وعي اللبنانيّين وإعلام الفتنة
في يوم عصيب واللبنانيون يحبسون أنفاسهم والقلق من أي مواقف وردود أفعال تتسبب بمناخات تلعب على حبال الفتنة المذهبية خرج بعض الإعلام إلى الشوارع يبحث عن الفتنة ويحرّض عليها ويستغرب عقلانيّة اللبنانيين كما ظهر من الأسئلة التحريضيّة التي حملها مراسلو إحدى القنوات التلفزيونية إلى جمهور محبّي الرئيس رفيق الحريري سائلاً عن كيف سيعبّرون عن غضبهم.
المعادلة الطبيعيّة في مثل هذا المناخ كانت توقع حالات انفعاليّة في الشارع مقابل إعلام مسؤول يواكب التطورات بروح وطنية تسعى لتخفيض التوترات والتأكيد على التهدئة، لكن الذي جرى كان معكوسا حيث كانت عقلانية المواطنين وشعورهم بالمسؤولية هي الضمانة، وكان مصدر الخطر التحريض الإعلاميّ الإجراميّ.
منذ انتفاضة 17 تشرين ولدت في لبنان حالة إعلامية خطيرة تحوّلت خلالها بعض القنوات التلفزيونية إلى دول داخل الدولة. فهي محاكم على الهواء وهي أحزاب ترشح رؤساء حكومات وتسقط رؤساء وتعيّن وزراء وتسقط آخرين وتحرّض على الفتنة وتشتم وتنتهك كرامات وتتحدّى القوانين ولا مَن يسأل ولا مَن يجرؤ على المحاسبة رغم وضوح الصورة لجهة المشاريع التي يخدمها هذا البعض الإعلامي خارج الحدود ووضوح المصالح المالية التي تحركه والعلاقات المشبوهة التي يرتبط بها رغم سقوط الادعاءات الكاذبة التي يختفي وراءها هذا البعض بمزاعم شعبوية لا تنطلي على أحد في ظل تورط أصحابه بعلاقات مخابراتية وشبكات مافيوية ومصالح تجارية بما يجعله أحد أكبر عناوين الفساد.
خطر الحرب الأهلية وخطر التقسيم وخطر الفوضى وخطر تسلل المشاريع الخارجية له اليوم قبل أي عناوين سياسية أو أمنية عنوان إعلامي بحيث تصير المعادلة أصلحوا الإعلام تصلحوا لبنان، وعندما يعود الإعلام لبنانياً يعود لبنان لأهله.