يناديه أبو الجماجم لأن اسمه المتداول جيمي، والراحل أنيس صايغ شقيق فايز صايغ ومنير بشور وأسعد رزوق وظافر تميم وعبد الرحمن اسطنبولي وعفيف صمدي إبن حسن صمدي صانع الحلويات المشهور ، وأديب بشور الذي طلب مع بشير كوى مساعدة الحزب لنسف وادي ابو جميل في بيروت … وصباح عبد الله قبرصي.

لدي صورة للرفيق عفيف خضر سأرسلها لك متى وجدتها» .

لمن لم تتسنّ له قراءة ما نشرناه عند رحيل الرفيق خضر، نعيد نشر أبرز ما جاء، تعريفاً عن الرفيق الذي كان له حضوره الحزبي في أربعينات القرن الماضي وخمسيناته:

انتمى الرفيق عفيف خضر في ثانوية الـI.C. الجامعة الاميركية بيروت في الفترة الصعبة التي تلت استشهاد سعاده عام 1949، إذ كان صدر قانون بمنع ذكر سعاده والحزب في الإعلام، ومنع اي اجتماع حزبي.

من شهود القسم: الأمين علي غندور والرفيق النائب السابق ميشال معلولي.

يفيد أنهم، في هذا الوضع الأمني، كانوا يعقدون الاجتماعات واللقاءات تحت الأشجار في الجامعة الأميركية، أو في قاعة الوست هول.

كان التنظيم الحزبي عام 1951 يعتمد الخلايا، وكان الرفيق بهيج الحلبي يقوم بمهمة صلة الوصل بينها وبين مركز الحزب في دمشق.

من الرفقاء الذين كانوا نشطوا معه في الـI.C. يورد الرفيق عفيف الأسماء الآتية: حسن شجاع، شوقي وسامي أبو جودة، محمد كركلا، منير زينون، عزيز سعد، أنيس وسامي قائدبيه، فوزي أبو جمرة، وفي الجامعة الأميركية يذكر من الرفقاء: سمير ريس، خليل حداد، حليم فياض، شارل رعد، محمد الجمل، موسى بشارة، زهير سلطاني، تيسير كوا، وشقيقه بشير، ابرهيم الهبري، صادق جلال العظم، وشقيقه سعيد، منذر بارودي، أكرم دندشي، رياض كلاس، حسان غندور، عبد الرحمن اسطنبولي، هيثم الرفاعي، سهيل مأمون، نبيل رحال.

كلف الرفيق عفيف بمتابعة فروع الحزب في الشوف الأعلى من قبل مفوض لبنان مطلع الخمسينات، الأمين حسن طويل، فيما تولى الرفيق عادل حسن 2 متابعة المناطق الأخرى من الشوف.

يوضح أن الأمين حسن طويل كان كلف الرفيق فوزي معلوف 3 بمتابعة الطلبة في كل لبنان، وعندما انتقل العمل الحزبي من مرحلة الخلايا الى مرحلة المنفذيات والمديريات، تعيّن الرفيق فوزي منفذاً عاماً للطلبة. وكدليل على الحضور الحزبي القوي في الجامعة الأميركية يتحدث الرفيق عفيف عن تمكن الحزب من إيصال مرشحه الرفيق منصور أبو نعيم 4 الى رئاسة مجلس الطلبة في الجامعة بمواجهة تكتل عروبي ـ شيوعي ترأسه منح الصلح.

استمر الرفيق عفيف خضر ناشطاً حزبياً، في الجامعة الأميركية، حتى إذا أصدر رئيس الحزب في حينه جورج عبد المسيح عام 1955 تعميماً داخلياً ينبّه فيه الى «الأخطار التي ستواجه الحزب وإلى أن أياماً عصيبة ستأتي» عقد مديرو مديريات الجامعة الأميركية: عفيف خضر، أنيس صايغ، فيصل قبلاوي وأنطون بعقليني لقاء قرروا على إثره أن يتوجهوا الى دمشق لمقابلة رئيس الحزب. وبالفعل التقوا الأمين عصام المحايري والرفيق الشاعر أدونيس اللذين لفتاهم إلى أن عملهم يعتبر خروجاً نظامياً، قبل أن يلتقيهم رئيس الحزب.

