لبنان وسورية: أزمة التأشيرة تفتح الحوار الحكومي بتفويض إبراهيم

كتب المحرر السياسي

بعد المفاجأة التي أظهرها إعلان التحالف الكردي مشاركته في حوار موسكو الذي ينعقد في السادس والعشرين من الشهر الجاري بين وفد من المعارضة ووفد حكومي، والتحالف الذي يقوده صالح مسلم وتتبع له لجان الحماية الشعبية الكردية المسلحة، التي تقاتل في الحسكة وريف حلب وتقود المواجهة في عين العرب كوباني، وتميزت عن سائر فصائل المعارضة أنها رفضت المشاركة برفع السلاح بوجه الجيش السوري، ظهرت المفاجأة الثانية لتصاب تركيا بثلاث ضربات قاسية، الأولى كانت أن الحديث عن معارضة مسلحة وازنة تقاتل ضد الإرهاب تكون ضمن الحوار السياسي، لا ينطبق على غير الفريق الكردي، الذي تناصبه تركيا العداء، بينما جماعاتها ليست إلا امتدادات لـ»النصرة» و»داعش»، والضربة الثانية كانت بكشف السيد حسن نصرالله عن أن تركيا بقيت وحدها المسؤولة عن إدامة الحرب في سورية عبر تبنيها «النصرة» و»داعش» وتوفير المال والسلاح والإمداد لهما وإبقاء الحدود مفتوحة أمامهما، عدا عن الغطاء السياسي والموقف العدائي لأي حل واقعي بات الجميع يسلم به وعنوانه أن الرئيس بشار الأسد باق، وأن الاحتكام لصناديق الاقتراع هو الذي يحسم هوية السلطة السياسية والمؤسسات الدستورية في أي حل سياسي، والضربة الثالثة على رأس تركيا كانت بعد توريطها الائتلاف المعارض بإعلان مقاطعة حوار موسكو، على أساس نزع الشرعية عنه بدعم دولي، يشكك بالتمثيل المعارض، تلقت تركيا الضربة من حيث لا تتوقع فظهر أن الحوار قد تم إعداده من قبل موسكو بالتوافق مع كل من واشنطن عبر وزير خارجيتها جون كيري من جهة، والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا من جهة مقابلة، اللذين أعلنا دعمهما للحوار، والأهم أنهما أبلغاها وأبلغت بدورها الحكومة السورية أن الدعم الأميركي والأممي يطاولان عقد الجولة الأولى بمن حضر ما يعطي معنى إضافياً لكلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن ندم الذين سيقاطعون الحوار. سورية التي حددت فهمها لدور الحوار، كإطار للتشاور حول كيفية وشروط الحل السياسي من جهة وشروط الفوز بالحرب على الإرهاب من جهة أخرى، تستعد لترتيب وفدها إلى موسكو وأوراق العمل الخاصة بهذا الحوار.

سورية كانت تتلقى أيضاً التوضيحات التي نقلها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي رفض طوال الفترة الماضية القيام بأي زيارة، قبل تبلغه تكليفاً رسمياً بإدارة الحوار مع الحكومة والمسؤولين في دمشق ضمن تفويض واضح ومهمة واضحة، وما جرى في خطيئة قرار اللجنة الوزارية لمتابعة قضية النازحين السوريين، بقرار اعتماد تأشيرة الدخول على السوريين الوافدين إلى لبنان، أن الترددات والتداعيات الناجمة عن القرار، كادت توصل لأزمة حدود بين البلدين تنتهي بإقفالها من الجانب السوري بوجه الأفراد والبضائع، ولم تنفع التوضيحات الالتفافية، الهادفة لتمييع الأمر وتخفيف وطأة القرار، فكان تعميم وزارة الخارجية وفقاً لاعتماد نص قرار الأمن العام بأن لا وجود لقرار باعتماد التأشيرة على السوريين الراغبين بزيارة لبنان، نصف حل، والنصف الثاني صدور التكليف المعلق منذ سنة للواء إبراهيم لزيارة دمشق بصورة رسمية باسم الحكومة اللبنانية، وبدء حوار حول مسألة النازحين، خصوصاً أن الكلام الحكومي اللبناني حول مخاطر النزوح، عدا عن كونه كلاماً سياسياً، يتهرب من حقيقة الاستعداد السوري المتكرر للبحث عن حلول مشتركة تقوم على دراسة هادئة للأرقام والأوضاع وبدء خطة قائمة على روح التعاون لتأمين إعادة الراغبين بالعودة والذين عاد الهدوء إلى مناطق سكنهم أو الذين يمكن إيواءهم في مناطق أمنة داخل سورية.

بدأ اللواء إبراهيم المهمة، وأعلن وزير الداخلية رسمياً في مجلس الوزراء التكليف وشاركه رئيس الحكومة التأكيد، وينتظر أن تبدأ النتائج بالظهور، ما لم ينجح المتربصون مرة أخرى باختراع العراقيل أو تصنيع الأزمات ووضع العصي في الدواليب، بقرار من بعض الخارج الذي يحكمه الحقد والكيد بدلاً من الحساب السياسي، ويريد استخدام لبنان صندوق بريد لأحقاده خلافاً لإدعاءات الحرص على لبنان.

في لبنان ارتياح للبدايات، والعين على الخطط الأمنية التي ستبدأ حلقتها الثالثة بعد الشمال ورومية، في البقاع الشمالي وبلدة بريتال خصوصاً، وتبقى حالة مخيم عين الحلوة الحلقة الرابعة المنتظرة، بعدما بدا أن غرفة عمليات رومية لـ»داعش» و»النصرة» انتقلت إلى هناك، والسعي لحل سياسي يمهد للحل الأمني هو الهاجس المشترك للقيادات السياسية والأمنية، اللبنانية والفلسطينية على السواء، خصوصاً أن حركة حماس التي أبدى ممثلها في لبنان ارتياح الحركة لكلام السيد نصرالله، وكشف عن اتصالات لتطبيع علاقات الحركة مع القيادة السورية، تبدو نشطة ومهتمة بالمساعدة على توفير بيئة مناسبة للحلين السياسي والأمني.سياسياً، أعطت جلسة الحوار الثالثة بين «حزب الله» و»تيار المستقبل» جرعة جديدة من التفاؤل بإحرازها تقدماً على طريق تنفيس الاحتقان بما يساهم في تحصين الوضع الداخلي.

وكانت الجلسة انعقدت مساء أمس في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة بحضور المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق عن تيار المستقبل. وغاب النائب سمير الجسر بسبب سفره إلى الخارج. كما حضر الجلسة الوزير علي حسن خليل.

وأوضح البيان الصادر عن المجتمعين أنه «جرى البحث في التطورات التي حصلت خلال الأسبوع الماضي أمنياً وسياسياً والتقييم الإيجابي لانعكاسات الحوار الجاري عليها. وتم التشديد على حماية القرارات الوطنية التي تحصن الساحة الداخلية».

وأشار البيان إلى أن «النقاش استمر في النقاط التي تم تناولها سابقاً، وحصل تقدم واضح فيها بما يفتح آفاقاً أمام نتائج تساعد على تثبيت الاستقرار الوطني».

وفيما علمت «البناء» أن البحث تركز على تفاصيل تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع وسبل مساعدة القوى السياسية البقاعية على تطبيقها، رجحت مصادر أمنية لـ»البناء» أن تبدأ الخطة في البقاع الشمالي بعد 25 الشهر الجاري. وأكدت مصادر مطلعة أن حزب الله لا يغطي من الأساس أحداً من المجرمين أو المخلين في الأمن، لافتة إلى أن «الحزب ليس فقط، لا يؤمّن الغطاء السياسي لأحد، بل يدفع هو وحركة أمل نحو تنفيذ الخطة الأمنية». وشددت المصادر على «أنّ الحزب يهمّه ذلك، أولاً، لتوفير الراحة والأمان لسكان البقاع، وثانياً لسحب البساط من تحت أقدام المصطادين في الماء العكر».

