صباحك، يا معلّم، ماء وسكّر
} زهير يوسف
أرعدْ.. أرعدْ أيها المكرّس للمطر: فعروقنا جفّت، وأرواحنا نعست، ودموعنا هرمت، ولولا نسورٌ زغاليلُ من نسغ دماك لاكتوانا الرميم.
لا.. ليس صداك من ينادينا بل روحك: من صباح وماء وسكر،
لا.. ليس طيفك من يؤرقنا بل ضفاف: من حب ووعد وعنبر،
أرعد.. اغضب، فبيادرك التي زرعتها بضياء عينيك، وسوّرتها برموش قلبك، وحصّنتها بخصاب لبّك، أشعلتها أصابع العميان، وهدرت خصوبتَها شهوةُ الخصيان، وطرد طيورَ جنتها فحيحُ الأفاعي.
أرعد في هذا المساء، فهذا المساء لك وحدك ليس ألّاك، أنت مليكه المتوّج منذ بدء الزمان، وأنت تاجه، وأنت نجمه، وأنت فجره.
هذي الشمس تكبر وتكبر كلما ازداد بهاء غيابك،
وهذي الأرض ستبقى ترتوي من نجيعك ألف عام ألف عام
موتك شرط لانتصار قضيتك؟ اسمح لنا يا سليل الشموخ:
أبداً لم يكن رحيلك موتاً»،
بل كان عبوراً يليق بك، عبوراً نحو وجداننا، ارتقاء بنفوسنا نحو قمم تجاور مجدك.
نداؤك دوماً يضجّ بنا، ولكن في هذه الليلة تخصب الرؤيا، يتضرّج الإحساس بعطر غريب ملأ المدينة: فارس شهيد حطّ على كتف السماء، رفع يمناه، لوّح بها …
ثم ابتسم.