قبل ذلك أشرف على الانتخابات البلدية التي جرت عام 1953 في بلديات الشوف الأعلى وقراه .

تخرج الرفيق عفيف خضر من الجامعة الأميركية حائزاً على شهادة إدارة أعمال، أسّس شركة هندسية وغادر الى نيجيريا عام 1973 ثم عاد الى بيروت ناقلاً أعمال الشركة إليها. قبل ذلك تولى مسؤولية عالية في شركة «بيبسي كولا».

عندما كاشفت أحدهم اني سازور الرفيق عفيف خضر، تساءل: هل سيلبي ؟ ويحكي لك عن التزامه وعن مسيرته؟

أصرّح، وفاءً، أنه لم يحكِ فحسب، إنما وقد استقبلني ببشاشة وحبور، حكى كثيراً، وقدم إليّ مقالات ثلاث عن صديقه الأديب الرفيق سعيد تقي الدين كان نشرها في مجلة «إشارات» للكاتب سليمان تقي الدين، وكان سيحكي أكثر لو أن ظروفي لم تكن قاسية، والقدر كان أقسى فخطف الرفيق عفيف ليحرم حزبه من مرويات كثيرة يحتاج إليها.

ستبقى في أعماقي غصة كبيرة، ذلك أني لم أتمكن من تكرار زيارة الرفيق، الصادق والمحب، عفيف خضر كثيراً، فخسرنا برحيله مرويات ومعلومات كان يجب أن تبقى لتاريخنا.

ولأني تمتعت كثيراً بحديثه الآسر، وبرفعة مناقبه، فهو حاضر في ذهني، مع حزني العميق على رحيله.

هوامش

1 مراجعة ما أشرنا عنه في النبذة عن كتيب «أنا عائد» المعممة بتاريخ 30 أيلول 2014.

2 من بلدة عترين الشوف . غادر الى البرازيل، ونشط حزبياً. عاد الى الوطن واستقر فيه الى أن وافاه الأجل.

3 شقيق الأمين السابق فخري معلوف والرفقاء رشدي، حلمي، فايزة وكمال. منح رتبة الأمانة. وكان رئيساً لجمعية خريجي الجامعة الأميركية سنين طويلة. تولى في الحزب مسؤوليات عديدة، منها رئاسة مكتب عبر الحدود.

4 من الشويفات. كان تولى مسؤولية منفذ عام الطلبة. غادر الى الولايات المتحدة مستقراً فيها.

رئيس لجنة تاريخ الحزب

محمد حمزة شاتيلا اسماً قوميّاً مضيئاً في العمل الحزبيّ

ل.ن.

الأمين محمد حمزة شاتيلا إسم مضيء في تاريخ العمل الحزبي في بيروت، رافقه منذ انتمائه في مديرية رأس بيروت أواخر العام 1941 واستمر مؤمناً، ملتزماً، في كل الظروف واصعبها، حتى أقعده المرض، وانتهى بوفاته.

عندما نكتب عن تاريخ الحزب في بيروت، لا بد أن يرد اسم الأمين محمد شاتيلا الى جانب العدد الكبير من أمناء ورفقاء، بينهم على سبيل المثال: أديب قدورة، محمد راشد اللاذقي، زكريا لبابيدي، إدمون حايك، ابرهيم يموت، محمد جبلاوي ورضا كبريت أطال الله بعمرهما ، جورج بشور، ابرهيم صندقلي، نقولا قباني، إدوار توتنجي.

ولد الأمين محمد حمزة شاتيلا في رأس بيروت عام 1923.

والدته: عائشة شاتيلا.

اقترن من الفاضلة سعدية مصطفى المبشر ورزقا: الرفيق حمزة، خالد، ليلى، وداد، أمل، عائشة وجهاد.

انتمى الى الحزب في مديرية رأس بيروت أواخر العام 1941 ويذكر من الرفقاء الذين كانوا معه في المديرية: إدمون بركات 1 ، ذوقان ابو كامل 2 ، بديع أبو ضرغم، عبد الرحمن شهاب، عبد الوهاب عيتاني، ناجي تميم، حسن شهاب، علي شاتيلا وهو خاله .

يروي الأمين محمد عن ظروف انتمائه الى الحزب فيقول إنه في فترة 1935 ـ 1936 كان له صديق في المدرسة يدعى توفيق عرقجي يتفق معه على محبة الوطن وعلى محاربة الانتداب الفرنسي، لذا كانا يفكران في الالتحاق بأحد الأحزاب الوطنية المناوئة لهذا الانتداب.

