الأمين عاطف ضو المضيء بالمناقب والسلوكية القومية الاجتماعية
من أكثر الرفقاء من منطقة الشوف الذين كنت أرتاح إليهم، مسجّلاً لهم التزامهم القومي الاجتماعي. وقد كان لافتاً بحضوره المناقبي، ووعيه القومي الاجتماعي وبسلوكيّته التي لم تعرف هبوطاً أو تراجعاً.
عرفته منذ ستينات القرن الماضي مترافقاً مع صديقه ورفيقه رؤوف أبو زكي، الذي كنت عرفته بدوري وكانت لي معه علاقة مميّزة امتدت إلى الأمين عاطف والأمين بهيج أبو غانم، وإلى عدد آخر من الرفقاء الذين عرفتهم منذ الستينات، أذكر منهم الأمين أنطون غريب(1)، الرفيق فريد يزبك(2) والمواطن الصديق حسيب أبو ضرغم(3).
رغم اختلافي مع الأمين عاطف تجاه الأزمات التي كانت تعصف في الحزب وتباعدنا إدارياً وتنظيمياً، إلّا أنّي بقيت على حالة متقدمة من العلاقة القومية الاجتماعية، بحيث أنّي لا أذكر أنّي التقيت الأمين عاطف إلّا وكان الودّ سيد الموقف، حتى إذا بلغني خبر وفاته بكيته كما لم أبكِ أحداً.
عند رحيل الأمين عاطف ضوّ كنت أتولّى مسؤولية عميد شؤون عبر الحدود، فعمّمت بهذه الصفة، وتحت عنوان «البقاء للأمة» الكلمة التالية:
«في مأتم مهيب وحاشد شهدته بلدة ديركوشة، ودّع القوميون الاجتماعيون وأهالي دير كوشة ومنطقة الشوف والأصدقاء، الأمين المناضل عاطف ضو، وقد حضر التشييع وفد مركزيّ من قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي ضمّ رئيس المجلس الأعلى الأمين محمود عبد الخالق، نائب رئيس الحزب الأمين توفيق مهنا، عميد الدفاع الأمين وائل الحسنية، عميد شؤون عبر الحدود الأمين لبيب ناصيف، رئيس المجلس القومي الأمين حافظ الصايغ، رئيس مكتب المؤتمر القومي العام الأمين زهير فياض، ومنفذ عام الشوف الأمين نسيب بو ضرغم وأعضاء هيئة المنفذية وعدد كبير من المنفذين العامين والأمناء والمسؤولين.
كما حضر التشييع شيخ عقل الطائفة الدرزية نصر الدين الغريب، عدد كبير من رجال الدين، رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان مُمثَّلاً برئيس دائرة الشوف بسام حلاوي، وفد من قيادة حزب التوحيد العربي، العميد صلاح عيد، وفاعليات وحشد من الشخصيات والمواطنين.
وبعد أن أدّى القوميون الاجتماعيون التحية الحزبية، أُلقيت كلمات تحدّثت عن مزايا الراحل ومآثره، وقد تعاقب على إلقاء الكلمات كلّ من رئيس مجموعة الاقتصاد والأعمال رؤوف أبو زكي، الأمين نصري الصايغ بِاسم أصدقاء الراحل، نائب رئيس بلدية دير كوشة بسام ضو، المختار السابق رياض الدبيسي، مدير عام تعاونية موظفي الدولة أنور ضو، الشاعر سعيد ضو، نظير سعد بِاسم أهالي بلدة الكنيسة ونجل الأمين الراحل، سليم عاطف ضو.
منفذ عام الشوف
أضاء منفذ عام الشوف الأمين د. نسيب بو ضرغم في كلمته على سيرة ومسيرة الأمين الراحل، مؤكداً أنّ سيرته عطرة في صدق انتمائه والتزامه، ومسيرته حافلة بالعطاء والتضحيات، فقد كان مثالاً يُحتذى للثبات القومي على العقيدة.
