انتفاضة الجزيرة السورية ضدّ الاحتلال والإدارة الذاتية…
حسن حردان
تحدّى أبناء الجزيرة السورية، في محافظة الحسكة، كلّ قيود وإرهاب الاحتلال الأميركي والإدارة الذاتية، وشاركوا في الانتخابات التشريعية لانتخاب أعضاء مجلس الشعب عن منطقتهم…
على أنّ هذه المشاركة، التي ميّزت الانتخابات التشريعية السورية عام 2020، إنما تعكس جملة من الدلالات المهمة في هذه المرحلة التي تُواجه فيها سورية محاولات أميركية لتكريس أمر واقع تقسيمي في الجزيرة السورية في سياق خطة تهدف إلى استغلال بعض الأحزاب الكردية لتحقيق الأهداف الاستعمارية للولايات المتحدة لمواصلة سرقة النفط السوري وابتزاز تنازلات من الدولة السورية مقابل تسهيل الحلّ السياسي وإنهاء الحرب الإرهابية وإعادة إعمار سورية…
فما هي هذه الدلالات التي تؤشر إليها المشاركة الشعبية في الانتخابات التشريعية في محافظة الحسكة..
الدلالة الأولى، إسقاط الادّعاءات الأميركية التي تشكك بشرعية الانتخابات وديمقراطيتها، فالمشاركة الواسعة في مناطق خارج سيطرة الدولة السورية تشهد على شرعية الانتخابات وعدم صحة الدعاية الأميركية من جهة، وقرار الشعب السوري بكلّ أطيافه في المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، وعدم الاستجابة لدعوات “قسد” لمقاطعتها من جهة ثانية…
الدلالة الثانية، نزع الغطاء عما سُمّي قوات سورية الديمقراطية، التي أعلنت عن تشكيل إدارة ذاتية في المناطق التي تسيطر عليها، في الجزيرة السورية، بحماية ودعم من قوات الاحتلال الأميركي.. لقد أكدت المشاركة في الانتخابات أنّ هذه الإدارة لا تحظى بتأييد غالبية أبناء المنطقة، وهذا دليل واضح على رفض أهل الجزيرة السورية لأيّ سلطة أمر واقع بديلاً عن سلطة الدولة، وأنهم يتُوقون لإنهاء هذا الواقع الشاذ، الذي تسبّب به الاحتلال الأميركي والمراهنين عليه لفرض واقع تقسيمي في المنطقة..
الدلالة الثالثة، تعزيز البيئة الشعبية الرافضة للاحتلال الأميركي وسلطة الأمر الواقع، التابعةُ له، لا سيما أنّ المشاركة في الانتخابات تأتي مكمّلة لتصاعد دعوات وجهاء وفاعليات الجزيرة إلى مقاومة قوات الاحتلال الأميركي… وتصدّي الأهالي في العديد من القرى للدوريات الأميركية، وتكرار إقدام قوات الجيش السوري، في الحسكة، على منع مرور قوافل عسكرية أميركية وإجبارها على العودة من حيث أتت…
الدلالة الرابعة، تأكيد على أنّ انتفاضة أبناء الجزيرة السورية نصرةً لدولتهم الوطنية ورفضهم التخلي عنها، في تجسيد لانتمائهم الوطني وعروبتهم الأصيلة التي ترفض التعايش مع الاحتلال وإفرازاته.. وأنّ أبناء الجزيرة مثل بقية أشقائهم في جميع أنحاء سورية يتمسكون بوحدتهم الوطنية، ووحدة أرضهم.. وها هم ينتفضون تأكيداً على مدى وطنيتهم، كما انتفض النازحون السوريون في لبنان، عبر مشاركتهم الكثيفة في انتخابات الرئاسة السورية سنة 2014 موجهين صفعة قوية لأعداء سورية الذين راهنوا على عزوف النازحين عن المُشاركة ووقوفهم ضدّ انتخاب الرئيس الدكتور بشار الأسد.. واليوم تتكرّر الصفعة لأعداء سورية، لكن هذه المرة جاءت الصفعة من أبناء الجزيرة السورية، حيث الرهان عليهم لإخراج قوات الاحتلال الأميركي من أرض سورية، ووضع حدّ نهائي لمشاريع التقسيم والحكم الذاتي… وإنجاز النصر النهائي على القوى الإرهابية وقوات الاحتلال الأجنبي الداعمة…