وهذا ما أكده أيضاً الحزب نفسه على لسان قيادييه. واعتبر «أن الدولة قادرة بأجهزتها الأمنية والعسكرية أن تضع حداً للفلتان الأمني والتواصل التآمري كما حصل من تفكيك غرف العمليات داخل سجن رومية عندما يتوافر الغطاء السياسي». وأضاف: «نريد لهذا الغطاء أن يستمر وللأجهزة أن تطبق الخطط الأمنية على كامل تراب الوطن، وبذلك تعاد للدولة هيبتها، وللمواطن ثقته وأمنه واستقراره».

وباسم حركة أمل، أكد وزير النقل والأشغال العامة غازي زعيتر «أننا مع تطبيق الخطة الأمنية في البقاع الشمالي وتعميم الأمن والاستقرار وملاحقة كلّ المخلين بالأمن والمجرمين، وهي بين أيادي القوى الأمنية والمؤسسات العسكرية»، مشيراً إلى «أن القوى الأمنية لن تُعلن عن انطلاق موعد الخطة. وشدد على أنه «لم يكن هناك غطاء على أحد من الأساس لنرفعه، وكممثل لحركة أمل في البقاع أؤكد ذلك وأجزم عن حزب الله ذلك أيضاً، الغطاء على أي شخص لا يجوز وهو لا يخدم مصلحة الحركة ومصلحة الحزب والقوى السياسية كافة».

سموم خوري ومغالطاته

ووسط الأجواء الحوارية والرضى عن نتائجها المحققة على صعيد إراحة الوضع الداخلي، كان القيادي في تيار المستقبل النائب السابق غطاس خوري يبث سموماً في المحكمة الدولية في لاهاي التي واصلت أمس الاستماع لشهادته في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وفيما طفحت «الشهادة» بالمغالطات السياسية، إلا أن أخطر ما زعمه هو أن حكومة الرئيس الراحل عمر كرامي شكلت عام 2004 لاغتيال الحريري ! ، مستنداً إلى تصريحات بعض الوزراء الذين انتقدوا آنذاك سياسة الأخير.

وفي السياق نفسه، أوضح المكتب الإعلامي للرئيس فؤاد السنيورة «أنه طلب تأجيل موعد الإدلاء بشهادته أمام المحكمة الخاصة بلبنان لأسباب صحية»، وشدد على أنه «لم يرفض الإدلاء بها».

في غضون ذلك، واصل الجيش تعقب الإرهابيين وتوقيفهم وقد دهت قوة أمس منزل أحد المطلوبين في باب التبانة في طرابلس ولم تعثر عليه لكنه ضبطت في المنزل قنابل وأسلحة وذخائر وحزاماً ناسفاً.

المشنوق يرفض الزواج المدني

على خط آخر، أعاد وزير الداخلية نهاد المشنوق مسألة الزواج المدني إلى دائرة الاهتمام برفضه توقيع العقود الخاصة به. إذ بينما ينتظر أكثر من 30 زوجاً وزوجة بعقود مدنية، الحصول على وثيقة من المديرية العامة للأحوال الشخصية ليصبح زواجهم مسجلاً في الدوائر الرسمية، أعلن المشنوق رفضه تسجيل الزواج في تلك الدوائر، بعدما كان وعد اللبنانيين بدراسة الملف.

وتعقيباً على ذلك، رفض وزير الداخلية السابق مروان شربل في حديث إلى «البناء» التعليق على موقف المشنوق، لكنه أكد أنه وقّع قرار تسجيل معاملة زواج نضال وخلود أواخر عام 2012 لدى المديرية العامة للأحوال الشخصية، بعد أن أجرى سلسلة دراسات واستشارات، لافتاً إلى «أن لجنة الاستشارات العليا التي كلفها وزير العدل السابق شكيب قرطباوي من ثلاثة قضاة أجمعت على قانونية توقيع وتسجيل الزواج المدني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى