14 آب 2006…
} معن بشور
1 ـ انتصار لبنان لن تغيّر فيه اتفاقات التطبيع أو محاولات التشويه…
في يوم يحتفل فيه اللبنانيون والعرب بانتصارهم على عدو الأمة التاريخي قبل 14 عاماً وفي واحدة من أعظم الحروب العربية – الإسرائيلية التي استمرت 33 يوماً، يخرج علينا ترامب بالإعلان عن اتفاق سلام وتطبيع بين الكيان الغاصب ودولة الامارات العربية وهو أتفاق أقل ما يقال فيه انه طعنة لنضال الشعب الفلسطيني ومكافأة مجانية لمن يفترض ان يكون موضع ملاحقة من القضاء الجنائي الدولي وخروج صريح عن مقررات الاجماع الرسمي العربي وتطلعات الاجماع الشعبي العربي.
وعشية يوم انتصار لبنان المقاومة (14 آب/ أغسطس) حلّت بلبنان كارثة التفجير الآثم في مرفأ بيروت التي ما تزل تداعياتها الإنسانية والسياسية والقضائية والاقتصادية والاجتماعية مستمرة والتي يسعى البعض، مستبقاً كلّ تحقيق، أن يستخدم الكارثة لإثارة الفتنة بين اللبنانيين وتحريضهم على من صنع النصر لهم ومعهم في التحرير عام 2000، وفي ردع العدوان عام 2006، وكأن توقيت هذه الكارثة جرى اختياره لإزالة الآثار الإيجابية للانتصار التاريخي الذي حوّل لبنان من ساحة مستباحة للعدوان الى قلعة محصنة بوجه المطامع الصهيونية في تمزيق وحدتنا والاستيلاء على ارضنا ومياهنا وثرواتنا.
لكن لن تنجح كل هذه المحاولات المحلية والإقليمية والدولية في تغيير مسار يجري فتحه كل يوم عبر مقاومة باسلة في لبنان وفلسطين وصمود تاريخي في سورية واليمن وحراك شعبي عربي واسع في مواجهة التطبيع يمتدّ من المحيط الى الخليج…
فالرابع عشر من آب/ أغسطس 2006 لم يكن يوماً لانتصار لبنان المقاوم فحسب، بل كان كذلك عنواناً لبداية تحوّل في موازين القوى في بلادنا والعالم، بل إعلاناً أنّ موازين الإرادة المعززة بالمقاومة والوحدة والكرامة تبقى أكثر مصداقية من موازين القوى المدجّجة بترسانات الأسلحة على أنواعها…
14 آب/ أغسطس عام 2006 هو يوم لمراجعة تجاربنا جميعاً، نطوّر ما فيها من إيجابيات، ونتخلص مما يعلق فيها من شوائب، وندرك أنّ النصر على الأعداء هو بجوادين أولهما الوحدة وثانيهما المقاومة الأولى تحصن الثانية والثانية تعزز الأولى…
14 آب / أغسطس 2006، سيبقى يوماً تاريخياً في حياة أمة ما اختارت يوماً طريق الصمود والمقاومة إلا وانتصرت، وما انزلقت يوماً الى طريق الخنوع والتفريط إلا وابتليت بالخزي والعار…
2 ـ لقاء مع الرئيس العماد لحود وسط الحرب
حين أبدى استعداده للاستشهاد
الاتصال الهاتفي الذي أجريه صبيحة الرابع عشر من آب من كلّ عام مع الرئيس العماد إميل لحود مهنّئاً بانتصار لبنان المقاوم على العدوان الصهيوني، والذي لعب فيه الرئيس لحود دوراً محورياً في الجبهة السياسية والدبلوماسية لإفشال أهداف العدوان، كان اليوم مناسبة لاستعادة بعض مواقفه في تلك الحرب الأميركية – الاسرائيلية التي استهدفت لبنان…
ففي أحد أيام الحرب التي استمرت 33 يوماً، قمت بزيارة فخامته في قصر بعبدا ناقلاً له تضامني وتضامن إخواني في لبنان والوطن العربي، روى لي يومها الرئيس لحود أنّ السفير الفرنسي الذي كان مقاطعاً للرئيس لحود آنذاك، اتصل بمدير المراسم السفير جورج حيمري وأبلغه أنّ هناك ضربة إسرائيلية للقصر الجمهوري وأنه يقترح على الرئيس لحود أن يغادر القصر إلى مكان آمن..
جواب لحود يومها كان واضحاً، “أبلغ من اتصل بك، أنّ أعظم ما يتمناه إنسان مثلي أن يستشهد وهو رئيس لبلاده، فيؤكّد أنّ عنوان بلاده هو مقاومة كلّ الطامعين والغزاة..”
وبالفعل لم يمض يومان حتى قصف الغزاة الصهاينة الجسر القريب من القصر الجمهوري، وثكنة الجيش أيضاً، ومع ذلك لم يتراجع الرئيس لحود عن موقفه بل أفشل كلّ المحاولات السياسية والدبلوماسية الرامية إلى تحقيق أهداف العدوان…
في تلك اللحظة، كما في لحظة إعلان السيد نصر الله عن تدمير بارجة “ساعر” في البحر، ولحظة مجزرة دبابات “الميركافا” في سهل الخيام ووادي الحمير، أيقنت أنّ لبنان سينتصر على العدوان، وأنّ شعباً يرأسه رجل كالرئيس لحود، وله جيش باتت عقيدته مواجهة العدوان، وانّ شعباً اختار المقاومة طريقاً للتحرير وردع العدو، لا بدّ أن ينتصر… وقد انتصر بالفعل…
وما نشهده منذ ذلك الحين ليس إلاّ محاولات لتجويف الانتصار، وللانتقام من لبنان الذي غيّر معادلة كانت سائدة لسنوات، حيث كان أرضه، وسيادته ومياهه وموارده وحتى عاصمته، مستباحة من العدو..
حقائق يجب أن لا ننساها…