استقالة بيفاني… هل هناك ما بعدها؟
} علي بدر الدين
استجاب المدير العام لوزارة المال ألان بيفاني لسؤالنا في مقال سابق عن سبب عدم استقالة أيّ وزير أو نائب أو أيّ موظف في موقع المسؤولية احتجاجاً على الواقع المأساوي الذي يرزح تحته الشعب اقتصادياً ومعيشياً وإفلاساً مالياً وديوناً وانهياراً غير مسبوق للعملة الوطنية. وفاجأنا كما السلطة السياسية والشعب بتقديم استقالته من منصبه مع إعلانه لأسبابها ودوافعها، وإنْ كنا نتوقع منه المزيد منها وتفاصيل أكثر يكشف فيها عن وقائع وحقائق وأسماء متورّطة في الفساد والمحاصصة والصفقات وهو في موقع الشاهد والمسؤولية منذ ما يقارب العشرين سنة حبلى بالمعلومات والتراكمات لكان أحدث صدمة إيجابية للناس والسلبية لكلّ متورّط ومرتكب وخاصة في مرحلة أحوج ما يكون فيها الوطن لأمثاله وقد يحفز البعض من الرافضين لسياسة النهب والفساد على سلوك ذات الطريق والإقدام على الاستقالة حتى لا يكونوا شهود زور على الانهيار الكبير الذي تؤشر المعطيات الى أنّ الانحدار بلغ أشدّه في ظلّ تراخي الطبقة السياسية وإرباك الحكومة وضياع المعالجات والتردّد في اتخاذ القرارات الجريئة الكفيلة بوضع حدّ لكلّ ما يحصل ومحاولات إلهاء اللبنانيين بابتداع مشاريع وهمية وبث وعود لا تنفذ وإصدار قرارات والعودة عنها.
لن نحمّل بيفاني ما لا قدرة له على تحمّله وندرك حجم الضغوط عليه، ومنها تأجيل مجلس الوزراء أمس الأول البتّ باستقالته، ويكفيه شرفاً ووطنية أنه أطلق صرخة وعبّر عن وجع الناس، وإنْ جاءت متأخرة ٢٠ سنة، لكن أهميتها تكمن في خصوصية زمانها على أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي أبداً رغم كلّ ما رافق استقالته من تفسيرات وتأويلات واعتبار البعض لها أنها مجرد سيناريو مخطط له بانتظار منصب جديد، وتحديداً في حاكمية مصرف لبنان، والآتي من الأيام سيحدّد مصير الاستقالة وخلفياتها.
الأمل كبير في أن تكون استقالة بيفاني كمن يرمي حجراً في بركة ماء حيث تتوسّع دائرته وسيجرّ خلفه الكثير، فهل هناك من يحذو حذوه ويتجرأ على رفع الصوت احتجاجاً ورفضاً وإدانة لسياسة الطبقة السياسية التي أغرقت الشعب في الأزمات والفقر والجوع والمرض قبل السقوط والاحتضار.
أعتقد أنّ رحلة ألف ميل فضح السياسيين الحاكمين تبدأ بخطوة استقالة بيفاني التي نتمنّى أن تكون جدية وليست مناورة…