خطة الضمّ الصهيونية تأتي في سياق صفقة القرن ولا خيار سوى المواجهة والكفاح المسلّح طارق خوري: معاهدات الإذعان أوصلتنا إلى ما نحن فيه وجلبت الويل على الدول المُوقِّعة نأمل أن نشهد ترجمة فعلية للموقف الأردني بخطوات تجبر العدو الصهيوني على التراجع
ـ المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير الأرض ولنا في نصر أيار 2000 في لبنان خير مثال ـ فلسطين هي كلّ فلسطين التاريخية وعاصمتها القدس كلّ القدس شرقها وغربها
اعتبر عضو مجلس النواب الأردني النائب طارق سامي خوري أنّ الخطة الصهيونية بضمّ أراضٍ فلسطينية «تأتي في سياق صفقة القرن وللأهداف عينها، وهي جعل الأرض الفلسطينية أرضاً بلا سكان».
ورأى خوري «أنّ معاهدات الإذعان الموقّعة مع هذا العدو والتي تُسمّى اتفاقيات سلام هي التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه وهي لم تجلب على الدول الموقعة سوى الويل والمزيد من التراجع الجغرافي والسياسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي»، مشدّداً على أنّ العدو الصهيوني «لم يحترم القانون الدولي يوماً، وهو لا يؤمن بالقوانين ولا يفهم سوى لغة واحدة هي لغة القوّة».
وأكد خوري في حديث لوكالة «مهر» الإيرانية «أن لا سبيل ولا خيار أمام الفلسطينيين سوى المواجهة والكفاح المسلّح دفاعاً عن فلسطين، وقد أثبتت التجارب المريرة بعد مسار طويل من الرياء والمفاوضات والاستجداء أنّ هذا الخيار هو الأصوب ومهما بلغت التضحيات، فإنّ المقاومة هي السبيل الوحيد لحفظ الكرامة وتحرير الأرض من الاحتلال».
الكيان الصهيوني يسعى
للحصول على اعتراف دولي
وتطرّق خوري إلى الخطة التي أعلن عنها الكيان الصهيوني وتقضي بضمّ مناطق شرق القدس والأغوار ووسط الضفة وبين الخليل وبيت لحم. وقال: «فعلياً هذه المناطق هي تحت السيطرة الصهيونية منذ سنوات طويلة، فقد فرض العدو هيمنته بشكل تدريجي على الجزء الأكبر من أراضي الضفة الغربية، كأمر واقع، وكانت مستعمراته تتوسّع بشكل متدرج وممنهج ومتواصل على حساب الأراضي الفلسطينية.
وبما أنّ الاستيلاء على الضفة هو بمثابة تحصيل حاصل وواقع قائم منذ سنوات، ربما يكون السعي الصهيوني اليوم عبر الحديث عن خطة الضمّ والتي كان رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو قد حدّد لها موعداً في الأول من تموز/ يوليو، هدفه الأساسي تكريس هذا الأمر والحصول على اعتراف دولي بسيطرة دولة الاحتلال الصهيوني على المناطق المذكورة، من الناحية السياسية، كجزء من أراضي دولة الاحتلال، على غرار مطالبة الكيان الصهيوني المجتمع الدولي بالاعتراف بسيادته على الجولان السوري المحتلّ، علماً أنه يحتله منذ العام 1967».
الأردن يستطيع اتخاذ
قرارات موجعة للصهاينة
وشرح خوري موقف الأردن من خطة الضمّ «وهو واضح وجليّ حيال هذا الموضوع، وهو يرفض بشدة ضمّ أجزاء من الضفة الغربية. هذا الموقف عبّر عنه جلالة الملك عبد الله الثاني قبل أسبوع لرئيس «الموساد» الصهيوني. كما سبق له أن عبّر عن الموقف نفسه في مقابلة مع مجلة «ديرشبيغل» الألمانية، حين قال جلالته إنّ اتخاذ العدو الصهيوني أيّ خطوات بضمّ أجزاء من الضفة الغربية «سيؤدي إلى صدام كبير».
وإذ اعتبر خوري أنّ «قرار الضمّ هذا هو بمثابة إعلان حرب على أبناء شعبنا في فلسطين»، أمل البرلماني الأردني «أن نشهد في الأيام المقبلة ترجمة فعلية لموقف المملكة الأردنية بخطوات تجبر كيان الاحتلال الصهيوني على التراجع عن هذه الخطوة»، لافتاً إلى وجود خيارات كثيرة أمام الأردن «ستكون في حال اتخاذها قاسية بل موجعة للعدو». وتابع: «يجب إعادة النظر في اتفاقية وادي عربة وما تلاها من خطوات تطبيعية مع كيان الاحتلال، على الصعيد الأمني والسياسي والدبلوماسي، وصولاً إلى صفقة استيراد الغاز المسروق من فلسطين المحتلة».
وأشار إلى أنّ «الأردن طرف أساسي في المسألة الفلسطينية، ولا ننسى الوصاية التاريخية للهاشميين على المقدّسات في القدس المحتلة والتي مرّت بمراحل مختلفة منذ العام 1924. كما أنّ أبناء شعبنا في الأردن يقفون إلى جانب ملكهم ويشيدون بالموقف المُشرِّف والهام الذي أعلنه في هذا الشأن، رغم الضغوط والمؤامرات، ويساندونه في هذه الخطوة ولا نزال نشهد تحرُّكات شعبية وحزبية واجتماعية مندّدة بخطة الضمّ تعمّ الأردن».
كما لفت خوري إلى أنّ «الأردن يتعرّض لضغوط كثيرة منذ الإعلان عن ما سُمِّي بـ»صفقة القرن» العام الماضي، وقد صرّح الملك عبدالله بذلك أمام الأردنيين في مناسبات عديدة، رافضاً تقديم تنازلات من أجل تسهيل تمرير الصفقة المزعومة. الأردن يتوجّس أيضاً من المخطّط القديم الجديد وهو إسقاط حق العودة للفلسطينيين وجعل الأردن وطناً بديلاً لهم بعد الاستيلاء على أرضهم وطردهم منها».
القدس خارج البحث
بالنسبة إلى الكيان الصهيوني
وردّاً على سؤال حول تداعيات الخطة على الدولة الفلسطينية وعلى الفلسطينيين، أجاب خوري: «تتضمّن خطة نتنياهو ضمّ جميع المستوطنات في الضفة الغربية، وهو ما سيُنهي على الأغلب أية إمكانية لإقامة «دولة فلسطينية»، ما يعني تقويض المفهوم الذي يتمّ التسويق له منذ عقود وهو مفهوم «حلّ الدولتين»، لأنّ هذه المستوطنات تفصل عملياً الامتداد الجغرافي الفلسطيني عن بعضه وتستولي، مع امتداداتها الأمنية والجغرافية، على مساحات شاسعة من الضفة الغربية. ومعروف أنّ الكيان الصهيوني أنشأ منذ العام 1967 أكثر من 440 موقعاً استيطانيّاً. أما بالنسبة إلى القدس، فقد باتت بالنسبة إلى دولة الاحتلال خارج البحث في أيّ مباحثات أو مفاوضات مقبلة مع الجانب الفلسطيني، خاصة بعد أن اعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة للكيان الغاصب».
فلسطين هي كلّ فلسطين
وقال: «على أيّ حال، فإنّ خطة الضمّ تأتي في سياق «صفقة القرن» وللأهداف عينها، وهي جعل الأرض الفلسطينية أرضاً بلا سكان وتقويض كل فرص «السلام» المزعوم مع العدو وما يُسمّى «حلّ الدولتين»، وهذه المصطلحات، أنا شخصياً لا أؤمن بها جملة وتفصيلاً، ففلسطين بالنسبة إليّ هي كلّ فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر وعاصمتها القدس كلّ القدس، شرقها وغربها، وسكانها هم أبناؤها وحُماتها والمدافعون بأرواحهم ودمائهم عن أسوارها».
ورأى أنّ هناك أوراقاً كثيرة بيد السلطة الفلسطينية لمقاومة خطة الضمّ الصهيونية أهمّها وقف التنسيق الأمني، مذكّراً بما أعلنه الرئيس محمود عباس في أيار/ مايو الماضي، عندما قال «إنّ القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير في حلّ من الاتفاقيات والتفاهمات الموقعة مع دولة الاحتلال»، بسبب عزمها ضمّ أجزاء من الضفة الغربية. وقال خوري: «موقف السلطة مهمّ من حيث المبدأ لكنه يحتاج إلى أنّ يُستكمل بالقانون الدولي فدولة الكيان الغاصب لديها الكثير من الخروقات لاتفاقية «فيينا» لقانون المعاهدات، وتستطيع السلطة بموجبها أن تحلّ نفسها من هذه المعاهدات وفقاً للقانون الدولي. هذا في المبدأ، لكنّنا للأسف أمام عدو لم يحترم القانون الدولي يوماً. عدوٌّ لا يؤمن بالقوانين ولا يفهم سوى لغة واحدة هي لغة القوّة. وللأسف لا يوجد توازن أو تكافؤ في القوة بين طرفي الصراع. إنّ معاهدات الإذعان الموقّعة مع هذا العدو والتي تُسمّى اتفاقيات سلام هي التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه وهي لم تجلب على الدول الموقعة سوى الويل والمزيد من التراجع الجغرافي والسياسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي».
المقاومة هي الخيار الوحيد
وتابع: «أمام هذا الواقع المرير وترك فلسطين جريحة وحيدة تواجه مصيرها من الغطرسة الصهيونية ومن خلفها الولايات المتحدة وبعض العرب المسوِّقين والمموِّلين لخططها وتسوياتها ومؤامراتها ضدّ أمتنا، لا سبيل ولا خيار أمام الفلسطينيين سوى المواجهة والكفاح المسلّح دفاعاً عن فلسطين، وقد أثبتت التجارب المريرة بعد مسار طويل من الرياء والمفاوضات والاستجداء أنّ هذا الخيار هو الأصوب ومهما بلغت التضحيات، فإنّ المقاومة هي السبيل الوحيد لحفظ الكرامة وتحرير الأرض من الاحتلال، ولمن يرون ما أقوله حلماً أو ضرباً من ضروب الخيال أقول: النصر ليس بعيداً ولا مستحيلاً ولنا في نصر أيار عام 2000 في لبنان خير مثال، حيث تمكّنت المقاومة اللبنانية من تحطيم أسطورة «الجيش الذي قيل إنه لا يُقهر» ودحر المحتل الصهيوني عن الجنوب اللبناني، فخرج يجرّ أذيال الخيبة والهزيمة وفلولاً من العملاء الخونة».