النهضة السورية القوميّة.. هي الطريق الوحيدة للنجاح
} راسم الباشا *
ما أحوجنا اليوم وفي زمننا الحالي، الذي يتدهور يوماً بعد يوم وينزلق نحو الهاوية حيث لا خلاص منها، إلا برجل فكر عملاق، سعاده العظيم، ليعيد للأمة كرامتها التي أهينت بالتنازلات والصفقات والمؤمرات وتخلّي البعض عن الجهاد المقدّس لاسترجاع اللواء السليب وفلسطين المغتصبة.
فكر سعاده والمبادئ التي نادى بها هي طريق الخلاص، لقد استشرف سعاده المستقبل، وما ستؤول إليه أوضاع الأمة من استهداف لثرواتها وحقوقها، وتمزيق شملها. فاستنهض الذات القوميّة وأعلنها عقيدة مدوّية مجلجلة ارتعدت لها فرائص الحكام الخونة وقضّت مضاجعهم، فأدركوا أنّ نهايتهم باتت قاب قوسين أو أدنى، فتهيّبوا الموقف، وكانت المؤامرة التي حيكت للإيقاع بالزعيم واتهامه بالتآمر على قلب نظام الحكم وإعلان الثورة والتمرّد، وكانت المحاكمة الصوريّة ثم الإعدام.
استشهاد سعاده لم يذهب هدراً وهو الذي قدّم دماءه على مذبح الواجب والتضحية، إنّما ولّدَ انبعاثاً للعقيدة القومية الاجتماعية الجلية، الصلبة، والإيمان الراسخ بالنهضة القومية التي كانت وما زالت وستبقى الرجاء والأمل لعودة الحق إلى نصابه، وتصويب مسار الأمة السورية نحو أمجادها الغابرة وعزّتها المرجوة، الأمل بوحدتها وشدِّ أواصر المحبة وإزالة الفوارق الاجتماعية والطبقية الزائفة المذلّة لجوهر أنسنة الإنسان الذي وُلِدَ حراً غير مملوك، وإعلاء شأن القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية التي تصقل الفرد وتجعله عضواً فاعلاً في مجتمعه وأمته.
كم يحلو لنا أن نحلم بأيام نتنسّم فيها الحسّ القوميّ الثوري نابذين الطائفية البغيضة التي تنهش في جسد الأمة، وخلع رداء التديّن الزائف المبني على العصبية المذهبية والتقوقع والانعزال والتلبّس بلباس التقوى والإيمان الذي يُخفي تحته آراء شيطانية تنخر بخبثها ودناءتها عقولاً ما زالت يانعة لفقدها تجارب الحياة ودروب مسالكها ودهاليزها.
إننا نعلم ونُدرك بأنه لا خلاص لأمتنا التي سيطرت عليها شهوات المتربّعين على سلطتها، والمستهترين بقدرات الشعب الناهض وتوقه إلى مراتب الرقي والتحضّر والتطوّر، إلا بالعودة إلى الجذور التي أرسى قواعدها المعلم والزعيم أنطون سعاده، الذي ارتقى باستشهاده إلى مصاف القادة العِظام الذين تركوا بصمات في التاريخ لا تُنسى، كما ارتقى بمناقبيته الأخلاقية ومواقفه الإنسانية إلى مرتبة القداسة، وهو الباذل روحه فداءً للأمة والعقيدة والمبادئ السامية، مواجهاً الموت بابتسامة السخريّة من جلاديه شامخاً غير هيّاب، رافع الرأس والجبين، رافضاً طمس عينيه ليبقى شاهداً للرصاصات التي خرقت جسده، نازفًا الدماء سخيّة قائلاً لجلاديه: «أنا أموت أما حزبي فباقٍ».
حقاً أيها المعلم، مبادؤك باقية وعقيدتك صلبةٌ راسخةٌ في عقول رجال أشداء تعلّموا منك الوفاء والتضحية فتمرّدوا على الواقع الفاسد الأليم، وأدركوا أنّ تضافر الجهود وتوحيد الرؤى للنهوض وفق أسسٍ مدروسة وخطط ممنهجة موضوعة بعناية فائقة لا لبس فيها ولا التباس، هي الطريق السليم والسبيل الأقوم لإنقاذ الأمة وتخليصها من براثن التمزّق والانقسام واسترجاع ما سُلب من حقوق واستنهاض الهمم، وهي الرد الحاسم على كل ما يُحاك لأمتنا من مؤامرات لن تنتهي طالما نحن في فرقة وتباعد وتشرذم.
إن الواقع الأليم في حاضرنا الحالي والذي لا نُحسَد عليه يفرض علينا الصمود والتنبّه والحذر وأخذ الحيطة لأنّ ما يتربّص بنا لا يُستهان به، فالاستعداد لما هو قادم بشروره والتهيؤ لما سيحدث من معارك تحدّد المصير.. معارك الوجود التي كان ثمنها دماء سعاده. فلنستعدّ لليوم الموعود بعزيمة الأبطال كما علّمنا المعلم ونحن بانتظاره سنرسم حدود نهايته بوعينا وحرصنا واستشهادنا بعزيمة لا تلين، فالنصر آتٍ لا محالة وبوادره تلوح في الأفق كما الحق ساطع بنوره أغشى بصائر الغزاة الطامعين بأرضنا وحقنا وثرواتنا وعيشنا بحياة حرة كريمة. فإلى هذا اليوم نرقب، بنضالنا وكفاحنا وعدم الاستسلام والرضوخ وبالصبر على احتمال المكاره، وما ذلك ببعيد.
*ناشط اجتماعي مقيم في ملبورن – أستراليا