بدأ بالتعرف إلى حزب النجادة، الا انه لم يقتنع، فاتجه نحو الحزب الشيوعي، وكان مصيره مماثلاً الى أن علم بوجود مركز للطلبة لحزب سري يناصب العداء للانتداب الفرنسي.

سأل وقاده الطريق الى المركز 3 . رافقه صديقه توفيق عرقجي. هناك التقى الرفيق إدمون بركات، فاستمع إليه شارحاً مبادئ الحزب. اقتنع، وفي أواخر عام 1941، كما يذكر، انتمى وصديقه توفيق عرقجي 4 .

منفذ عام بيروت:

تولى الأمين محمد حمزة شاتيلا مسؤولية منفذ عام بيروت عامي 1995 ـ 1996، وكان معه في الهيئة الرفقاء بلال حيدر، ماجد رشيد من شحور محمد بيضون الأمين حالياً، من بنت جبيل ، أحمد عثمان من قرية مجدل بلهيص وسكان المصيطبة، وافته المنية عام 2003. أنشأ عائلة قومية اجتماعية. منها الرفيقة سمر

منحه رتبة الأمانة:

منح الأمين محمد حمزة شاتيلا رتبة الأمانة عام 1997.

مؤسسة الوفاء:

يفيد الأمين شاتيلا انه ترأس منذ عام 1987 مؤسسة الوفاء ومهمتها مساعدة عائلات الشهداء القوميين الاجتماعيين .

حضوره النقابي:

بعد نيله وظيفة بوساطة من الرئيس سامي الصلح مفتشاً في محمكمة العمل مصلحة الشؤون الاجتماعية، انتقل للعمل في محل للأقمشة، ثم ابتاع محلاً في سوق الخضار 5 حيث أصبحت له مكانة متقدمة بين تجار الخضار والفاكهة، وكان عضواً في نقابتها، محققاً حضوراً جيداً في أوساط التجار والمزارعين.

ترشحه للانتخابات النيابية:

خاض الأمين محمد حمزة شاتيلا الانتخابات منفرداً عن المقعد السني في الدائرة الثالثة رأس بيروت المصيطبة . وحاز عدداً جيداً من الاصوات، مستنداً بذلك إلى حزبه، وعائلته الواسعة الانتشار وصداقاته الوفيرة الناتجة من حضوره المستمر في مجال العمل العام.

قبله كان شقيقه الدكتور عبد السلام حمزة شاتيلا خاض أكثر من مرة الانتخابات النيابية، وكان الحزب يؤيده باستمرار وينشط الرفقاء في ماكينته الانتخابية. توفى الدكتور عبد السلام في 04/03/2005 ووري في جبانة الشهداء بعدما صلي على جثمانه في جامع الخاشقجي. ورد في نعيه أنه والد لقمان، المرحوم نعمان، مروان، عمران، ابرهيم ونبيل.

وفاته:

بعد عناء طويل مع الداء وافت المنية الأمين محمد حمزة شاتيلا منذ ما يزيد على شهرين، وشيّع الى مثواه الأخير وسط حضور لافت من رفقائه وأصدقائه ومعارفه الكثر.

هوامش

1 من جديدة مرجعيون. تولى لفترة طويلة مسؤولية مدير مديرية رأس بيروت، عرف عنه مناقبيته، وعيه القومي الاجتماعي وإخلاصه للحزب. بقي ملتزماً حتى آخر زفرة من حياته.

2 من بعقلين. كان له حضوره الحزبي النضالي في بيروت. ابنه الرفيق نضال عيّن مؤخراً ناموساً لعمدة الإذاعة. سوف ننشر عنه نبذة تعريفية تضيء على سيرته النضالية.

3 كان يقع في شارع بلس الى جانب مطعم «سقراط».

4 من المعروف أن النائب السابق الراحل عدنان عرقجي كان انتمى الى الحزب ونشط فيه. ولم يكن ينكر ذلك وأصبح نائباً عن بيروت. وبقي على علاقة جيدة ووطيدة مع الحزب.

5 كان سوق الخضار، بالجملة، خلف سينما «ريفولي» في ساحة الشهداء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى