مصباح رميتي … المعروف بـ «الديك» بقميص الحكمة سجّل في النجمة وندم!
} ابراهيم موسى وزنه
محتذياً خطى شقيقه الأكبر محمد، نزل مصباح فضل رميتي (مواليد الغبيري في العام 1950) إلى الملاعب الكروية على حساب الانسحاب «التكتيكي» من مواصلة تحصيله العلمي، ومن أخيه أيضاً أخذ لقب «الديك» … ومحمد، هو من أوائل أبناء الشياح الذي التحقوا بفريق التضامن البيروتي في الطريق الجديدة والذي كان يشرف عليه محمود البرجاوي «أبو طالب» قبل أن ينتقل «الديك» إلى الراسينغ مودّعاً اللعبة باكرا بداعي ظروف العمل.
أما مصباح، فهو وكسائر أبناء الشياح، وجد في ملعب الجوار المجاور لمنزله الفسحة الأحبّ إلى قلبه لمداعبة الكرة وخوض النزالات المتواصلة على الملعب الرملي الشعبي، وفي سن الخامسة عشرة من عمره التحق بفريق الكفاح الذي كان يضمّ نخبة من لاعبي الشياح الذين تهافتت الأندية الكبيرة لاستقطابهم إلى صفوفها، وفي العام 1967 كان «الديك الثاني» على موعد مع التوقيع الرسمي الأول حيث حطّ رحاله في نادي الضاحية بتسهيل من جاره ومتابعه والمعجب بادئه الحاج عدنان ناصر، والذي كان أحد الفاعلين في النادي الحاصل على رخصته الكروية إلى جانب «كرة اليد» و «كرة الطاولة»، وفي سياق مواصلة تقليده لشقيقه محمد لعب مصباح في نفس مركزه «مدافع أيسر» ، وبعد موسمين له مع الضاحية انتقل إلى صفوف نادي البرج لفترة محددة لكنه لم يوقّع على الكشوفات الرسمية، عن تلك المرحلة يخبرنا الكابتن مصباح: «لعبت مع البرج وتحديداً خلال مبارياتهم الودية على ملعب الرمل العالي .. إلى جانب أبرز اللاعبين كسهيل رحال وشقيقه عباس وفاروق الغالي ومحمد فلاح ومحمد علام وبسام فرحات وغيرهم … ومعهم اكتسبت المزيد من الخبرة والصلابة مع تميّزي باللعب بالقدمين والارتقاء بالعالي لقطع الكرات عن المهاجمين بالرغم من قصر قامتي … وبعد سلسلة من المباريات جاء «النصيب» وانتقلت إلى صفوف الحكمة».
خمسة الآف ليرة بدل الانتقال
في أواخر العام 1969 ، نجح دينامو نادي الحكمة جورج شاهين (أمين سر النادي) باقناع مصباح رميتي بالانتقال إلى صفوف الكتيبة «الخضراء» وذلك بدافع حاجة الفريق إلى مدافع صلب يمتلك القدرة على تعطيل خطورة المهاجمين المهاريين، وفي ضوء إتمام العملية برضى الطرفين نال «الديك» خمسة آلاف ليره لبنانية…
ومع الحكمة لعب أجمل مواسمه إلى جانب كوكبة من النجوم كاميل رستم وابراهيم الأورفلي وطوني شاهين وسمعان حطّاب وغيرهم، ومن ذكرياته الحكماوية، يتذكّر : «في احدى المباريات على ملعب برج حمود بمواجهة النجمة تقدّمت وسجّلت هدف التعادل لفريقي (1 ـ 1) …
ولأن شباك النجمة كانت نظيفة طوال أكثر من 10 مراحل من الدوري كتبت الصحف في اليوم التالي «الديك يفقد عذرية النجمة» …
يومها لا أنكر بأنني صُدمت من منطلق حبّي وتشجيعي لفريق النجمة وانا الذي كنت أواكبه صغيراً وأفرح لانتصاراته وأعرف غالبية لاعبيه عن قرب …
وفي الوقت عينه لا يمكنني إلا أن ألعب بفدائية واخلاص للفريق الذي ارتدي قميصه … خصوصاً وأن رئيس نادي الحكمة في تلك الفترة النقيب ملحم كرم كان يخصّني بمحبة واحترام وتقدير ولطالما كانوا يرسلون سيارة خاصة لاصطحابي من المنزل إلى الملعب».
وفي ضوء بروزه مع الحكمة تمّ اختياره ضمن صفوف منتخب بيروت ووقف متحفّزاً على عتبة الالتحاق بالمنتخب الوطني الأول، وبعد ثلاثة مواسم ناجحة ورائعة مع الحكمة إنتقل «الديك» إلى النادي الذي حلم يوماً باللعب معه، إلى نادي النجمة كانت المحطة التالية والأخيرة من رحلته الكروية في الملاعب، التي امتدت حتى العام 1976.
إتفاق سنان ـ شاهين
أوصلني للنجمة
بحسب دفاتر النجمة فقد التحق «الديك» بالفريق النبيذي في كانون الأول من العام 1972 ، ومعه حلّق بعيداً وسافر إلى عدد كبير من البلاد للمشاركة في دورات ودّية ومعسكرات خارجية.
وهنا يقول الكابتن مصباح: «سافرنا إلى بلغاريا ورومانيا وروسيا والعراق … أمضينا أياماً رائعة، كنت قريباً من جميع اللاعبين، وتحديداً من لاعبي منطقتي حبيب كموني وأحمد عبد الكريم «التكي» ومحمد حاطوم حيث كانت تجري اللقاءات و «الترويقات» قبل المباريات في مصبغة النجماوي العريق وصديق اللاعبين الراحل حسين الشيخ، بالاضافة إلى علاقتي الطيبة مع جمال الخطيب ورياض مراد وزين هاشم والأخوة شاتيلا».
وحول ظروف انتقاله يوضح «الديك»: «لا أنكر بأنني كنت أتمنّى اللعب للنجمة، ورغبتي بالانتقال تمّت ترجمتها فعلياً من خلال جملة من اللقاءات حصلت بين عاطف سنان الذي كان مقتنعاً بضمّي إلى النجمة وجورج شاهين من الجانب الحكماوي …
وبالفعل حصل الانتقال ولم آخذ أي قرش لقاء التوقيع … وكثيرة هي الانجازات التي حققتها مع النجمة بمواكبة جماهيرية رائعة كانت تحفّزني لبذل المجهود المضاعف … وعن قناعة تامة …
جمهور النجمة هو الأوفى والأجمل في ساحات الكرة اللبنانية ومن دون منازع».
اللعب إلى جانب بيليه
«من أجمل ذكرياتي مع النجمة كانت عندما لعب ضمن صفوفنا الجوهرة العالمية البرازيلية بيليه بمواجهة فريق منتخب جامعات فرنسا (6 نيسان 1975)، فالسرور غمر جميع اللاعبين، ومع النجم العالمي أمضينا أوقاتاً ممتعة، بالاضافة إلى فوزنا على فريق آرارات بطل الاتحاد السوفياتي بنتيجة 1 ـ 0».
وفي ضوء الإصابة التي لحقته في احدى مباريات النجمة الودّية في العام 1976 اضطر «الديك» للخروج من الملاعب باكراً، وهنا يخبر: «أصبت بركبتي ، وأرسلني الرئيس عمر غندور لأجري العملية في مستشفى مرجعيون على يد طبيب من أقاربه، وبعد العملية باشرت باجراء الجلسات العلاجية لكن الاصابة تضاعفت وأرهقتني، عندها قررت اعتزال اللعب، لكنني بقيت على تواصل مع النادي وتحديداً مع العرّاب التاريخي الراحل سمير العدو، وأصبحت من ضمن الجهازين الفنّي والاداري، من منطلق ما كنت أقدّمه للنادي من خدمات، فمن الفريق الذي أسسته (النصر الغبيري) أوصلت مجموعة من المواهب إلى المنارة، أبرزهم موسى حجيج ونعمة هزيمة وعبد الأمير سبليني وحسين الخليل وعلي لحمود، ومن النصر أيضاً تخرّج حسين طاهر إلى الحكمة وعادل هيدوس وناجي فارس وعلي حدرج وشقيقي علي إلى الراسينغ وعبد الكريم الخليل إلى التضامن بيروت والاعلامي حسين حجازي الذي أطلقنا عليه لقب «ألوفس» والراحل حسين الخليل وكمال حجرات وبلال وطارق بيضون وغيرهم، وفي مرحلة لاحقة وصل فريقنا إلى مشارف الصعود إلى الدرجة الأولى لمرتين، وذات مرّة تحامل الحكّام علينا بهدف تسهيل عودة الحكمة إلى الأضواء …
وخلال فترة «الاتحادين» وإنقسام البلد بداعي الحرب الأهلية رحت أنظّم الدورات الشعبية بشكل سنوي خلال شهر رمضان المبارك على ملعب النصر، ومن تلك الدورات «المهرجانية» تخرّج كبار النجوم الذين التحقوا بأبرز الفرق اللبنانية على دفعات».
الحكم والمختار
عند خروجه من الملاعب، وبعد توقّفه عن تنظيم الدورات، أكمل الكابتن مصباح مسيرته في ميادين كرة القدم، وهذه المرّة من بوابة التحكيم، ليقول: «في العام 1988 دخلت إلى سلك التحكيم بتشجيع من جاري وصديقي طالب رمضان …
وبدعم من الحكام طلال صالح وعمّار عمّار وزهير المصري، وسريعاً نلت الشارة الاتحادية كما تنقّلت من حكم مساعد إلى حكم ساحة، قبل أن يستقر بي الأمر على حكم مساعد، بتوجيه ودعم من الأستاذ رهيف علامة الذي شجّعني للاجتهاد وصولاً لنيل الشارة الدولية وبالفعل استلمت الشارة الدولية في مطلع التسعينيات ولاحقاً شاركت بقيادة مباريات قارية وخارجية ، أبرزها في العراق في العام 2000 خلال التصفيات الأولمبية، يومها فاز المنتخب العراقي على نظيره الباكستاني بنتيجة 6 ـ 2 ، وتألف الطاقم اللبناني من طالب رمضان وعمّار عمّار ومصباح رميتي وحسين صالح».
شخصيته الهادئة واندفاعه في خدمة الآخرين، وبحكم علاقاته الطيبة مع غالبية أبناء بلدته في الغبيري ترشّح مصباح رميتي لعضوية المجلس الاختياري مرتين، ولم يحالفه الفوز (2010 و 2016).
ليختم معرباً عن أسفه لعدم تكريمه من قبل نادي النجمة على مسيرته الطويلة معه ودوره الايجابي في خدمته وتدعيمه، وشاكراً بلديتي الغبيري وبرج البراجنة على المبادرات التكريمية تجاهه وتجاه غيره من الرياضيين المجلّين.
بطاقة خاصة
الاسم: مصباح فضل رميتي، الملقّب بـ «الديك».
تاريخ ومحل الولادة: الشياح ـ 1950 .
السجل: 235 الغبيري ـ حي الجامع.
الوضع العائلي: متأهل من انتصار شعيب وله منها ابنتان (جويس ومايا).
ـ العمل: عمل لمدّة طويلة في محل شقيقه الكبير يوسف في بيع أدوات البناء والدهان السنكرية، وحالياً يملك محلاً لبيع الأدوات والتجهيزات الرياضية بجانب منزله في الشياح.