وقال: «إنّ الأمين الراحل عاطف ضو تحمّل أعباء النضال، وتحمّل المسؤوليات العديدة، وقد شكّل على صعيد منفذية الشوف مرجعاً، ليس للقوميين وحسب بل لجميع أبناء المنطقة، وقد فقدنا برحيله قيمة إنسانية وأخلاقية كانت حاضرة في كلّ الأوقات صلة وصل وانفتاح بين الجميع.
يُذكر أن الأمين المناضل عاطف سليم ضو توفي في 05/03/2012 بعد صراع مرير مع الداء العضال، وهو يعتبر واحداً من المناضلين الذي ترعرعوا في كنف النهضة وتميّزوا بمناقبيّتهم وصدق التزامهم، وإلى جانب ذلك برع في ميدان العمل الإعلامي وترك بصمة في هذا المجال، كما برع في ميدان العمل الاجتماعي والتنموي من خلال ترؤّسه لبلدية دير كوشة.
* * *
الأمين الراحل من مواليد بلدة دير كوشة 01/01/1941، انتمى إلى الحزب بتاريخ 01/01/1959، ومُنح رتبة الأمانة بتاريخ 08/04/1979، ووسام الثبات بتاريخ 13/11/2010.
عُيّن عميداً للاقتصاد في الحزب بين عامَي 1996 و1998، وعميداً من دون مصلحة أكثر من مرة، وتحمّل عدّة مسؤوليات على صعيد منفذية الشوف.
هذا وقد تمّ وضع أكاليل زهر بِاسم كلّ من رئيس الحزب الأمين أسعد حردان ومنفذية الشوف ومديرية دير كوشة.
* * *
أصدرت مجلة «الاقتصاد والأعمال» ملفاً خاصاً عند رحيل أحد أركانها الأمين عاطف ضو، بعنوان: «عاطف ضوّ: الرحيل الموجع»، أوردت فيه النص الحرفي لكلمة الرئيس التنفيذي لمجموعة «الاقتصاد والأعمال»، الرفيق السابق رؤوف أبو زكي، التي ننشرها بالنص الحرفي:
المرجع الإداري والروحي
ما كنت أخال نفسي يوماً في هذا الموقف الصعب، لكن الموت حق وما علينا جميعاً سوى الرضى والتسليم بما كتبه الله لنا.
عاطف، لم يكن بالنسبة لنا في مجموعة «الاقتصاد والأعمال» مجرّد موظف، كان من الأوائل بل ومن رعيل المؤسسين، كان المرجع الإداري والروحي لنا جميعاً.
أبكي عليك يا عاطف أم أبكي معك. سنوات وعقود معاً، في الحياة العامة والخاصة، في ميادين العمل المختلفة. يا أبا سليم، كنت في مجموعتنا مدرسة قيم ومناقب وسلوك، تقف مع الصغير قبل الكبير، تقف مع الفقير قبل الغني. كنت مرجعاً لنا جميعاً، تهدّئ من روعنا عندما ننفعل وتصوّب مسارنا عندما نخطئ. كنت الأمين الأمين، الوفي للأقربين والأبعدين، تحفظ خصوصياتنا، تشاركنا أفراحنا والأتراح.
رأيتك قبل أيام في المكتب تصارع المرض بصبر وبصمت وبإباء، تصارعه بإيمانك الذي لا يتزعزع، بقاعدة الرضى والتسليم التي لم تشذّ عنها يوماً. تلقيت نبأ وفاتك وأنا في الطائرة، ومن طائرة إلى طائرة لأكون معك لحظة الوداع، وما أصعب هذه اللحظة أيها الحبيب.. ما أصعب الفراق، فكيف إذا كان مفاجئاً. كنت أخاف عليك وأخفي خوفي هذا، وأستبدله بشدّ أزرك وبخلق المزيد من الأمل لديك، وإن كنت في قرارة نفسي وبين الأصدقاء أُبدي قلقي عليك، لأنني كنت أعرف حجم المشكلة وكيف أنّ المرض الخبيث أصاب منك مقتلاً، بل غير مقتل. نحن الآن في لحظة الفراق، في لحظة الصدمة. كنت أنا دائماً في حال سفر، وكنت أنت الأمين المقيم في بيروت، عقلك وقلبك ومشاعرك، كل مشاعرك، مع «الاقتصاد والأعمال» التي عشتها معي حلماً وولادة وصعوبة وتحديات، وبقيت في خندقها في حرب لبنان القاسية، تعزّز صمودها واستمراريتها. كم وكم من مرة عقدنا الاجتماعات وسط رصاص القنص وأصوات المدافع. كنت أنا المتحرك الدائم، وكنت أنت الثابت الدائم، الوفي على العهد، الأمين على الرسالة.
باكراً رحلت أيها الحبيب،
كنّا نخطط معاً لنحتفل في مرور 20 عاماً على أول مؤتمر عقدناه معاً في بيروت، وهو أول مؤتمر يُعقد في لبنان بعد الحرب. وكنّا نخطّط، ونحلم معاً للاحتفال بمرور أكثر من ثلاثة عقود على «الاقتصاد والأعمال»، فأي حلم وأي حفل هو الذي يكون في غيابك؟ تركت لنا الوشاح الأسود، تركت لنا الغصّة في الحلم وفي الحفل. عزاؤنا أيها الحبيب في وفائك، وفي البصمات التي تركتها في كلّ عمل قمت به. كنتَ لنا مدرسة سلوك، لم تساوم يوماً على قناعاتك بتأثير أيّ إغراء. بقيت وفياً لمبادئك وقناعاتك المهنية والوطنية والقومية، وفياً لكلّ إنسان تتعامل معه ولكلّ عمل تقوم به. كم بتنا نفتقر إلى أمثالك يا أبا سليم.. عزاؤنا فيك هو أنّ القيم التي مارستها وزرعتها تبقى مستمرة فينا، نتذكّرك مع الأحرف والكلمات التي كنت المصحح والمنقّح والمشذب لها. نتذكرك مع كل منعطف كنّا نمرّ به، حيث تكون لنا الناصح وصاحب الرأي السديد.
عاطف: أنت بالذات الأخ الذي لم تلده أمي، فوداعاً يا أخي، وداعاً أيها الحبيب، وداعاً أيها العاطف العاطف الحكيم.
رحلت باكراً وفي وقت نحن أحوج ما نكون إليك. قريتك دير كوشة أجمعت عليك رئيساً لها في وقت ندر الإجماع، و»الاقتصاد والأعمال» أجمعت عليك حكيماً في وقت عزّ الحكماء.
هوامش:
1 – الأمين أنطون غريب: مراجعة النبذة المعمّمة عنه على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info.
2 – فريد يزبك: من بلدة «كفر نبرخ»، عرفته ناشطاً حزبياً متولّياً مسؤوليات في مديرية كفر نبرخ كما في منفذية الشوف. كان لافتاً بأخلاقه، بصدقه واستقامته، وسويّة التزامه في الحزب. يصحّ أن أكتب عنه.
3 – حسيب ابو ضرغم: من بلدة كفرحيم التي عرفت منها قريبه الأمين د. نسيب ابو ضرغم، منفذاً ناجحاً لمنفذية الشوف. لم يكن الصديق حسيب أدى قسم العضوية، إنما كان مميزاً بأخلاقه، بصداقته للحزب ولعدد من الرفقاء.
4 – شارك في تأسيس مدرسة في منطقة البطريركية – شارع مار الياس، وعمل محرراً في مجلة «الاقتصاد والأعمال» التي كان أسّسها الرفيق السابق رؤوف أبو زكي.