بين ماكرون وميلانشون… لبنان لم يعد محمية فرنسية
} د. بيير عازار
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوبّخ الطبقة السياسية اللبنانية ويتهمها بتعزيز الأزمة الأخلاقية في لبنان. ورئيس حزب «فرنسا الأبيّة» ميلانشون يحذر اللبنانيين من وعود ماكرون ويذكّره بأنّ لبنان لم يعدْ محمية فرنسية.
بالتناغم مع سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يسعى إلى فرْض الوصاية على لبنان في أعقاب الانفجار/ التفجير في مرفأ بيروت… نفّذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة خاطفة للبنان لـ «مساعدة الشعب اللبناني وليس الدولة اللبنانية»، والدعوة إلى «الإصلاح والتغيير في لبنان، متناسياً «أنّ أجداده هم مَنْ كرّسوا النظام الطائفي إلى جانب محاولتهم تقسيم البلاد السورية إلى كيانات طائفية وعرقية، وهو ما اعتذر عنه ماكرون نفسه مداورة.
الرئيس ماكرون — حفيد الجنرال غورو — أكد «أّن المساعدات الفرنسية لن تنتهي بأيدي المسؤولين (اللبنانيين) الفاسدين، ونحن سنقدّم مساعدات دولية تحت إشراف الأمم المتحدة، وستصل مباشرة إلى الشعب (اللبناني) وإلى الجمعيات غير الحكومية»، وذلك في إهانة علنية للطبقة السياسية اللبنانية الفاسدة أصلاً.
الرئيس الفرنسي — الذي وبّخ الطبقة السياسية اللبنانية واتهمها بأنها تعاني من أزمة أخلاقية معطوفاً عليها الفساد — طلب إلى سائر المسؤولين السياسيين اللبنانيين «تحمّل مسؤولياتهم»، كما دعا إلى إجراء «تحقيق دولي مفتوح وشفاف للحيلولة دون إخفاء الأمور ولمنع التشكيك أيضاً»، مشدّداً على أنّ ما لمسه في زيارته، التي استمرّت لساعات قليلة، هو «غياب ثقة اللبنانيين بكلّ الطبقة السياسية التي بدورها لا تثق ببعضها بعضاً»، ولفت إلى أنّ «الحكومة الحالية يمكنها القيام بالإصلاحات المطلوبة، وإذا ما أخفقت فيمكن تشكيل حكومة وحدة وطنية».
وخلال لقاء ماكرون مع القيادات السياسية الثماني، التي دعتْها السفارة الفرنسية للقاء معه في قصر الصنوبر، كان الأبرز وجود رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد — والذي للعلم تفرض الولايات المتحدة عليه عقوبات بسبب قربه من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصْرُ الله — حيث تحدث «عن ضرورة تحصين الوضع في لبنان، والحفاظ على نقاط القوة فيه وخاصة قوة المقاومة التي سدّت عجْز الدولة عن التحرير، تماماً كما فعل المواطنون الفرنسيون إبان الاحتلال النازي لفرنسا».
أول الانتقادات لزيارة الرئيس ماكرون للبنان جاء من فرنسا على لسان رئيس حزب «فرنسا الأبيّة» جان لوك ميلانشون الذي «حذّر اللبنانيين من الإصلاحات المزعومة التي يعد بها ماكرون الشعب اللبناني»، كما حذر «ساكنَ الإليزيه من التدخل في الشؤون السياسية الداخلية للبنانيين»، مذكّراً اياه بـ «أنّ لبنان لم يعد محمية فرنسية».
وعلى هامش زيارة ماكرون الملغومة للبنان، أثبتت فرنسا مرة جديدة ازدراءها لحرية التعبير والديمقراطية، إذْ قام منظمو المؤتمر الصحافي بمنع مراسلة قناة «المنار» السيدة منى طحيني من توجيه أيّ سؤال للرئيس الفرنسي، وهي كشفت لاحقاً عن أنّ سؤالها كان يتمحور حول الأسباب الموجبة التي دفعت الولايات المتحدة لفرض حصار جائر على لبنان.
تبقى الإشارة الى أن أكثر من ثلاثين ألف مواطن لبناني وقّعوا على عريضة طالبوا فيها الرئيس ماكرون بعودة الانتداب الفرنسي للبنان خلال السنوات العشر المقبلة، وحضّوه على استهداف حزب الله ونزع سلاحه وتصنيفه على لائحة الارهاب، ما يدفع إلى طرح آلاف الأسئلة عن الحسّ الوطني المسؤول لدى هؤلاء جميعاً….؟؟؟