أولى

قضيّة محمد مازح ليست قضائيّة

 

 

تتجمّع في قضية القاضي محمد مازح مجموعة من العناصر تجعل كل نقاش في الاختصاص والصلاحية وحق التصريح الإعلامي نقاشاً تافهاً دون مستوى القضية ومجرد وسيلة للهروب من المسؤولية.

يعرف القضاة والوزراء والمسؤولون في الدولة أن هناك ما يسمو على كل هذه التفاصيل ويرتفع فوقها وهو ما يعرف بالمصلحة العليا للدولة. وهي هنا في مضمون الرسالة التي يحملها أي موقف او تصريح او تدبير في شأن يتصل بسيادة الدولة.

لا يملك أي مسؤول قاضياً كان أم وزيراً ام إعلامياً، مؤيداً للسياسة الأميركية أو معارضاً لها، ما يتيح له القول بأن ما صدر ويصدر عن السفراء الأميركيين في لبنان منذ زمن لم يبق مجالاً للحديث عن حدود للحصانة الدبلوماسية وحدود للسيادة اللبنانية. وقد اعتاد السفراء الأميركيون خلال عقدين على الأقل أن يتصرفوا مع لبنان بما لا يجرؤ سفراؤهم على فعل مثله في أي دولة ثانية حتى تلك الدول التي يتهكم على ملوكها ورؤسائها الرئيس الأميركي ويخاطبهم بلغة الإذلال.

التعامل مع قضية القاضي محمد مازح بالطريقة التي انتهت إلى استقالته رفضاً لقبول مثوله أمام التفتيش القضائي حمل رسالة واحدة مفادها أن الدولة تأنس لانتهاك سيادتها وتفتح المزيد من الأبواب والنوافذ ليمد الأميركي قدميه في غرف نومنا ويمدّ أنفه ويديه في مطابخ بيوتنا وأن من يجرؤ من موقع تمثيله للدولة قاضياً أو مسؤولاً سيلاقي التأنيب والتوبيخ تحت ألف عذر وعذر وأن همّ المسؤولين في الدولة استرضاء الأميركي وإثبات التسابق والتنافس على تبييض الوجه أمامه.

المضمون ببساطة بين دولة يتيمة يمثلها محمد مازح ودولة تستمتع بتسليم سيادتها. ونحن نختار بفخر أن ننتمي لدولة محمد مازح ونعلن أننا لم ولن نحمل جنسية أخرى غير الجنسية اللبنانية لنحمل ولاءين تضيع بينهما هويتنا السيادية.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى