الاتحاد الأوروبي يتوسط بين فرنسا وتركيا في الموضوع الليبي
د. هدى رزق
تأتي زيارة جوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي الى تركيا قبل قيام البرلمان الأوروبي ومجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي بمناقشة الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها تركيا في المنطقة، من أجل معالجة قائمة متزايدة من الخلافات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وتركيا، وهي تندرج تحت عناوين منها الخشية من الهجرة إلى أوروبا، الى الحرب الليبية والمطالبات المتضاربة بشأن الموارد في شرق البحر الأبيض المتوسط، اكتسبت زيارته طابع الوساطة وسط التوترات المتزايدة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا على جبهات متعددة حيث يرى القادة الأوروبيون ان أنقرة تتخذ إجراءات أحادية بشكل متزايد على حساب الكتلة، بعد ان تحدث المسؤولون الفرنسيون عن إمكانية فرض عقوبات جديدة على أنقرة بسبب أنشطة حفر الغاز بالقرب من قبرص..
وزير الخارجية التركي قال انّ اتخاذ قرارات ضدّ تركيا لن يحلّ المشاكل القائمة؛ بل على العكس، سيعمّقها .
يأتي الخلاف بعد أسابيع حيث تبادل المسؤولون الفرنسيون والأتراك الإهانات علناً وشككوا في التزامات بعضهم البعض تجاه حلف الناتو. يعود بوريل إلى أوروبا حاملاً طرحاً لمهمة صعبة متمثلة في تخفيف الخلاف بين الاتحاد الأوروبي وتركيا .
منذ انهيار محادثات عضوية تركيا في الاتحاد الاوروبي والعلاقات بينهما متراجعة كذلك مفاوضات انضمام تركيا الى الاتحاد . يتصرف اردوغان على اساس ان الاوروبيين وبالتحديد فرنسا يعارضون دخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي ولن يقبلوا بدخول ثمانين مليون مسلم الى الاتحاد… لذلك لا يأبه من عقوبات فرنسا .
عززت تركيا أمن الحدود وإدارة الهجرة من خلال اتفاقية عام 2016 التي أنشئت لدعم أكثر من 3.7 مليون لاجئ سوري في تركيا ومنع الهجرة غير الشرعية، استعملت نقرة ورقة الهجرة غير الشرعية كابتزاز للحصول على دعم الاتحاد الأوروبي لسياساتها في سورية وانتقدت القادة الاوروبيين بسبب عدم متابعتهم خطة تحرير التأشيرات للمواطنين الأتراك كما ورد في اتفاق 2016 بينما الاتحاد الاوروبي يرى الاتحاد الاوروبي ان تركيا هي الشريك الاول في الواردات والصادرات إلى تركيا ومصدر للاستثمارات المباشرة المقبلة. وهو يركز على الروابط الاقتصادية لكن أنقرة وبروكسل تختلفان حول كيفية التعامل مع مجموعة من القضايا التي تشمل العلاقات الثنائية، إذ تسعى تركيا إلى فصل القضايا السياسية عن القضايا التقنية، أيّ فصل الشرق الأوسط عن مناقشات التعاون في مجال الهجرة.
انضمّ الزعماء اليونانيون والقبارصة إلى فرنسا في معارضة السياسة الخارجية التركية، أما تركيا فهي تتصرف كدولة مستقلة وقرارها في يدها وهي لا تخشى من اي قرار عقابي وتعتبر تدخلها العسكري إلى جانب حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دولياً كجزء من حملة أوسع لتأكيد الهيمنة في شرق البحر الأبيض المتوسط الغني بالغاز وتعزيز الدعم المتواصل في الداخل. وهي ترى ان السيطرة على خطوط إمداد النفط، ووجود الطائرات العسكرية الروسية ووجود قوات المرتزقة من مجموعة فاغنر المدعومة من الكرملين. رسالة واضحة بعد الهجوم الجوي على قاعدة الوطية الجوية في غرب ليبيا، لكنها لن تردعها تعن تحقيق أهدافها في الدولة الغنية بالطاقة.
وانّ أكبر قاعدة جوية في ليبيا، الجفرة، ومدينة سرت الساحلية ستكون من بين أهدافها المقبلة… كما أعلنت أنّ هذه التصريحات المتحدية للطرف الآخر أتت بعد الغارة التي قام بها تحالف الإمارات فرنسا ومصر وروسيا، أيّ بعد ساعات قليلة من لقاء وزير الدفاع التركي خلوصي آكار ورئيس الأركان، مع الضباط الأتراك في ليبيا حيث تفقدوا سفينة حربية تركية راسية قبالة الساحل الليبي.
فرنسا قدّمت معلومات استخبارية للعملية وهي تدعم الإمارات بصمت، التي بدورها تخرق حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا لدعم حفتر، لم تنته الحرب. الإماراتيون عازمون على إعاقة التقدّم التركي. أما فرنسا، فمصالحها في ليبيا حاسمة بسبب مسألتين… الأولى مصالحها في ليبيا أما الثانية فهي مسألة الإرهاب في منطقة الساحل الذي يشكل تهديداً مباشراً لأوروبا. إذ تخشى خطر اندماجهم مع المهاجرين غير الشرعيين الذين يشقون طريقهم إلى أوروبا .
تمنح الاتفاقات الموقعة بين تركيا والحكومة الليبية للتدخل التركي شرعية لا يملكها أيّ من خصومها. وعلى الرغم من وجودها في الجانب المقابل، أبدت روسيا اهتماماً تاماً بمواجهة الموضوع بشكل علني. إلا انّ تركيا ترى أنّ المشتركات بينها وبين روسيا في غير مكان تمنع الاصطدام المباشر. الجميع يريد ان تقف الحرب على حدود جفرة وسرت ولكن بشرط ان يضمن مصالحه. ليبيا اليوم بيد طرفين ومقسمة بينهما وفي الوسط المثلث النفطي حيث الصراع والمفاوضات التي يجب ان تضمن مصالح الاطراف المتصارعة ووحدة ليبيا…