لوحات سامر إسماعيل… التجربة الإنسانيّة وعوالمها الداخليّة
كتب عيسى حمود وسهاد حسن من حماه ـ سانا : بين الريشة والألوان وجد الفنان التشكيلي سامر إسماعيل نفسه وأخذ يجسد من خلال لوحاته أفكاره عن الحياة، بما فيها من تناقضات تضفي سحراً وجمالية، فالفن بالنسبة إليه هو شكل من أشكال الشعور، ووسيلة تعبير عما يعتري داخل الفنان من أحاسيس.
يقول إسماعيل إن تجربته الفنية منشغلة عامة بالتجربة الإنسانية بكامل تجلياتها، وما يسودها من انفعالات، مشيراً إلى أنه يعمل على الحوار الداخلي بين المرأة والرجل ويجسده بالتأمل والانتظار والقلق. ويوضح أن أسلوبه في الرسم أقرب إلى التعبيرية إذ يعتمد نوعاً من الاختزال في الشكل، فهو لا يرسم بشكل واقعي ولا بشكل تجريدي إنما في المسافة بين التشكيلية والتجريدية كي لا يعيد إنتاج التجارب السابقة.
يختار إسماعيل من الألوان ما يعبر عن الحساسية الداخلية لمكامن نفسه قائلاً: «لدى ابتعادي عن اللوحة أدرس المجموعة اللونية التي وضعتها في وأرى الأزرق بتدرجاته والبرتقالي والأوكر. هذه الألوان هي الأقرب إلى التعبير، فالأزرق لون أساسي أما البرتقالي فهو ناتج من الأحمر والأصفر، أما لون الأوكر فهو عبارة عن تزويج لكلا اللونين، أما البرتقالي فهو لون حار والأزرق لون بارد، وبهذا يكملها وينسجها لتشع اللوحة».
يعمل الفنان إسماعيل في النحت بطريقة مختلفة، فهو ليس نحاتاً بالمعنى الحرفيّ للكلمة، لكنه يستكمل رؤيته الفنية نحتاً بطريقة جديدة، بانياً الأسلاك الشكل ومغلفاً إياه بشرائط قماشية، ثم يلونه ويعتقه.
بالنسبة إلى الكتابة الأدبية، لدى إسماعيل مجموعة نصوص عنوانها «بقع لونية» يضمّنها ما لم يقله في الفن التشكيلي، معبراً من خلالها عن داخله وحساسيته الخاصة حيال اللون والشكل والمرأة والعتمة وأشياء أخرى. ويرى أن الحركة التشكيلية السورية أغنت الحركة التشكيلية العربية، مؤكداً أنها كانت مؤثرة في تطور الثقافة البصرية العربية والعالمية، لافتاً إلى أن الأسماء المبدعة في التشكيل السوري كثيرة مثل إدوارد شهدا وفائق دحدوح والروح الملحمية عند جورج ماهر وزهير حضرموت الذي قدموا البيئة الاجتماعية وتجارب أخرى موازية لناحية الأهمية، مثل سعد يكن.
انشغل الفنان اسماعيل منذ مطلع التسعينات في مجال المتابعات النقدية للمعارض في صحف سورية وعربية، مطوّراً فعل الكتابة ومتجهاً نحو البحث الفني في ظواهر الفن وعلم الجمال والحداثة التشكيلية وتطورها.
حول الجمع بين الرسم والنقد يشير إلى إمكاني أن يكون هنالك نوع من التوازن بين التجربتين، أي ألاّ يكون الهاجس الثقافي والفكري على حساب الهاجس البصري، معتبراً أن الكتابة في مجال الفن قد تغني تجربة الفنان التشكيلية وتعمق لوحته، مع ضرورة إطلاع الناقد على تطور الفن وتاريخه وما يحدث فيه من تحولات في الشكل البصري.
شارك إسماعيل في مشروع «نحو مدينة أجمل» في مدينة مصياف وأنجزه ضمنه نحو أربعين عملاً جدارياً، وهي التجربة الأولى في سورية للوصول إلى مدينة أشبه بالمتحف، مشيراً إلى أن هذا المشروع تمّ بدعم من المجتمع الأهلي وجمعية العاديات ومرسمه الخاص الذي أشرف من خلاله على أكثر من ملتقى فني، معتبراً أن هذه التجربة لم تنل حقها إعلامياً بسبب الظروف التي تشهدها سورية.
الفنان سامر إسماعيل من مواليد مصياف 1966، تخرج في معهد الفنون الجميلة في حماه عام 1986، عضو نادي التصوير الضوئي وعضو نقابة الفنون الجميلة، يكتب في مجال النقد التشكيلي والصورة، شارك في العديد من المعارض المشتركة في سورية وله معارض فردية أبرزها في المركز الثقافي العربي في مدريد وفي الكادي هارس في إسبانيا وفي صالة كاريزما في الكويت كما نشرت له رسوم في «كتاب في جريدة» بالتعاون مع منظمة اليونسكو. أعماله مقتناة في أوروبا والدول العربية وفي متحف ثربانتس في المكسيك، ووضع تصميم العديد من أغلفة الكتب العربية والأجنبية.